هناك الكثير من المعلمين الذي تخرجوا منذ سنوات لكنهم عاطلون عن العمل ويمكن الاستفادة منهم في استيعاب الخمسة ملايين امي.
تؤكد ام علي (40 سنة) من النجف، والتي حالت ظروفها الاجتماعية دون الدخول الى المدرسة، ومتابعة التعليم، على عزمها على تعلّم فك الحرف، مشيرة الى ان ذلك يشعرها بانها امرأه نافعة في المجتمع، وسوف يكسبها ذلك احترام الجميع.
وعلى رغم صعوبات الحياة، وخوض العراقيين، معاركاً ضد تنظيم داعش الإرهابي، فان الكثير من النساء يبدين الحماس المنقطع النظير، لتعلم القراءة والكتابة.
ولجأ بعضهن الى التعلم حتى في داخل المنازل بمساعدة الأبناء والأصدقاء، فيما قصد العدد الأكبر، مدارس محو الامية.
وأدى انفتاح العراق على العالم، وازدياد الحاجة الى العمل على الحاسوب، واستخدام الموبايل، وتقنيات الميديا الأخرى، الى تزايد اعداد الاميات اللواتي يسعين الى التخلص من جهلهن بالقراءة والكتابة.
وبسبب هذه الرغبة التي توصف بانها "جمعية"، فان المعلم المتقاعد حليم قاسم من بابل، يؤكد ﻟ "المسلة"، انحسار مستوى الامية في المجتمع في خلال السنوات المقبلة.
وفي حين يفيد تقرير الأمم المتحدة في 2012 بان نحو 70% من نساء العراق في المناطق الحضرية يتابعن التعليم، تقول منظّمة اليونسكو إنّ معدّلات الأميّة في العراق تصل إلى نحو 20% من نسبة السكّان، وتزداد النسبة بين النساء الريفيّات في شكل خاصّ.
وكانت اليونسكو قد اطلقت برنامجاً لمحو الأميّة في العراق عام 2011.
واضطرت سمية الجبوري، الى الاستعانة بجيرانها، لتساعدها في تربية الأطفال، لكي توفر لنفسها الوقت لمتابعة الدروس في مركز لمحو الامية في بابل، فيما ينتشر معلمون متطوعون يساعدون الاميين في القضاء على اميتهم، في الكثير من مدن العراق.
ويعترف المعلم حسن كامل في حديث ﻟ "المسلة"، بان هناك رغبة متزايدة من قبل المتقدين في العمر، مشيرا الا انه اخذ على عاتقه، تعليم أربعة من الاميين عبر اعطائهم الدروس في منازلهم.
وكانت وزارة التربية شجعت المعلمين الذي يعملون بشكل تطوعي في مراكز محو الامية بمنحهم المئات من الدرجات الوظيفية في عموم محافظات العراق.
وقال داود سلمان عذاب، المدير العام في الهيئة الوطنية العليا لمحو الأمية، ان نحو 3500 وظيفة خصصت للمتطوعين.
ولا تستبعد الناشطة النسوية والمعلمة زينب الخفاجي من النجف في حديث ﻟ "المسلة"، ان تهبط مستويات الامية في العراق الى أدنى مستوياتها بسبب الاندفاع الجمعي بين العراقيين لاسيما النساء لتعلم القراءة والكتابة.
وتعتقد الخفاجي ان هناك دافع ديني أيضا، اذ ان ازدياد الوعي الديني والحاجة الى قراءة القران الكريم، ومطالعة الكتب الدينية شجّع النساء، على تعلم القراءة والكتابة.
وتقول أيضا ان متابعة وسائل الميديا وانتشار الانترنت وزيارة مواقع التواصل الاجتماعي، ارغم الكثيرين على تعلم القراءة والكتابة.
وفي تجربة ناجحة يضم الفصل الدراسي الذي تقوده المعلمة حوراء حسن في بابل عشرين امرأه يواكبن على متابعة الدرس والقيام بالواجبات البيتية.
وفي ثقة كبيرة بالنفس تقول ام حسن (55 سنة) ﻟ "المسلة"، ان تعلم القراءة والكتابة عزز من اعتزازها بنفسها، واشعرها باحترام الناس لها.
وأضافت "اشعر أيضا باستقلالية اكثر وقدرة على تلبية الكثير من المتطلبات بفعالية اكثر.
على ان المجتمع الذكوري بحسب، ام حسن، مازال يسعى الى وضع العراقيل امام تعلم المرأة، مؤكدة ان بعض الرجال
خصوصا الاميين منهم، لا يرغب في تعلّم زوجته القراءة والكتابة، لانه سوف يشعر بالنقص تجاهها.
وتعتقد ام حسن ان "اغلب النساء العراقيات يرغبن في تعلم فك الحرف، لكن الظروف الاجتماعية الصعبة وعدم توفر الوقت وكثرة المشاغل الحياتية تحول دون متابعة الدرس بشكل منتظم".
لقد أدى الانفتاح المجتمعي، وشعور المراة بحاجتها الى الوظيفة التي تدر عليها دخلا شهريا ثابتا، الى الاندفاع الى مراكز محو الامية.
وقد أدى هذا الاندفاع الى تجاوز الكثير من المسلمات الاجتماعية ومنها الزواج المبكر، اذ ترفض الكثير من الفتيات في الوقت الحاضر الزواج لحين اكمال الدراسة.
وكشف الجهاز التنفيذي لبرنامج محو الأمية في العراق، في كانون الثاني 2015، عن وجود أكثـر من 5 مليون أمّي في عموم المحافظات العراقية، مؤكدا بدء الحملة الوطنية لمكافحة الظاهرة في البلاد.
و العامل الأول الذي سيساهم في القضاء النهائي على الامية في العراق بحسب، المعلم المتقاعد عريبي حميد، هو في توفير المعلمين وبناء المدارس، مشيرا الى ان هناك الكثير من المعلمين الذي تخرجوا منذ سنوات لكنهم عاطلون عن العمل ويمكن الاستفادة منهم في استيعاب الخمسة ملايين امي.
وأحد الأمثلة على التحدي، الإصرار الكبير من ام علي من بابل (60 سنة) على متابعة الدرس، لتتمكن في ستة اشهر من تعلم القراءة والكتابة، وباتت اليوم تقرأ القرآن وتطالع الصحف، على رغم انها مسؤولة عن اسرة كبيرة تتألف من خمسة أفراد.
وتعتقد ام علي ان تجربتها تفيد بان من الممكن، تعلم القراءة، حتى في المنزل، لمن يمتلك الرغبة الحقيقية في ذلك.
ويؤكد مدير قسم محو الامية في محافظة ذي قار حيث جرت الامتحانات للطلاب في 3 - 4 من نيسان 2015، حرص الجميع على اكمال السنة الدراسية، فيما اكد الدراسين على ضرورة التعلم لانه الطريق لتحقيق العيش الكريم وزيادة الوعي الثقافي والاجتماعي.