الفساد يحمي آلاف المتجاوزين على شبكة الحماية الاجتماعية
المئات من المحرومين من شبكة الحماية الاجتماعية في العراق مثل حالة نبيل، ليس لديهم اي اعانة اجتماعية، بسبب الفساد الاداري والمالي وتدخل جهات متنفذة بإدخال اشخاص غير مشمولين فيما استبعد اخرون لهم الحق في شبكة الحماية.
مضى على تقديم اسمه في شبكة الحماية الاجتماعية اكثر من ثمانية سنوات، الا انه لم يستلم اي راتب، ولم يحصل على اي حقوق منذ تقديم اسمه كعاطل عن العمل في العام 2007 ولغاية اليوم، لا يعرف لماذا لا يتم ادراجه ضمن مستحقي راتب الحماية الاجتماعية.
نبيل احمد، يعمل كسائق تكسي في سيارة اجرة ليست له، بل لاحد اقربائه يضطر كل يوم الى تسليمه مبلغ من المال.
و نبيل المتزوج منذ 1990 ولديه اكثر من خمسة أبناء، يكشف عن معاناته في حديث لـ"المسلة"، بأنه "لا يملك اي امل في أن يستفيد من شبكة الحماية الاجتماعية التي اصبح التسجيل فيها من خلال الواسطة" على حد وصفه.
ويضيف احمد "هنالك من يستلم راتب الحماية ولم يمض على ادخال اسمه لدى الجهات المعنية سوى اشهر، بفعل الواسطة التي يقودها مسؤولون محليون".
المئات من المحرومين من شبكة الحماية الاجتماعية في العراق مثل حالة نبيل، ليس لديهم اي اعانة اجتماعية، بسبب الفساد الاداري والمالي وتدخل جهات متنفذة بإدخال اشخاص غير مشمولين فيما استبعد اخرون لهم الحق في شبكة الحماية.
في الجانب المقابل لهذه المعاناة التي تشمل الكثير من الفقراء في العراق، شدد رئيس هيئة النزاهة حسن الياسري على ضرورة استثناء المستفيدين من شبكة الحماية الاجتماعية من برامج التقشف التي تنتهجها معظم المؤسسات الحكومية والبحث عن السبل الكفيلة لتقديم أفضل الخدمات لها، ووضْع حدٍّ لتجاوز بعض ضعاف النفوس من غير المستحقين على برنامجها.
ولعل هذه المعاناة المستحكمة في الحياة العراقية، دفعت مكتب المرجع الأعلى السيد على السيستاني، في شباط 2015، الى التأكيد على أنه "لا ترخيص" في مخالفة الضوابط القانونية وتعليمات الجهة المختصة المانحة لإعانة شبكة الحماية الاجتماعية، وشدد أنه لا يحل التصرف في المال المأخوذ بغير وجهه القانوني ويجب إرجاعه الى خزينة الدولة.
ان احد أوجه الفساد الطاغي على الكثير من فعاليات شبكة الحماية الاجتماعية، ما كشفه وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني في 12 تموز 2015 عن وجود (8851) متجاوز يتقاضون رواتبَ من الشبكة الاجتماعية، إضافة إلى رواتبهم التي يحصلون عليها من وزارات ودوائر أخرى، فضلاً عن (6761) متجاوز ثبت أن لديهم تحاسباً ضريبياً، ليصل عدد المتجاوزين على برنامج شبكة الحماية الاجتماعية إلى أكثر من (22) ألف متجاوز.
ويعتقد مسؤول في شبكة الحماية الاجتماعية في محافظة ذي قار، فضل عدم الكشف عن اسمه، في حديث لـ"المسلة"، بأن "الاسباب التي ادت الى حصول هذه التجاوزات هو حداثة التجربة وافتقار شبكة الحماية الاجتماعية الى فرق البحث والاستقصاء الكافية".
وتابع "فضلا عن عدم التخطيط والعشوائية في بداية عمل شبكة الحماية الاجتماعية عام 2006 الى جانب الافتقار إلى آلية التحري عن طبيعة وواقع حال المستفيدين من الاعانة".
وعملت شبكة الحماية في خلال الأعوام القليلة الماضية على تدقيق بيانات المستفيدين ما أدى الى كشف عن عدد كبير من المتحايلين على أموال الشبكة".
