بيع القصور الرئاسية .. باب جديد للفساد .. ام ايرادات مجزية لخزينة الدولة؟
(قصور صدام ملك الشعب العراقي) عبارة كثيرا ما يتداولها السياسيون لكنها اصبحت حبرا على ورق فاغلب القصور استحوذ عليها قادة الكتل السياسية والمتنفذين في الحكومة ، واليوم يتم طرح مقترح حكومي لبيعها وسد عجز الموازنة. القصور الرئاسية ، تعتبر اليوم كنزا تضم بين جنباتها ، التاريخ والتراث والفن والابداع العراقي ، فضلا عن كونها ذاكرة مهمة لتاريخ الشعب العراقي حيث كانت هذه القصور شاهدة على احداث مصيرية ومفصلية في حياته. ويبلغ عدد القصور الرئاسية في العراق ، بحسب مختصين ، نحو 1000 قصر ، 200 منها فقط داخل بغداد ، بينما تحول أغلبها إلى مقرات حزبية وحكومية. وصادرت الحكومة بعد غزو العراق عام 2003 نحو 3 آلاف عقار من أملاك مسؤولي النظام السابق ممن كانوا يشغلون مناصب عليا في القيادة العسكرية أو تنظيمات حزب البعث وأجهزة الأمن. اليوم وبعد ان وقع العراق بفخ اسعار النفط ، اخذت الحكومة العراقية تدرس مقترحات لبيع آلاف العقارات من ضمنها القصور الرئاسية ، بهدف توفير إيرادات لسد عجز الميزانية. ونقلت مواقع إعلامية عراقية عن نواب في اللجنة المالية البرلمانية قولهم ، أن الحكومة يمكنها الحصول على مليارات الدولارات من بيع هذه العقارات ، في ظل ما تواجهه الحكومة من أزمة حقيقية مع تدني أسعار النفط. ويؤكد النائب مسعود حيدر عضو اللجنة ، إن على الحكومة وضع آليات للبيع بطريقة لا تسمح للأحزاب والمسؤولين الكبار بالاستحواذ على هذه العقارات بأثمان بخسة ، مشيرا إلى أن هذه العقارات يجب تقييمها وبيعها في مزادات علنية. وحذر من ' ضياع المبالغ التي ستجنى من بيع العقارات إذا ذهبت دون إدارة رشيدة للأموال '. إلى ذلك ، اعتبر المختص في الشأن الاقتصادي ضرغام محمد علي ، ان بيع اموال وعقارات الدولة لتغطية الاداء الاقتصادي المتعثر للدولة يعد ' اشد انواع الفساد الاداري ضررا على البلاد '. وقال للوكالة الوطنية العراقية للأنباء / nina / ان ' التجارب السابقة على مدى السنوات الماضية التي تم فيها بيع الالاف من عقارات الدولة اثبتت وجود الاف حالات التلاعب والفساد الاداري ولم يتم لحد الان حسم الملفات المشبوهة لصفقات بيع عقارات الدولة للسنوات الماضية على الرغم من اعطاء رئيس الوزراء توجيهات بهذا الصدد '. واضاف ، ان ' اية عملية بيع حاليا ستكون متعجلة من جهة وتحمل شبهة فساد اداري من جهة اخرى ، ما لم يتم استرجاع عقارات الدولة التي تم بيعها لقوى نافذة باثمان بخسة '. واشار علي الى ، ان ' بيع العقارات بشكل متعجل لتغطية عجز السيولة هو خطوة كارثية ' داعيا الحكومة الى ' التحلي بروح المسؤولية وان لا تقدم عليها حيث لم يبق لاجيالنا القادمة شئ '. وشدد على ' ضرورة ايجاد اوجه تنمية وتغيير عبر تعيين وزراء ومدراء تكنوقراط قادرين على ادارة ملف ازمة اقتصادية وليس استسهال الحلول ببيع كل ما يمكن بيعه لتبقى الدولة مفلسة حتى على صعيد الملكية العامة '. وحذر من ان ' مثل هذه الخطوة ستكون خللا تاريخيا لن ينساه العراقيون وسيؤشر عجز الحكومة عن التعامل مع الازمات التي تمر بالبلاد '. فيما طالب رئيس كتلة الدعوة النيابية خلف عبد الصمد ، مجلس الوزراء بتحويل القصور الرئاسية في بغداد والمحافظات الى مراكز ودور للايتام. وقال في بيان له ان ' ملف الأيتام ورعايتهم من الملفات المهمة ، والذي يأخذ منحا خاصا لنا كممثلين للشعب ، خاصة وان وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تمتلك 23 دارا للايتام وهذا العديد غير كاف نظرا لتزايد اعداد الايتام ونظرا لعدم وجود تخصيصات مالية لبناء دور جديدة '. من جانبه طالب عضو اللجنة المالية النيابية حسام العقابي ، الحكومة بوضع آليات قانونية لاسترداد جميع اموال النظام السابق خارج العراق . وقال في تصريح لـ / نينا / ان ' جميع الاموال والعقارات لصدام وحاشيته خارج العراق يجب ان ترد الى الشعب العراقي ' مضيفا ان لجنته تؤيد تشكيل لجنة قانونية من اعضاء لجنة العلاقات الخارجية النيابية لمناقشة هذا الموضوع. واضاف :' نأمل ان نحصل على جميع المعلومات التي تؤكد اماكن وجود اموال خارج البلد لاستردادها ، ونحن من اشد المطالبين