"150 الف " سعر توقيع واحد في مرور الكاظمية .. ولجنة النزاهة النيابية تستعين بخبراء أجانب لمكافحة الفساد !
يشكو مراجعو مديرية مرور الكاظمية ببغداد، إجبارهم على دفع الرشى التي تتراوح بين 50 و150 الف دينار "للتوقيع الواحد"، نتيجة تأخر انجاز معاملاتهم وانتظارهم في طوابير طويلة بغية اتمامها، مؤشرين وجود "سماسرة ومعقبين ينجزون معاملات المراجعين بسرعة مقابل أموال" وصفوها بالـ "كبيرة"، في حين حمّلت دائرة العلاقات والاعلام في المديرية العامة المواطن "وزر" هذه الرشوة، إذ ان المراجع "لو تحمل الانتظار وامتنع عن الارشاء لما استفحلت الظاهرة"، مردفة أن الزحم الشديد في دوائرها مرده الى "الروتين في ادخال البيانات".
بدورها، كشفت لجنة النزاهة النيابية عن سعيها "للتعاقد مع خبراء اجانب لمكافحة ظواهر الفساد في مؤسسات الدولة، وتحسين الاجراءات الرقابية للجنة".
وينتشر الفساد المالي والاداري في العراق بشكل كبير؛ حيث صنفته منظمة الشفافية العالمية ثالث اكثر الدول فسادا في العالم، الا ان الحكومة العراقية غالبا ما تنتقد تلك التقارير وتصفها بـ"غير الدقيقة".
المواطن علي يونس، قال ان "معاملته لم تنجز منذ 5 أشهر نتيجة الفوضى العارمة الحاصلة في مديرية مرور الكاظمية، وعدم اتباع نظام معين في تمشية المعاملات"، شاكيا "الاستغلال البشع للمراجعين من قبل بعض موظفي المديرية، عن طريق سماسرة، يأخذون على عاتقهم اخذ معاملات المراجعين واكمالها بسرعة مقابل مبالغ تتراوح بين 50 الف الى 150 الف دينار على التوقيع الواحد".
وتساءل يونس عن دور اللجان الحكومية وتلك التابعة لهيئة النزاهة والبرلمان في مراقبة هكذا دوائر؟
وكانت هيئة النزاهة كشفت، ايلول الماضي، في نتائج الاستبانة التي تجريها الهيئة دوريا ضمن الحملة الوطنية لمكافحة الرشوة, تصدر دائرة مرور الكاظمية قائمة (12) دائرة اقر مراجعوها بوجود حالات رشى تشوب اجراءتها.
وكان اللواء نجم عبد جابر، المتحدث باسم مديرية المرور سابقا، مدير مرور الرصافة حاليا، وصف في تصريح سابق تأخر اصدار اجازات السيارات في قواطع المرور بـ "الامر الطبيعي"، مبررا ذلك بـ"انها تحتاج الى تدقيق وتحديث البيانات لمالك السيارة الجديد وتغيير نمط المركبة لشخص اخر من مالكها السابق، فضلا عن انشاء صفحة الكترونية جديدة وعمل قاعدة معلومات بشأن المعاملات، حيث يحتاج ذلك الى وقت لانجاز جميع هذه الاجراءات الادارية واللوجستية".
عمر سمير، مواطن ومراجع آخر، كرر شكوى المتحدث السابق من "استغلال موظفين ومعقبين للمراجعين من خلال بيعهم العقد المروري بمبلغ 50 الف دينار"، فيما سعره الحقيقي لا يتجاوز 10 الاف دينار، فضلا عن عدم انجاز المعاملات الا في حالة تقديم "هدايا للضباط".
واشار الى "اكتظاظ طوابير انتظار المراجعين في دوائر المرور والبطء في اتمام المعاملات"، مشيرا الى عدم وجود "ضباط كفوئين وكذلك قلة عدد شبابيك المراجعة قياسا بأعداد المراجعين".
وافتتحت مديرية المرور العامة، في أيار العام 2014 موقعاً سادسا لمنح اجازات القيادة للراغبين، من دون الحاجة الى الانتظار ضمن تسلسل طويل الامد، مؤكدة استثناء الحاصلين منهم على اجازة قديمة من الاختبارات النظرية والعملية.
من جانبها، اقرت ازهار عمران محمد، عضو لجنة النزاهة النيابية، ان تقارير اللجان التي تشكلت لمتابعة عمل المؤسسات ذات الاتصال المباشر بالمواطنين اثبتت وجود حالات فساد في دوائر مديرية المرور.
ودعت ازهار "المواطنين الى التعاون مع الجهات الرقابية ولجان النزاهة ودوائر المفتش العام للحد من تلك الظاهرة من خلال الابلاغ عنها"، لـ"تغيير كوادر تلك الدوائر".
وكشفت محمد عن سعي لجنتها الى القيام "بالتعاقد مع خبراء اجانب لمكافحة ظواهر الفساد، وتحسين اجراءات الرقابة المالية، لدعم عمل اللجنة والحد من تسييس الفساد".
وكان فريق استقصائي من هيئة النزاهة انتقد في وقت سابق مديرية مرور الكاظمية لشدة الزحام على شبابيك المراجعة وعدم انتظام العمل وكثرة وجود المعقبين عند مدخل الدوائر وعدم وجود كاميرات لمراقبة اداء المنتسبين وكثرة اجازاتهم، اضافة الى ضعف اداء فرق مكتب المفتش العام لوزارة الداخلية ووقوفهم متفرجين على تلك الفوضى، ما يؤدي الى تأخر المعاملات.
من جانبه، قال العميد وليد عمار، مدير قسم العلاقات والاعلام في مديرية المرور، في تصريح لـ "العالم"، ان الرشوة "يتحملها المواطن اولا"؛ لانه لو امتنع عن التعاطي مع ضعاف النفوس من الموظفين، وتحمل الوقوف ساعات قليلة في الطابور لما ادى الى استفحال الفساد في المؤسسات".
وأرجع في مقابل ذلك "الزخم الشديد في المديرية" الى "روتين ادخال البيانات"، داعيا المراجعين الى "التحلي بروح الصبر وعدم السماح للموظفين باستغلالهم".
جاكوج |