عودة هيلاري.. شكوك تتبدد!
تمكنت هيلاري كلينتون، خلال الأسبوعين الأخيرين، من استرجاع قوتها وزخمها باعتبارها المرشحة الأوفر حظاً للفوز بالترشيح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية في 2016، بعد أن تغلبت على الشكوك التي كانت تخيم على ترشحها وتصدرت أخبار الصحف خلال الصيف، وقد ساهمت ثلاثة أحداث في هذه العودة القوية: أداؤها الممتاز في أول مناظرة تليفزيونية بين المرشحين الديمقراطيين في الثالث عشر من أكتوبر الجاري، وإعلان نائب الرئيس جو بايدن في الحادي والعشرين من الشهر ذاته قراره بعدم التنافس على الترشيح الديمقراطي، وأخيراً مهارات كلينتون المذهلة في الصمود خلال جلسة استماع علنية دامت إحدى عشرة ساعة في الثاني والعشرين من أكتوبر حول دورها في الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي في سبتمبر 2012.
خمسة مرشحين شاركوا في المناظرة التليفزيونية الديمقراطية الأولى هم: كلينتون، والسيناتور بيرني ساندرز، وحاكم ميريلاند السابق مارتن أومالي، وسيناتور رود آيلند السابق لينكولن تشافي، وسيناتور فرجينيا السابق جيمس ويب. لكن المنافس الفعلي الوحيد لكلينتون كان بيرني ساندرز الذي كانت مواقفه متباينة مع مواقفها على اعتبار أنه عارض حرب العراق وناقم على 'وول ستريت'، بينما دعمت هي الحرب وعلاقتها ودية مع 'وول ستريت'، لكن المفارقة هنا هي أن ساندرز هو الذي أسدى خدمة كبيرة لكلينتون عندما ندد بانشغال الجمهوريين بدور كلينتون في مأساة بنغازي وتركيزهم على بريدها وخادم بريدها الإلكترونيين، إذ قال 'أعتقدُ أن الشعب الأميركي مل وضاق ذرعاً بسماع أخبار رسائل بريدك الإلكتروني الملعونة'.
في اليوم التالي، أجمع كل المحللين على أن كلينتون هي الأفضل حتى الآن من بين كل المرشحين الديمقراطيين، وأنها قطعت شوطا طويلا في اتجاه استعادة مصداقيتها. ولا شك أن أداءها الممتاز لعب دوراً في إعلان نائب الرئيس جو بايدن أنه قرر بعد تفكير طويل عدم دخول السباق الديمقراطي، مزيحاً بذلك العقبة الرئيسية أمام وضع كلينتون باعتبارها المرشحة الأوفر حظاً.
وبعد ذلك، مثلت كلينتون أمام اللجنة الخاصة حول هجوم بنغازي التي شكلها مجلس النواب. كانت الشاهد الوحيد، وقد دام حضورها أكثر من 11 ساعة (تخللتها استراحتان). وبشكل عام، أدلت كلينتون بشهادتها لأكثر من 8 ساعات أمام 7 جمهوريين عدائيين و5 ديمقراطيين ودودين. وعلى الرغم من الضغوط القوية التي مارسها الجمهوريون بخصوص دورها في هجوم بنغازي ومسؤوليتها عن موت السفير وثلاثة موظفين أميركيين آخرين، إلا أنهم لم يتمكنوا من الإيقاع بها أو استدراجها إلى أخطاء أو اعترافات أو تصريحات متناقضة تُظهر أنها مرتبكة ومنزعجة من الأسئلة، وفي ختام اليوم الطويل، اضطر رئيس اللجنة نفسه للاعتراف بأن لا شيء جديداً تم الكشف عنه خلال جلسة الاستماع. كما اعترف الأنصار الجمهوريون بأن جلسات الاستماع لم تضر بكلينتون وأنها بالتالي لم تحقق الهدف الذي عقدت من أجله.
وعليه، فيبدو طريق كلينتون اليوم للظفر بترشيح الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية أسهل بكثير مما كان عليه قبل بضعة أسابيع. صحيح أن ثمة الكثير من الأشياء التي قد تنحو منحى سيئاً بالنسبة لها.
وعلى سبيل المثال، فالجمهوريون يتحدثون كثيراً عن سنها (68 عاماً) وصحتها، كما أنها مازالت تسجل معدلات عدم رضا مرتفعة بين الجمهور العام الذي لا يثق فيها. ثم إنها، وعلى غرار كل المرشحين، مازال أمامها أكثر من سنة لارتكاب أخطاء وإضعاف حظوظها، غير أن ما أظهرته كلينتون خلال جلسات الاستماع هو أنها امرأة حذرة جداً استعدت جيداً للهجمات التي تلقتها من خصومها. ومع خروج نائب الرئيس بايدن الآن من المشهد ووقوف زوجها بيل كلينتون إلى جانبها، فلا شك أنها ستحظى بدعم الرئيس أوباما الذي سيرغب في أن تحافظ على تركته.
إن ما ينبغي على كلينتون أن تقوم بها للفوز بدعم وتعاطف المشككين الذين لا يحبونها في الواقع هو أن تُظهر أنها تفهم استياء وإحباط الأميركيين العاديين من الاقتصاد، والهوة المتزايدة بين الأغنياء والفقراء، وشلل المؤسسات السياسية في واشنطن بسبب سلوك السياسيين. غير أنه لا يمكنها أن تقول إنها آتية من خارج واشنطن بالنظر إلى انخراطها العميق في الحياة السياسية الأميركية منذ انتخاب زوجها في 1992. وبالتالي، فيجدر بها أن تستعمل تجربتها لاقتراح إصلاحات واقعية للنظام السياسي تكون قابلة للتحقيق وذات مصداقية. إنها مهمة غير يسيرة، ولكن كلينتون امرأة مكدة ومصممة وتؤمن بأن مصيرها هو أن تكون أول رئيسة للولايات المتحدة.
جيفري كمب
الاتحاد الاماراتية |