بهذا الامر '. فيما اكد الخبير القانوني طارق حرب ، ان تطبيق الدستور يتطلب تشريع قانون برلماني جديد يتضمن انهاء عقود ايجار عقارات الدولة باية صفة كانت وتخليتها من شاغليها سواء اكانت مستأجرة ام مشغولة من قبل (الحواسم) وسواء كانت للاحزاب ام للشركات ام المنظمات ام الاستثمار ام الاجارة الطويلة ام اشغال العقار بدون سند قانوني. واوضح ' ان عملية بيع العقار لا تتم من الناحية الواقعية اذا كان العقار مشغولا لعدم اقبال المشتري على شراء عقارات مشغولة بعقود ايجار او من (الحواسم) ويجب تحديد مدة للتخلية وبخلافه ، اي عند عدم تخلية هذه العقارات او عدم فسخ عقود الايجار والاستثمار والاجارة ، فانها تباع بثمن بخس لا يمكن ان يصل الى ربع القيمة اذا علمنا ان بعض هذه العقارات مشغولة من جهات لا يستطيع اي مستأجر مجرد القول انه يرغب في اخلاء هذا العقار '. الى ذلك كشف عضو اللجنة الاقتصادية النيابية عبد السلام المالكي عن وجود اكثر من/ 20 / مليار دولار اموال وعقارات وقصور تابعة للنظام السابق في دول اوربية ، داعيا ،الحكومة الى متابعة هذه الاموال واستردادها للبلد . وقال في تصريح لـ / نينا / ' ان حكومة المالكي طالبت باسترداد الاموال والممتلكات التابعة لصدام خارج العراق ، وتم اعادة مبالغ كبيرة من العملة الصعبة '. واضاف ان ' اغلب العقارات والاموال اصبحت تحت يد الحكومة العرقية وهي متابعة لهذا الامر من خلال الامم المتحدة ومن خلال السفارات العراقية في تلك الدول '. وتوقع المالكي وجود ' اموال طائلة مسجلة باسماء غير الاسماء الحقيقية لعائلة صدام حسين لاناس من حاشيته تقدر من 18 الى 20 مليار دولار '.واستطرد:' لذلك فان المتابعة من الحكومة الحالية لهذا الامر هي محل اهتمام ليس بقصد ما يمر به البلد من ضائقة مالية او ازمة اقتصادية ، ولكن هذه اموال عائديتها يجب ان تكون تحت خيمة الحكومة العراقية اضافة الى ان هذه الاموال ستكون للشعب العراقي وهذا امر معمول به في كل الحكومات التي تعرضت الى تغيير انظمتها السياسية '. وقال ان ' ما نهب من العراق سواء في فترة النظام السابق او فترة الاحتلال يقدر بمليارات الدولارات ، وعليه لابد من متابعة جادة وحقيقية لهذا الامر وتشكيل لجنة لمتابعة هذا الموضوع '. من جهتها دعت النائبة عالية نصيف الحكومة الى التراجع عن توجهاتها ببيع عقارات الدولة بذريعة معالجة الأزمة المالية ، مبينة ان هذا الإجراء سيثير ضجة كبيرة لأن هناك قرارات حديثة وقديمة /غير ملغاة/ تجيز لمن تمت مصادرة عقاراته بالحصول على دار للسكن. وقالت في بيان :' سبق وأن طالبنا السلطتين التنفيذية والتشريعية بفتح ملف عقارات الدولة والتحقيق في السرقات الممنهجة التي تعرضت لها ، واليوم نرى أن هناك توجهات لدى الحكومة ببيع هذه العقارات ، رغم أن بيعها سيؤدي الى إثارة ضجة كبيرة من قبل أصحابها نظراً لوجود قرارات قديمة غير ملغاة وحديثة تجيز لصاحب العقار الذي تمت مصادرته الاحتفاظ بدار للسكن '. وأضافت :' انه من البديهي ان من سيشتري هذه العقارات هم المفسدون وسراق المال العام ، لأن المواطن البسيط ليست لديه القدرة على شرائها ، فهل سيكون بيعها مكافأة للفاسدين على فسادهم ؟ ' ، مشيرة الى ' ان تحويل هذه العقارات الى مدارس حكومية أو مراكز صحية أو ثقافية أو متاحف ولاسيما القصور أفضل من ترك المفسدين الجشعين يتملكونها ويتنعمون بها '. وبينت نصيف :' ان قيمة هذه العقارات في كل الأحوال لن توفر المال الذي يغذي خزينة الدولة ، كما أن معالجة الأزمة المالية لاتتم من خلال التخبط والقرارات المرتبكة ، وإذا أرادت الحكومة أن تبيع عقارات دون أن تتسبب بإشكاليات قانونية واجتماعية فالأجدر بها أن تبيع ما يمكن بيعه من الأراضي الزراعية المتروكة وغير الصالحة للسكن التي تمتلكها الدولة أو أمانة بغداد أو وزارات البلديات والزراعة ، وهذا الشيء تحدده لجان مختصة تحدد مدى الحاجة أو عدم الحاجة اليها '. ولا تزال القصور الرئاسية بين الرفض والقبول لبيعها وتحويلها الى اموال لسد عجز الحكومة ، اما السؤال : هل ستباع فعلا وتحول لخزينة الدولة ام سيستحوذ عليها (اصحاب الجلالة) في القصر السياسي ؟.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words