أوربا تجدّد مخاوفها من هجرة "إسلامية"
توطين المهاجرين في مناطق خالية، وحتى برضاهم، شيء مضحك، فكيف لهم أن يندمجوا مع المجتمع وهم يعيشون في مناطق خالية من البلاد، حيث لا اقتصاد ولا سكان.
استدعت أزمة اللاجئين المروعة في أوروبا، والتي لم تشهد لها القارة مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية، جميع أنواع عناوين الصحف ونشرات الأخبار، من ذلك تحسر صحيفة بريطانية يمينية التوجه، على موجات اللاجئين الذين احتشدوا عند ميناء كالي الفرنسي من أجل المخاطرة بحياتهم، وعبور القناة الإنجليزية كي يصلوا إلى ميناء دوفر، على الساحل البريطاني.
هناك إمكانية الاستفادة من المهاجرين في إحياء القطاع الزراعي في عدة مناطق وفي افتتاح محال وبوتيكات تبيع منتجات صناع وحرفيين مهرة أو افتتاح مطاعم وفنادق يكون لها أثرها الإيجابي في تنشيط السياحة وفي هذا السياق، تقول صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في تقرير تابعته "المسلة"، إن معارضي الهجرة في ألمانيا هاجموا مراكز طالبي اللجوء، وأما هنغاريا فقد دفعت موجة هائلة من اللاجئين حكومتها للتسريع ببناء سور حدودي، وحذرت من أنها سوف تنشر جيشها لمواجهة عشرات الآلاف ممن يرغبون بالوصول إلى ملاذات آمنة، في الاتحاد الأوروبي.
رأي آخر وتراجع سكاني
لكن ظهر في أكثر من دولة في شرق أوروبا رأي آخر، يرى احتمال أن تحمل تلك الموجات من المهاجرين فائدة لتلك البلاد، حيث اقترح مسؤول كبير في صربيا، وهي من الدول التي أصبحت ممراً رئيسياً لآلاف المهاجرين من الشرق الأوسط، ومنهم لاجئين هاربين من لهيب الحرب الأهلية في سوريا، السماح للمئات بالإقامة في القرى التي تعاني من نقص السكان، كما قبلت سلوفاكيا قبول 200 لاجئ سوري بشرط أن يكونوا مسيحيين.
وبحسب وكالة رويترز للأنباء، تناقص عدد سكان صربيا بأكثر من ٥% منذ عام 2002، وذلك نتيجة ضعف معدلات الولادة، وهجرة العمال الشباب إلى دول أكثر غنى وازدهاراً، كما تتوقع بعض الدراسات بشأن تعداد السكان وتوزعهم، حدوث تراجع هائل في أعداد سكان دول أوروبا الشرقية خلال العقود المقبلة.
وعلى خلاف هنغاريا، لم تنضم صربيا إلى الاتحاد الأوروبي، ولذا لا يدخل هذا البلد ضمن منطقة الشينغين، والتي تسمح بالتنقل بحرية داخل حدود دول الاتحاد الأوروبي، وقد دخل حوالي 100 ألف مهاجر الأراضي الصربية في العام الجاري، ومعظمهم يأمل بأن يكملوا الرحلة باتجاه الغرب الأوربي.
وقالت ممثلة صربيا في منظمة حماية المساواة، برانيكا جانكوفيتش، لمحطة تلفزيونية محلية: "يجب أن نفكر بالسماح لهم بالإقامة في مناطق من صربيا خالية من السكان"، كما اقترحت أن يتم مراقبة مجموعة مختارة من اللاجئين، وذلك لدواعٍ أمنية.
فكرة قديمة
وتشير "واشنطن بوست" إلى أن الفكرة التي طرحتها المسؤولة الصربية غير جديدة ولا غريبة، حيث أفادت، مثلاً، هجرة أعداد كبيرة من الأمريكيين اللاتينيين(من أمريكا الوسطى) إلى الولايات المتحدة، في إعادة السكان والحياة إلى عدد من البلدات الريفية، والتي كانت على وشك الانقراض.
وفي بداية العام الجاري، اقترحت الكاتبة الإيطالية سيلفيا مارشيتي أن يتبنى بلدها إجراءات مماثلة من أجل إحياء بعض من 6 آلاف بلدة تحولت إلى مناطق أشباح، وخلت إثر تعرضها لحروب وكوارث وهجرات.
وينطبق الشيء نفسه على مناطق مهجورة تمتد عبر جنوب وشرق أوروبا، حيث تراجعت نسبة الولادات إلى مستويات حادة، وحل ركود اقتصادي شديد.
فائدة زراعية
وكتبت مارشيتي: "هناك إمكانية الاستفادة من المهاجرين في إحياء القطاع الزراعي في عدة مناطق، وفي افتتاح محال وبوتيكات تبيع منتجات صناع وحرفيين مهرة، أو افتتاح مطاعم وفنادق يكون لها أثرها الإيجابي في تنشيط السياحة".
ولكن، كما تقول "واشنطن بوست"، لا تلقى مثل تلك المقترحات آذاناً صاغية من معظم صناع السياسة في القارة الأوروبية، وخاصة جراء مخاوف شعبية من هجرة إسلامية، وتململ بعض تلك الدول، وخاصة في الشرق الأوروبي، من اضطرارهم للتعامل مع أزمة ليست من صنعهم، حيث استقبل اقتراح جانكوفيتش بريبة من قبل البعض.
وقال محلل سياسي صربي لوكالة رويترز: "إن توطين المهاجرين في مناطق خالية، وحتى برضاهم، شيء مضحك، فكيف لهم أن يندمجوا مع المجتمع وهم يعيشون في مناطق خالية من البلاد، حيث لا اقتصاد ولا سكان؟".
المسلّة |