في العراق .. معممون يتحولون لجنرالات وسط تحذير من خطر زياراتهم لمحاور القتال
تثير صور رجال ملتحين وهم بعمائم سوداء او بيضاء ويرتدون بدلات عسكرية مرقطة في محاور القتال بمحافظة صلاح الدين الكثير من التعليقات الساخرة من نشطاء التواصل الاجتماعي والمثقفين العراقيين الذين يتندرون على هذه المشاهد الكوميدية التي تبعث على الضحك فعلا.
وقد بات مألوفا ان تتصدر صور رجال دين شيعة يطلق عليهم في العراق تسمية (الملالي) وهم يتفقدون مواقع المليشيات ومنتسبي الحشد الشيعي في محاور القتال بمحافظة صلاح الدين السنية، الصفحات الاول من الصحف المحلية ونشرات الاخبار في القنوات الفضائية الحكومية وتلك التابعة للاحزاب والمليشيات الشيعية وهم يلقون خطبا حماسية تدعو الى الثأر من قتلة الامام الحسين واتباع اهل البيت، في اشارة واضحة الى السنة العرب الذين ما زال العديد من المرجعيات والاحزاب الشيعية الموالية لايران تنظر اليهم باعتبارهم إمتداد للدولتين الاموية والعباسية المتهمتين باضطهاد الحركة الشيعية وأضافت اليهم مؤخرا تهمة جديدة عندما عدتهم دواعش رغم ان تضرروا أكثر من غيرهم من ممارسات هذه المنظمة المتشددة التي تحمل اسم تنظيم الدولة الاسلامية.
ويتسابق هؤلاء الملالي وهم بملابسهم العسكرية المرقطة المخصصة عادة لضباط وجنود قوات الصاعقة والمغاوير في الجيش والشرطة، على حمل مدافع رشاشة وبنادق واحزمة رصاص حتى تبدو هيئاتهم أشبه ما تكون برسوم كاريكتيرية خصوصا اولئك الذين يملكون كروشا كبيرة أو عيوبا جسدية.
ويواجه قادة الجيش والقوات العسكرية الحكومية في الثكنات والمعسكرات حرجاً واضحا وهم يستقبلون هؤلاء الملالي رغم تناقض ذلك مع القواعد والاعراف العسكرية السائدة، ولكنهم مضطرون الى مسايرتهم والتعاطي معها باحترام خوفا من ألسنتهم خاصة وان كثيرا منهم قراء في المنابر الحسينية ويتقنون لغة البكاء واثارة العامة من الناس باحاديثهم التي هي خليط من احداث وحكايات تاريخية مطعمة بالخرافات والاساطير، حتى وصل الامر بكثير من القادة العسكريين الكبار الى مغادرة مكاتبهم الدائمة ومقراتهم الجوالة بعد ان لاحظوا ان هؤلاء الملالي يحبذون الجلوس على مقاعدهم وسط الخرائط العسكرية ويلتقطون الصور التذكارية وكأنهم في غرفة عمليات وليس في زيارة مجاملة.
وابلغ ضابط كبير يعمل في قيادة عمليات صلاح الدين (وكالة العباسية نيوز) ان قائدها الفريق عبدالوهاب الساعدي اصيب بجرح في الشهر الماضي اثر انفجار عبوة ناسفة على موكبه جنوب سامراء وتم نقله بطائرة هليكوبتر الى مستشفى عسكري في بغداد وسط تكتم شديد تحسباً من انعكاسات الحادث النفسية على المنتسبين والجنود، ويضيف الضابط ان تحوطاتنا الامنية تلاشت تماما عندما شاع الخبر وانتشر نتيجة قيام جمع من الملالي بزيارة القائد في المستشفى والتقطوا الصور معه ونشروها على صفحاتهم ومواقعهم مما أدى الى حالة من البلبلة والقلق بين ضباط وجنود تشكيلات قيادة العمليات.
وقبل ايام واجه اللواء عماد الزهيري قائد عمليات سامراء موقفا محرجا عندما احتل القياديان في حزب الدعوة الشيخ عبدالحليم الزهيري بعمته البيضاء ولحيته الكثة وعلي الاديب وهو بزي عسكري، مقعده في غرفة العمليات دون ان يجرؤ على الاعتذار منهما، علما بان غرفة العمليات في جميع الجيوش تبقى سرية وبعيدة عن الاضواء خشية معرفة موقعها واستمكانها من الطرف الاخر.
ويقول ضابط ركن في وزارة الدفاع ان زيارات رجال الدين والوزراء والنواب والمسؤولين الى مواقع القتال في جبهة تكريت مسألة خطيرة لانها تخدم مسلحي داعش وتقدم لهم خدمات استخبارية مجانية عن تواجد القوات وحجمها واماكن تمركزها وانتشارها وهذه قضايا سرية تفرضها تعليمات الضبط العسكري ومستلزمات المعركة.
ويشير الضابط الى ان وزارة الدفاع فاتحت مكتب القائد العام للقوات المسلحة بضرورة تقنين الزيارات وتحديدها بالمقرات الخلفية فقط ، ولكن المكتب لم يتخذ قرارا بذلك مع الاسف.
ولا يقتصر الملالي في زياراتهم الى مواقع القوات العسكرية ووحدات الحشد الشيعي باسداء التوجيهات والمواعظ الدينية، وانما يتصرفون كقادة عسكريين يعطون الاوامر ويقترحون الخطط ويطالبون بالتقدم، وأحدهم يدعى حميد الحسيني يضع على رأسه عمامة سوداء ذهب الى قرية البو عجيل شرقي تكريت بعد يوم من استعادتها وانسحاب مسلحي داعش منها ورفع عليها راية خضراء وصفها بانها (حسينية) ودعا المراسلين والمصورين المرافقين له الى تصويره والاعلان بانه اول شخص دخلها واجبر الدواعش على الفرار منها مما أضفى على منظر الجنود ومقاتلي الحشد الذين امضوا ثلاثة ايام في قتال شرس مع مسلحي داعش، حالة من السخط والكآبة خصوصا بعد ان تبينوا ان هذا الملا جاء من طهران حيث يرأس اذاعة ايرانية ناطقة بالعربية.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words