سكان حزام بغداد يبحثون عن المعتقلين منذ سنوات والتلاعب بالسدود قطع أرزاقهم

منذ آخر حملة امنية واسعة نفذتها الحكومة السابقة صيف 2013 في بلدات حزام بغداد، مازال سكان تلك المناطق يبحثون عن "مفقودين" اختفوا في عمليات اعتقال وصفتها اطراف سياسية حينها بـ"العشوائية"، حيث تم القاء القبض على نحو 700 شخص خلال الايام الاربعة الاولى من الحملة التي استمرت لاكثر من اسبوع -بحسب بيانات وزارة الدفاع- والتي جاءت كرد فعل على سلسلة هجمات بسيارات مفخخة ضربت مناطق متعددة في قلب العاصمة.

 وتتحدث نائبة عن بغداد بانها تتلقى شكاوى يومية من الاهالي في اطراف العاصمة يجهلون منذ سنوات مكان اعتقال ابنائهم، كما تشير الى ان مشاكل السكان هناك تفاقمت مع دخول "داعش" وغمر مياه السدود مساحات من مناطق غرب بغداد، ما تسبب بخسارة اعمالهم ومنازلهم.

ومن جملة المشاكل التي تعرضت لها مناطق "حزام بغداد" هي كثرة النازحين بسبب العمليات العسكرية، وعدم قدرة الحكومة المحلية على توفير متطلبات اعادة السكان في المناطق التي تم تحريرها، فضلا عن مخاوف من عمليات تغيير "ديمغرافية" تجري في تلك البلدات ذات الطابع الزراعي.
ويتشكل حزام بغداد الشمالي والجنوبي، من سبعة أقضية يصل عدد نفوسها الى المليون نسمة، اغلبها كانت تعتبر السلة الغذائية للعاصمة قبل ان تكثف الحكومة السابقة الإجراءات الأمنية وازدياد في عمليات الاعتقالات التي أدت الى هجرة شباب تلك المناطق الى المحافظات المجاورة خاصة بعد تناقص فرص
العمل.
محاذير أمنية تعرقل العودة
وتقول النائبة عن بغداد عائشة المساري ان "مناطق حزام بغداد تقسم الى نوعين، الاولى لم تحدث فيها مشاكل امنية او عمليات عسكرية مثل منطقة الراشدية، شمال شرقي العاصمة، والثانية حدثت فيها اعمال عنف وسيطر عليها مسلحون ثم اعقبتها عمليات عكسرية، وهي المناطق المحاذية لصلاح الدين والانبار وجرف الصخر في جنوب بغداد".
وتضيف المساري لـ"المدى" أن "سكان بعض تلك البلدات الساخنة عادوا الى منازلهم بعد استقرار الوضع الامني، لكن بشكل محدود". وتعزو المساري وهي نائبة عن كتلة متحدون السبب الى ان "الحكومة تؤكد ان تلك البلدات مازالت غير آمنة".
وتجد المساري ان تلك المبررات غير مقنعة، خصوصا وان بعض المناطق تم تحريرها منذ اشهر طويلة، مثل جرف الصخر، وتعتقد ان هناك ضغوطا عسكرية ومن الحشد الشعبي على رئيس الحكومة تمنعه من اصدار اوامر بعودة السكان بذريعة المخاوف الامنية، كما تتخوف من وجود عمليات تغيير سكاني "ديمغرافي" في تلك المناطق، عبر اختيار فئات معينة لاعادتهم الى منازلهم، وتقول المساري "لكن رئيس الحكومة طمأننا واكد لنا بانه لن يسمح بتغيير في المناطق المحررة ويحرص على عودة الاهالي".

معتقلون باماكن مجهولة
من جانب آخر تتحدث المساري عن ان الفئة الاكبر من المعتقلين خلال العمليات الامنية التي جرت في السنوات السابقة هم من سكان مناطق حزام بغداد. حيث يقدر مسؤولون امنيون في تلك المناطق بانهم يشكلون 80% من مجموع المعتقلين.
وتقول النائبة عن بغداد "اتلقى شكاوى بشكل يومي من المواطنين في تلك المناطق يسألون عن مكان احتجاز ابنائهم، فهم لايجدون اسماءهم في السجون او مقرات الالوية العسكرية"، كما تشير الى انها خاطبت عددا من القيادات الامنية والعسكرية للسؤال عن عدد من الوجهاء والشخصيات الدينية التي تم اعتقالها قبل اشهر طويلة ولايعرف مكانهم بالتحديد. وتعتبر المساري ان تلك المشكلة لن تحل مالم يتم "تشريع قانون العفو العام"، وهو احد الملفات البارزة ضمن ورقة الاتفاق السياسي.

غرق ابو غريب
وعن وضع الخدمات في تلك النواحي تقول المساري "في ابو غريب، مثلا، اغرقت مياه سد الفلوجة في 2014 نحو نصف المساحات المزروعة، ولم يعد للاهالي عمل يمكن ان يزاولوه بعد الزراعة، وهو الامر الوحيد الذي يعرفونه"، كما تشير الى زيادة كميات النفايات في مناطق حزام بغداد، بسبب عدم وجود المخصصات المالية وترك عدد من عمال النظافة العمل لانهم لم يستلموا اجورهم".

الحكومة عاجزة عن الانقاذ
بالمقابل يقول علي ثامر السرهيد وهو عضو في مجلس محافظة بغداد بان "المحافظة لاتمتلك فلسا واحدا لانشاء مشروع جديد"، مضيفا ان "الميزانية التي حصلت عليها المحافظة هي للمشاريع المستمرة من اعوام 2012 و2013".
ويؤكد السرهيد وهو ايضا احد وجهاء مناطق جنوب بغداد في تصريح لـ"المدى" ان "العاصمة فيها اكثر من 50 الف عائلة نازحة، اغلبها من مناطق حزام بغداد"، مشيرا الى بلدات شمال العاصمة مثل (النباعي) ومناطق شرق الكرمة، التي كانت تجري فيها عمليات عسكرية، خالية تماما من سكانها، "واغلب المنازل والشوارع مفخخة، والخدمات شحيحة جدا".
بالمقابل يقول ان نسبة النزوح قليلة من مناطق جنوب بغداد (المحمودية واللطيفية)، و10% فقط من سكانها تركوا منازلهم، فيما المناطق المحاذية للانبار وصلاح الدين تواجه مشكلة في الخدمات وبسبب عدم وجود مخصصات مالية في المحافظة، وقال ان "عودة السكان بطيئة بسبب المخاوف الامنية، ونحن وعدنا شيوخ العشائر هناك بان نسلمهم اسلحة عن طريق عمليات بغداد".
وفي ابو غريب، غرب العاصمة، يقول ممثل القضاء في مجلس بغداد عباس الحمداني لـ"المدى" ان "المناطق التي هرب منها السكان بسبب العمليات العسكرية في قضاء ابو غريب، لم تعد قادرة على العودة لانها فقدت عملها في الزراعة"، مشيرا الى ان "تلك القرى غمرت بالمياه ثم واجهت بعد ذلك شحة بسبب تلاعب المسلحين بالسدود القريبة منها".

المدى