متظاهرو البصرة يعدلون عن إقالة النصراوي مقابل استجوابه حول الخدمات والإفراج عن المحتجين
بعد تحذيرات واتهامات مبطنة واخرى صريحة اطلقها عدد من القادة السياسيين ضد متظاهري البصرة، خرج صباح امس مجموعة من البصريين امام مبنى المحافظة للمطالبة بتحسين الخدمات واطلاق سراح زملائهم الذين تظاهروا قبل ايام في منطقة ابي الخصيب احتجاجا على تردي الكهرباء.
وجاء عدد المتظاهرين، بحسب مسؤولين محليين هناك، اقل بكثير مما كان يروج له خلال الايام الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتزامنت مع تحذيرات اطلقتها جهات امنية في البصرة عن تحركات مشبوهة لـ"حزب البعث" ولبعض المناصرين لرجل دين اختفى من العراق العام الماضي في ظروف غامضة.
وانفض المتظاهرون من امام مبنى محافظة البصرة بعد وعود تلقوها من الحكومة المحلية باعادة النظر في تعيين شباب البصرة في شركات النفط الاجنبية. كما تعهد مسؤول البصرة بتحسين شبكة الكهرباء واطلاق سراح المعتقلين في تظاهرات ابي الخصيب.
واعلن المتظاهرون التريث بمطلبهم الداعي لاقالة المحافظ ماجد النصراوي بعد لقاء جمع ممثلين عنهم باعضاء في مجلس المحافظة الذين تعهدوا باستجواب النصراوي قريبا ومساءلته عن سوء الخدمات وعن مبالغ ضخمة خصصت لمشاريع خدمية ويقول اعضاء في مجلس المحافظة بأن تلك المبالغ صرفت في ظروف غامضة.
حظور خجول لتحشيد واسع
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي، في غضون الأيام القليلة الماضية، تحشيدا واسعا لتظاهرة السبت بهدف المطالبة بإقالة المحافظ.
ولم تعلن أية جهة سياسية مسؤوليتها عن تلك الجهود، ونفت جميع القوى السياسية المؤثرة في المحافظة علاقتها بالاحتجاجات، وكذلك فعلت منظمات المجتمع المدني.
يقول احمد عبد الحسين، عضو مجلس محافظة البصرة عن كتلة دولة القانون، بان "الاعداد التي خرجت امام مبنى المحافظة اقل بكثير من العدد الذي تحدث عنه ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي".
واضاف عبد الحسين، في تصريح لـ"المدى"، ان "البصرة هي القوة الاقتصادية في العراق ووارداتها من النفط والمنافذ الحدودية التسعة تمثل نسبة 85% من ميزانية العراق"، مشيرا الى ان "معظم فصائل الحشد الشعبي المؤثرة في العمليات العسكرية هي من البصرة".
ويرجح عبد الحسين ان تكون المحافظة "مستهدفة من بعض الجهات لاثارة الفوضى"، لكنه بالمقابل يؤكد وقوف كتلته مع المتظاهرين باعتباره حقا دستوريا.
واكد عضو كتلة دولة القانون ان "الطلبات التي رفعها المتظاهرين تركزت حول سوء الخدمات وضعف التجهيز بالطاقة الكهربائية "، مضيفا "تم التراجع عن المطلب الابرز وهو اقالة المحافظة ماجد النصراوي".
وتابع المسؤول البصري "بعد لقاء عدد من اعضاء دولة القانون بممثلي المتظاهرين قبل انطلاق الاحتجاجات تم اقناعهم بان المجلس سيقوم باستضافة المحافظ لسؤاله عن اموال كانت مخصصة للمحافظة انفقت بشكل غير واضح".
مصير مبلغ ترليون دينار
ويتداول البصريون الحديث عن اكثر من ترليون دينار تم صرفها من قبل المحافظ في ظروف غامضة خلال العام الحالي.
لكن امين وهب، رئيس كتلة (المواطن) التي ينتمي لها المحافظ يقول ان "الاموال التي انفقت ذهبت الى مشاريع سابقة في اعوام 2011 و2012 و2013"، مؤكدا ان "المحافظ سيحضر بنفسه وفي جلسة علنية امام مجلس المحافظة لاطلاع الرأي العام على حقيقة تلك الاموال".
