من هم المندسّون بين تظاهرات العراقيين؟

مَنْ هم هؤلاء المندسون الذين يعتبرهم داعمو الإرهاب في مؤتمر الدوحة ودواعش السياسة في الداخل، نافذتهم الى زرع الفوضى، وحرف التظاهرات عن أهدافها.

بعد نحو أسابيع من انطلاق التظاهرات والاحتجاجات على سوء الخدمات واستشراء الفساد، بدأت أهداف التدخلات الخارجية والداخلية المتضررة من عمليات الاصلاح الماضي في تطبيقها رئيس الوزراء حيدر العبادي، تتّضح بصورة جلية مع انعقاد مؤتمر الدوحة الذي يسعى إلى رسالة مفادها إن المشاركين فيه لهم دور في التظاهرات، حفاظا على الدعم المقدم لهم من قطر والسعودية ودول إقليمية، فيما الحقيقة تقول العكس، إذ لا يحظى هؤلاء بتأييد جماهيري إلا بين المندسين الذين قبضوا ثمن أعمالهم مقدما لتحريف التظاهرات عن مقاصدها.

لكن، مَنْ هم هؤلاء المندسون الذين يعتبرهم داعمو الإرهاب في مؤتمر الدوحة ودواعش السياسة في الداخل، نافذتهم الى زرع الفوضى، وحرف التظاهرات عن أهدافها.

هذه السؤال، يجيب عنه اعلاميون ومحللون سياسيون تحدثوا لـ"المسلة"، عن الجهات التي تقف خلف كواليس، ومحاولات جر التظاهرات الى مرحلة الصدام مع القوات الامنية وادخال البلد في الفوضى.

وتقول مصادر "المسلة" بين المتظاهرين، ان تلك الجهات تسعى عبر المندسين، الى جر التظاهرات   إلى العنف، ورفع شعارات ضد جهة معينة وسياسيّ طائفة معينة دون غيرها ونقل التظاهرات الى الوسط والجنوب كون تلك المحافظات تمثل العمود الفقري للبلد فالخلل الامني فيها يجر البلاد الى فوضى لا يحمد عقباها.

وكانت وثيقة في 20 اب 2015 صادرة عن وزارة الداخلية حذرت من قيام أتباع أحمد اليماني ومحمود الصرخي المطلوبيين للقضاء العراقي بالمشاركة في التظاهرات التي تقام في عدد من محافظات الوسط والجنوب.

"المسلة"، التقت بعدد من الناشطين والاعلاميين والمحللين السياسيين واستطلعت آرائهم حول هوية المندسين الذين يسعون الى جر البلاد الى مرحلة الفراغ الامني والسياسي وتشويه العملية السياسية والسعي الى الانقلاب عليها.

فمن وجهة نظر الاعلامي فلاح الشمري فان "كل من يحاول العبث بالتظاهرات يمكن أن يُميّز بسهولة، كما يتوجب تشكيل فرق مهمتها التدقيق بالاشخاص غير المعروفين او ذوي التاريخ المرتبط مع جهات مشبوهة، ويتم مراقبتهم و اخبار الجهات الامنية باسمائهم وصفاتهم للحفاظ على سلمية وزخم المظاهرات".

الشمري وهو صحافي في بغداد يؤكد في حديث لـ"المسلة"، ان "اتباع الصرخي و البعثيين متساوون في الحقد على الشعب العراقي، ومحاولة العبث بالتظاهرات عبر تصعيد المطالب او النيل من الجهات المسؤولة عن طريق اقتحام المجالس المحلية او المحافظات".

وكانت النائبة عن محافظة البصرة رحاب العبودة قد اتهمت في 26 اب 2015، مخابرات اجنبية لم تسمّها، بالعمل على زعزعة الاستقرار.

من جانبها، اكدت الصحافية نور الشطري التي تعمل في احدى وسائل الاعلام المحلية في بغداد في حديث لـ"المسلة"، ان "التظاهرات اصبحت مسيّسة الى جهات محددة، ولذلك فقدت بريقها ومصداقيتها، وان أعمال الشغب التي حدثت في بابل وكربلاء المقدسة والناصرية ما هي الا نتيجة حتمية عن دخول المندسين الذين يتأثرون بخطاب الشرقية والبغدادية لتحويل الانتفاضة الى انقلاب على الحكومة وإدخال البلد في فوضى سياسية".

وفي مدينة كربلاء جنوبي بغداد، قالت مصادر امنيه في 7 آب الجاري لـ"المسلة" بأن المندسين حاولوا تحريف تظاهرات الجمعة الماضية عن اهدافها، وكان على راس المندسين لهذا الغرض جماعة الصرخي، الفار من وجه العدالة، بعدما هتفوا بشعارات بين الناشطين والمواطنين في المحافظة، احتجاجا على سوء الخدمات ومحاسبة المفسدين.

بموازاة ذلك، قال الصحافي محمد مؤيد، في بغداد، في حديث لـ"المسلة"، بان "علينا ان لا ننسى أدوار اعلاميين ونشطاء مجتمع مدني كما يسمون انفسهم، يتلقون الدعم من رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني وهم الأيدي الخفية التي يحركها البارزاني من اجل احداث الفوضى وابعاد الانظار عن الفراغ الدستوري الذي يعيشه الاقليم اليوم بعد انتهاء ولايته ورفضه الخروج من منصبه".

وفي ذات الوقت، كشفت مصادر إعلامية وسياسية لـ"المسلة" عن تجنيد قنوات إعلامية للنقل المباشر للتظاهرات والتركيز على شعارات وجماعات معينة، لغرض إبرازها، كما كشفت عن إن رجل الأعمال العراقي المقيم في العاصمة الأردنية، عمان، فاضل الدباس، المتورط في صفقة سونار المتفجرات المزيف، يمول أشخاصا يشتركون في التظاهرات، ويعتدون على الناشطين لكي يتهموا القوات الأمنية باقترافها.

الصحافي حسن الشمري تحدث لـ"المسلة"، عن "هناك اجندات داخلية وخارجية مدعومة من قطر والسعودية تسعى لضرب التظاهرات العفوية السلمية التي خرجت قبل نحو اربعة أسابيع مطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين"، داعيا المتظاهرين والأجهزة الأمنية أن "يكونوا حذرين من تلك المخططات المشؤومة".

المحلل السياسي عبد العزيز العيساوي يؤكد على ان "هناك اذرع مؤثرة في بغداد ومحافظات الجنوب تعمل على احداث الفوضى ومنها الاجندة الدولية المرتبطة بسياسيين مرتبطين باجندة خارجية".

العيساوي يضيف في تصريح لـ"المسلة"، بان "هدف التظاهرات الان واضح وهو ضرب الساسة الشيعة والتشهير بهم، و احداث الفوضى في المناطق الوسطى والجنوبية الجنوبية من خلال اعمال الشغب التي حدثت مؤخرا في بعض المحافظات"، مبينا انه "الايمكن ايضا ان ننسى دور البعث في الاحداث الراهنة".

مقابل تحركات وشكوك المندسين، ينظر عراقيون الى قرارات الحكومة بانها الطريق لقصم ظهر الفساد، عبر اصلاحات تحقق اهدافهم وتلبي دعوات المرجعية الرشيدة ، مع الحرص على ان تكون التظاهرات بعيدة عن مخططات تسعى الى جعلها بوابة للفوضى. 

المسلّة