لماذا تستطيع داعش اختراق شباب "الوهابية"؟
رغم وجود مؤسسات دينية كبرى في الشرق الاوسط كالأزهر ، ما زال تنظيم داعش يستطيع اختراق عقول الشباب، مستغلا ضعف هذه المؤسسات. فما أسباب هذا الضعف؟..
ان احد هذه الاسباب التي يسوقها تقرير نشرته "دوتج فيلة" الالمانية وتنشره "المسلة" بتصرف، ان اغلب المذاهب الدينية السنية لاسيما الوهابية تماليء السلطان، وتبحث عن الامتيازات المادية الكبى حتى صار رجال الوهابية من اصحاب الثروات يسكنون القصور العالية، ويبذخون على انفسهم وحياتهم، ويقضون اجازاتهم في الدول الغربية والليالي الحمراء، وفي نفس الوقت يدعون الى الجهاد.
بعد أقل من أسبوع على هجمات باريس، أعلنت دار الإفتاء المصرية، عن مبادرة عالمية جديدة بعنوان "not talk in our name" أي "لا تتحدث باسمي"، للتصدي للإسلاموفوبيا، تستهدف غير العرب في مختلف دول العالم، وهي مبادرة ترتكز على إبراز حقائق الإسلام بعدد من اللغات المختلفة منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية، كما أنها تهدف لفضح البنية الأيديولوجية لجماعات التكفير، بحسب مفتي الديار المصرية الدكتور شوقي عبد الكريم .
ولم تكن هذه هي المبادرة الأولى التي تطلقها مؤسسات دينية في مصر لمحاربة الفكر المتطرف، إذ سبقتها نحو 9 مبادرات صدرت من مؤسسة الأزهر ووزارة الأوقاف وحتى دار الإفتاء نفسها والتي ربما تقوم بأكبر جهد في هذا المجال، حيث أصدرت مجلة "Insight" باللغة الإنجليزية للرد على مجلة "دابق" التي ينشرها تنظيم "داعش"، كما أطلقت مرصدا للتكفير في مارس/ آذار 2014.
ويقول حسن محمد مدير مرصد التكفير إن وظيفة المرصد مواجهة الفتاوى المتطرفة وتفنيدها والرد عليها، مشيرا إلى أنهم يستخدمون موقع الفيسبوك بشكل أساسي في محاربة الفكر التكفيري ولتقديم المفاهيم الصحيحة للإسلام لأنه يضم أكبر عدد من الجنسيات، خاصة وأن الصفحة الرسمية لدار الإفتاء تضم أكثر من مليونين و600 ألف معجب.
وكانت دار الإفتاء قد دشنت عددا من الصفحات في هذا الإطار، مثل صفحتَيْ "داعش تحت المجهر" و" مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية"، كما "قدمت منذ أسبوعين للاتحاد الأوروبي ألف فتوى مترجمة لثمان لغات ترد على الأفكار المتطرفة، فضلا عن الاتفاق على اعتماد البرلمان لدار الإفتاء المصرية فيما يخص الفتاوى وقضاياها"، بحسب محمد.
ويضيف أن جهود محاربة التنظيمات المتطرفة امتدت لتشمل أفريقيا حيث ذهب وفد من العلماء إلى السنغال ونيجيريا، كما يتواجد حاليا مستشار المفتي في الولايات المتحدة الأمريكية، ووفد آخر سافر إلى البرازيل.
وتسعى بعض الحكومات مراقبة الخطاب الديني ولحصار الخطاب المتطرف، وكان من بين هذه الإجراءات وضع كاميرات لمراقبة المساجد، وهدم المساجد الصغيرة.
ورغم جهود المؤسسات الدينية الرسمية، فإن الباحث أحمد زغلول، يستبعد قدرة الأزهر والمؤسسة الدينية عامة على مقاومة داعش في الوقت الحاضر، حيث تمتلك المؤسسة رصيدا سلبيًا في وعي الإسلاميين عامة مما يعرقل أدوارها المنتظرة بسبب اختلاف في المنهج، ففي حين أن الأزهر أشعري، يغلب على الإسلاميين المكون السلفي بدرجات متفاوته، كما أن اقتراب شيوخه من الأنظمة الحاكمة ومواقفهم المضادة دائما للتيار المتطرف جعل هناك تحفظًا على التسليم به كمرجعية، كذلك هناك رغبة في منازعتها الدور الديني.
ويضيف زغلول أنه إضافة إلى الحلول السياسية للأزمات المحلية في الدول المتأثرة بداعش فإن جزءا كبيرا من مقاومة التنظيم فكريا يتمثل في ضرورة دحض أفكارهم التكفيرية عن طريق المناظرات"، مشيرا إلى أن "الفصيل الإسلامي الوحيد القادر على تلك المواجهة هي كل من السلفية العلمية، والسلفية المدخلية، لاهتمامهما بهذه القضايا وامتلاكهما أدوات المناظرة فيها".
ويتفق معه الصحفي المتخصص في الشأن الديني عبدالله الطحاوي، الذي يرى أن المؤسسات الدينية الرسمية في وضعها الحالي غير مهيأة لمواجهة الفكر المتطرف والعنف، لأن الجدل حول تلك المسائل تحتاج من الطرف الآخر أن يقتنع بأمرين هما استقلالية وورع العلماء الذين سيناقشونه في تلك المسائل، وهم لا يرون أن هذين المعيارين متوفرين في علماء المؤسسة الدينية".
ويرى حسن محمد أن داعش كانت من مساوئ ثورات الربيع العربي حيث يقول إن تنظيم "أنصار بيت المقدس ظهر بعد الثورة أثناء حكم المجلس العسكري، وقام بعمليات أثناء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي، ثم أعلن مبايعته لتنظيم داعش في حكم الرئيس السيسي.
لكن محمد في الوقت ذاته يؤكد أن من أسباب تطرف الشباب واتجاههم للعنف هو لجوء بعض الشباب الذي كان يمارس السياسة ولم يستطع تحقيقها من خلال السياسة ففكر بالبديل. في المقابل، يشير الطحاوي أن القضية لا تكمن في "من يستطيع محاربة داعش فكريا" وإنما في كيفية مواجهته، خاصة وأن القضية تكمن في معالجة المناخ الحالي، بحسب قوله.
ويرى الطحاوي أن داعش من نتاج الثورات المضادة وليست نتيجة لثورات الربيع العربي، ويؤكد أن المطلوب هو إنجاح مقاصد ثورات الربيع العربي من حكم مدني ديمقراطي رشيد حتى تنتهي تلك الظاهرة.
المسلّة |