وفي ذات السياق، اعلن مجلس محافظة واسط في شباط 2015 عن اكتشاف الالاف المتجاوزين على اموال برنامج شبكة الحماية الاجتماعية، على خلفية ظهور معلومات تؤكد تعيينهم في دوائر اخرى، دون قيامهم باخبار دائرة العمل والشؤون الاجتماعية في المحافظة.
ويؤدي التجاوز على رواتب الرعاية الاجتماعية الى هدر اموال طائلة من ميزانية الدولة.
وكانت الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر قد صنفت محافظة ذي قار في العام 2013 ضمن المحافظات الأكثر فقراً وقدرت الحكومة المحلية في ذي قار نسبة الفقر في المحافظة بـ 37،8% فيما تشير بيانات وزارة التخطيط إن نسبة العاطلين عن العمل في المحافظة تصل الى اكثر من 30%.
ويوضح عضو لجنة الرعاية الاجتماعية في مجلس ذي قار عبد الرحمن الطائي في تصريح لـ"المسلة" بأن "المحافظة لديها برنامج حول المستفيدين في الرعاية الاجتماعية بعد ان تم التعاقد مع 150 خريج من الاختصاصات علم النفس والارشاد التربوي بصفة الباحث الاجتماعي".
وتابع "ان المشاكل التي حصلت سابقا وكثرة اعداد المتجاوزين على شبكة الحماية الاجتماعية بسبب غياب الالية فيها"، لافتا الى "وجود الباحث الاجتماعي الذي من المفترض انطلاقه في اب المقبل على امل حل المشاكل".
واضاف "ستكون مهمة الباحث الاجتماعي ميدانية لتقييم العوائل ومن ثم وضعها في برنامج الحماية، والتي بدورها ستكشف عن اعداد المتجاوزين واصحاب الدخول الاخرى الذين يملكون رؤوس اموال".
ويوضح الناشط المدني والاعلامي مصطفى الفارس في حديث لـ"المسلة" بأن "الفساد المالي والاداري هو من اوصل شبكة الحماية الاجتماعية لهذه المشاكل والعراقيل، دون وجود أي تخطيط في استيعاب المشاكل ووضع الفقراء في هذه الشبكة من اجل حمايتهم.
وتابع "على الدولة ان تضع الية مناسبة وهي كشف حالات الفساد من خلال تسيير فرق جوالة ميدانية من باحثين اجتماعيين، وكذلك وضع برنامج مقابلة مع الفقراء لغرض ادراجهم، وايضا منع دخول الاحزاب وتسلطها في فرض اسماء معينة، بذلك نضمن عدم تخريبها ونجاح عملها".
وتتضمن الفئات المشمولة بإعانة شبكة الحماية الاجتماعية، كل عاجز بسبب الشيخوخة وقد بلغ من العمر اكثر من 65 سنة، وان يكون عاجز بسبب المرض وقد تجاوز الـ15 سنة ويتضمن (اصحاب الامراض، المعاق، الشلل، المتخلف عقليا،، الصم والبكم).
وايضا يشمل، الشلل الرباعي بغض النظر عن العمر، والمكفوف وبغض النظر عن العمر، واليتيم، كل طفل توفي والداه او توفي والده وتزوجت امه، وكذلك ذوي الدخل المحدود ويستثني شرط العمر لكل الفئات، وكذلك المطلقات والارامل،اضافة للعاجزين من عمر 60 سنة والمتوقع تطبيقه خلال السنة الحالية.
وكانت وزارة التخطيط، أصدرت في 27 تشرين الثاني 2012، تقريرا عن نسب الحرمان ومستوى الفقر في العراق، أكد أن نسب الفقر تجاوزت حاجز الـ30% بالمائة وأن اقل المحافظات حرمانا هي الأنبار وبغداد وكركوك والبصرة ومحافظات كردستان، في حين اعتبر التقرير، محافظات ميسان والمثنى والقادسية وذي قار من اكثر المحافظات حرمانا، وبلغت فيها نسبة المحرومين حوالي خمسين بالمائة.
ومعدل ما يستلمه المشمول بشبكة الحماية الاجتماعية من 100 الف الى 150 الف دينار عراقي كل شهرين، ويتم توزيع هذه الرواتب من خلال منافذ مصارف الرافدين ومكاتب البريد الموزعة في كافة المحافظات العراقية.
المسلّة |