واضاف وهب لـ"المدى" ان "المحافظة خصصت الاموال، التي حصلت عليها في عام 2014، الى مشاريع مستمرة كان مصوتا عليها في الدورة السابقة، ولاتحتاج الى التصويت عليها مرة اخرى".
وتابع رئيس كتلة المواطن "استطاعت المحافظة بناء 120 مدرسة نموذجية في البصرة وانتاج الكهرباء وصل الى 2370ميغاواط"، معتبرا ان ذلك "معدل انتاج غير موجود حتى في بغداد بالاضافة الى اعمار عدد من الشوراع الرئيسية في المحافظة".
ويقر وهب بدستورية التظاهرات لكنه في الوقت ذاته يؤكد ان "البصرة نظيفة الى درجة كبيرة بعد ان تم التعاقد مع شركة تنظيف كويتية وان الكهرباء تصل الى مناطق ابو الخصيب وسفوان والفاو السيبه والمناطق القريبة على البحر بمعدل 24 ساعة يوميا، فضلا عن تجهيز اغلب القرى بالطاقة"، مشيرا الى ان "بعض الاعطال في المنظومة الكهربائية، نتيجة خلل فني، قد يحدث بين حين وآخر، وهو امر طبيعي في العراق".
ولا يخفي رئيس كتلة المواطن خشيته من الجهات التي تقف وراء تلك التظاهرات. ويقول "لم تحصل تلك التظاهرات على موافقات امنية ولم نعرف الجهة التي تنظمها ولا اهدافها وهذا امر يخيفنا لان البصرة مدينة مهمة وبعض الجهات تريد تخريب نشاطها الاقتصادي".
وكان كتاب صادر من جهات استخباراتية في البصرة حذر، قبيل انطلاق التظاهرات، من وجود نشاط لبعض الجهات المرتبطة بحزب البعث-المحظور- تخطط لاثارة الفوضى في البصرة، تزامنت مع تحرك لاتباع رجل الدين (محمود الصرخي) المتواري عن الانظار منذ اكثر من سنة.
وحذرت الجهة الامنية من وجود مخطط لاستهداف شركات النفط الاستثمارية العاملة في البصرة. وقالت بان الخلاف الذي حدث في مجلس محافظة البصرة حول المحافظ (النصراوي) والذي ادى الى تحريك بعض من الاعضاء لاتباعهم في الشارع قد يتسبب في النهاية الى حدوث انفلات امني اذا ماصاحب التظاهرات اعمال شغب، وقد تتعرض المصارف الى السرقة.
الصدريون يعودون بشروط!
الى ذلك كشف محمد المنصوري، رئيس كتلة الاحرار في محافظة البصرة الذي التقى المحتجين امام مبنى الحكومة المحلية، ان "المتظاهرين كانوا سلميين ومطالبهم واقعية وشرعية ولم نلمس اي مخطط للتخريب".
واوضح المنصوري، في اتصال مع "المدى"، ان "المحافظة وعدت بحل جميع مطالب المتظاهرين واخراج المعتقلين من تظاهرات سابقة عن الكهرباء في البصرة".
وعاد التيار الصدري مؤخرا الى كتلة (البصرة اولا)، وهو ائتلاف يجمعه مع كتلة المواطن، بعد ان قرر قبل ايام تعليق عضويته لنشوب خلافاته مع حليفه بشأن اقالة عدد من مدراء الدوائر ورؤساء الاقضية والنواحي.
يبين المنصوري اسباب العودة بالقول "بعد وساطات من ائتلاف المواطن وتدخل الهيئات السياسية في بغداد عاد التيار الى التحالف بعد الاتفاق على عدة نقاط كخارطة طريق للبصرة".
واضاف رئيس كتلة الاحرار ان "التيار الصدري علق عضويته لانه اراد البصرة ان تكون اولا من حيث خدمة المواطن والارتقاء بواقع المدينة"، مشيرا الى "اتفاق داخل تحالف (البصرة اولا) على اقالة المفسدين في دوائر الدولة واستمرار الاجتماعات داخل مكونات التحالف لمعالجة القضايا الخدمية وحل النزاعات العشائرية، والتعامل مع المتظاهرين وفق حقوق الانسان".
المدى |