أزمة السكن في العراق .. مخاطر اجتماعية وحلول بطيئة!
اعتبر مركز بحثي عراقي أزمة السكن من التحديات الكبيرة، التي تواجه العراق خلال الفترة الحالية وفي المستقبل ولعدة أسباب (سياسية، أمنية، إدارية، واقتصادية).
واضوح مركز المعلومة للبحث والتطوير في تقرير ارسلت نسخة منه الى (كتابات) إن غياب الاستراتيجيات الواضحة المعالم طويلة الأمد أيضا تساهم في توسع هذه المشكلة، والتي من الممكن إن تكون لها تبعات اجتماعية تؤثر على النسيج الاجتماعي للمجتمع. إن قطاع الإسكان قطاع حيوي وبحاجة إلى إدامة وتجديد وبناء مستمر نتيجة للزيادة الطبيعية المستمرة للنمو السكاني في العراق والذي قدره الجهاز المركزي للإحصاء في عام 2012 بــ 2.9%، إلا إن عملية بناء المساكن في العراق تسير بوتيرة بطيئة جدا، ولم يكن هناك مشاريع عملاقة منجزة على ارض الواقع، حيث لم تتعدى تلك المشاريع العملاقة سوى تصريحات للمسؤولين الحكوميين.
الحق في السكن
كفل دستور عام 2005، السكن للمواطنين إذ نصت المادة (30 / ثانيا) على (تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة أو المرض أو العجز عن العمل أو التشرد أو اليتم أو البطالة، وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقة، وتوفر لهم السكن والمناهج الخاصة لتأهيلهم والعناية بهم ، وينظم ذلك بقانون)، وهو ما لم يأخذ طريقه للتنظيم بقانون من شانه إفادة شريحة واسعة للمجتمع، وذلك لاستمرار المشكلات السياسية التي أثرت في تحديد الأولويات فيما يتعلق بالتشريعات، وكانت من ابرز الأسباب لإغفال تشريع هذا القانون المهم. هذا وشرع مجلس النواب العراقي قانون صندوق الإسكان ذي الرقم 32 لسنة ،2011 والذي يمنح الافراد القروض على شكل دفعات من اجل بناء مساكن لهم، وأتاح هذا الصندوق فرصا محدودة لبناء مساكن لأكثر من 500 إلف مستفيد.
ليس هنالك أدنى شك في مدى جدية أزمة السكن في العراق ولاسيما في مراكز المدن الكبرى مما يعد أمرا طبيعيا في حالة النمو السكاني المتسارع، فضلا عن الهجرة الداخلية المتمثلة بهجرة الريف إلى المدينة، والهجرة والتهجير بسبب الانهيار الأمني والعمليات العسكرية، كذلك أخفاق مشاريع الإسكان السابقة والحالية (قيد الانجاز) في استيعاب الأعداد الهائلة من المواطنين.
العشوائيات وازمة السكن
تنتشر اليوم عشرات الآلاف من المنازل العشوائية، غير المخطط لها وقليلة الخدمات والتي تزايدت بسبب الظروف الامنية التي اضطرت الكثيرين الى الهجرة من مناطقهم الأصلية، كما إن تزايد نسبة الفقر لتصل إلى 19% حسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، وهذا الأمر أدى بالكثيرين الى اللجوء إلى هذه العشوائيات، كما ان الهجرة من الريف الى المدينة واحدة من اسباب توسع هذه المستوطنات العشوائية. ويشير الخبير الاقتصادي باسم جميل في لقاء صحفي الى ان أزمة السكن التي يعانيها العراقيين اليوم كبيرة جدا وقد بلغت نسبة الذين بحاجة الى وحدات سكنية من العراقيين 54% ، واتضح ان حاجة العراق الى الوحدات السكنية لغاية نهاية عام 2006 تصل الى (مليوني) وحدة سكنية وباحتساب الزيادة السكانية بمعدل 3% على مدى السنوات المقبلة ستصل الحاجة الى اكثر من 3.5 مليون وحدة سكنية لغاية عام 2012 علما ان العجز متواصل نتيجة تقادم الوحدات السكنية القائمة.
السياسة الوطنية للإسكان
وضعت الحكومة العراقية عن طريق وزارة الاعمار والاسكان سياسة الاسكان الوطنية خلال العام 2010 والذي حدد جملة من التحديات التي تواجه تنفيذ هذه السياسة منها:
1_ ان التوازن بين كفتي العرض والطلب على السكن، وبوجود المعوقات المختلفة جعل من الصعب توفير اسكان جديد لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من السكن.
2_ النقص الحاد في الاراضي الصالحة للبناء في المناطق الحضرية اذ ان نظام ادارة الاراضي لا يسمح بتحويل استعمالات الأراضي إلى أغراض سكنية.
وعند التمعن بهذه التحديات التي تواجه هذه السياسة سوف نجد ان الحكومة لم تنجز شيئا يذكر في سبيل تنفيذ هذه السياسة وهناك قضية مهمة اخرى تحد من عملية توسع وتزايد المستوطنات السكانية هي ادارة الاراضي الصالحة للبناء او الشبه صالحة اذ ان هذه العملية معقدة جدا في العراق والسبب في الاجراءات الحكومية المتبعة في هذا السياق ونسب الفساد المالي والإداري العالية.
الحلول لازمة السكن
الحلول العملية لازمة السكن الحالية في العراق تتفرع الى عدة اتجاهات ومن اجل معالجتها جذريآ يمكن الاستفادة من تجارب الدول و الشعوب التي تعرضت لنفس الأزمة الحالية في العراق أثناء الحرب العالمية الثانية، والتي تعرضت إلى دمار شامل في بنيتها التحتية والعمرانية والإنشائية مع الاختلاف في المكان و الزمان الذي ينعكس بالتأكيد على طبيعة العملية الإنشائية في مجال الطقس وتطور مواد البناء من حيث الجودة والنوعية ووسائل التنفيذ وكفاءة العمالة الحالية، مستفيدة من القفزة النوعية التي طرأت على قطاع الانشاءات بصورة عامة نتيجة التطور التكنولوجي الهائل والفرصة الآن متاحة للعراق للقيام بهذا المشروع الكبير والحد من ازمة السكن الحالية من خلال مساهمة الدول المانحة والاستفادة من مشاريع إعادة أعمار العراق لتوفير الاموال اللازمة لتلك المشاريع وإشراك القطاع الخاص وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين والسماح لهم بقروض ميسرة من البنوك الاستثمارية وبفوائد تشجيعية و ذلك بإصدار قوانين جديدة لتنظيم عمل القطاع الخاص والقطاع المختلط والشركات الأجنبية العاملة في العراق وتنظيم القوانين الإدارية والضريبية مع ما يتناسب وظروف العراق الحالية من اجل النهوض بالاقتصاد الوطني والمساهمة الفعالة في بناء العراق الجديد.
توصيات:
.. العمل على حل المشكلات التي شخصتها سياسة الإسكان الوطنية.
.. تسهيل إجراءات إدارة الأراضي السكنية أو شبه السكنية والابتعاد عن البيروقراطية.
.. توسيع والتعجيل بمنح قروض ميسرة للراغبين ببناء منزل خاص بهم.
.. وضع خطط لبناء مجمعات سكنية واسعة لذوي الدخل المحدود لاستيعاب الزيادة السكانية.
..توفير البيئة القانونية اللازمة لتنمية قطاع الإسكان وتطويره.
(مركز المعلومة للبحث والتطوير)
كتابات |