كردستان... رئيسان وعاصمتان
يبدو جليا إن إصرار بارزاني على التمديد لرئاسته، فسح المجال للأطراف الخارجية بالتدخل، ما يعد مؤشرا على فشل بارزاني في اقناع الأطراف الكردية بالتمديد له وفشل التجربة الديمقراطية الكردية في إرساء منهج ثابت في اختيار الزعامات.
فيما يصرّ رئيس إقليم كردستان إلى ولاية جديدة يكرّس فيها انفراديته، تسعى اطراف داخلية ومحلية الى حل المشكلة السياسية التي تتفاقم في الإقليم، فقد اعترف السياسي الكردي، محمود عثمان، ان إيران والولايات المتحدة الأمريكية، تشاركان في اجتماعات الأحزاب السياسية المنعقدة من أجل حل أزمة الرئاسة في إقليم كردستان العراق.
وفي ذات الوقت وُجّهت دعوات إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتدخل لحل مشكلة اختيار رئيس جديد للإقليم بحسب المادة 78 من الدستور العراقي، التي تمنح الحق لرئيس الوزراء العراقي في تعيين شخص لتولي منصب رئاسة إقليم كردستان لحين إجراء الانتخابات واختيار رئيس من قبل الشعب.
وكشف مصدر مقرب من رئيس حركة التغيير الكردستانية شيروان مصطفى، الاحد الماضي، إن الحركة تطالب رئيس الحكومة الاتحادية حيدر العبادي باستخدام صلاحياته الدستورية في التدخل لإنهاء أزمة رئاسة الإقليم.
وأكد عثمان، وهو سياسي عاصر الزعيم الكردي الراحل مصطفى بارزاني، أن "البلدين المذكورين يعملان من أجل مصلحتهما الخاصة، ويضعان مشاريعهما الخاصة على طاولة المفاوضات، وبناء عليها يوجهان الأطراف الأخرى"، مضيفًا" "لم يحلا (الولايات المتحدة وإيران) مشاكلنا في أي وقت من الأوقات، على العكس، عقدا الوضع أكثر مما كان عليه".
وأشار عثمان، في تصريحات تابعتها "المسلة" في وسائل إعلام عربية، إلى أن الصراع القائم بين الأحزاب الخمسة الكبرى في برلمان كردستان العراق، يؤثر سلبًا على الأمن في الإقليم.
ويواجه الإقليم أزمة دستورية خطيرة تتمثل بانتهاء الفترة الثانية لرئاسة مسعود بارزاني للإقليم، حيث حدد دستور الاقليم فترتين لرئاسة الإقليم لا يجوز تمديدها، مع وجود رغبة للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يرأسه بارزاني بمنح رئيسه فترة ثالثة عبر تغيير الدستور، وهو الأمر الذي ترفضه عدة قوى سياسية كردية. فيما أبرز الاعلام الكردي الكثير من المقالات، التي ترفض تغيير الدستور وتنتقد سياسة حكومة بارزاني.
ويبدو جليا إن إصرار بارزاني على التمديد لرئاسته، فسح المجال للأطراف الخارجية بالتدخل، ما يعد مؤشرا على فشل بارزاني في اقناع الأطراف الكردية بالتمديد له وفشل التجربة الديمقراطية الكردية في إرساء منهج ثابت في اختيار الزعامات.
وشارك ممثلون أمريكيون وأمميون في اجتماع حضرته جميع الأحزاب السياسية في أربيل، وحذروا الجميع من مغبة الوضع، وأن عدم الاستقرار السياسي سيؤثر سلبًا على مكافحة تنظيم داعش.
وتتحكم في الإقليم حكومتان في الواقع على رغم ان الظاهر هو حكومة واحدة في أربيل، إذ أن هناك حكومة وحدود قائمة لدولة الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل ودهوك، وحكومة وحدود تحت نفوذ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية.
وينقسم النفوذ السياسي والأمني وحتى الاقتصادي بين هذين الطرفين.
وحمّل عثمان، الأحزاب السياسية مسؤولية الأزمة الحالية، مضيفًا بان "السبيل الوحيد للحل هو الانتقال من نظام الأحزاب السياسية إلى نظام الحكومة. يجب فصل الأمور عن بعضها، وصياغة دستور جديد بأقرب وقت".
وكانت الأحزاب السياسية الخمسة، وهي الديمقراطي الكردستاني و الاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة التغيير الكردية، والاتحاد الإسلامي، والجماعة الإسلامية، عقدت الخميس اجتماعاً من أجل بحث وضع رئيس الإقليم، مسعود بارزاني، الذي انتهت ولايته الرئاسية في 20 آب/ أغسطس الجاري.
وتؤكد حركة التغيير الكردية، التي تتزعم المعارضة، ضرورة أن يتم توكيل رئيس البرلمان، يوسف محمد، لشغل المنصب رئيس الإقليم عقب انتهاء فترة رئاسة البارزاني. أما الحزب الديمقراطي الكردستاني فيصر على ضرورة استمرار بارزاني بالرئاسة، حتى انتخاب رئيس جديد، بموجب قرار اتخذته لجنة وزارة العدل.
المسلّة |