حكومة العبادي في مازق كبير .. غير قادرة على التوفيق بين واشنطن وطهران
قيل الكثير من عبارات المجاملة والمفردات الدبلوماسية في بغداد التي زارها منسق التحالف الدولي الجنرال جون ألن وبرفقته مسؤول الملف العراقي في وزارة الخارجية الامريكية السفير بريت ماكغورك والمباحثات التي عقداها مع المسؤولين العراقيين وقبلهما الزيارة الخاطفة لرئيس الاركان الامريكي الجنرال مارتن ديمبسي، دون الدخول في تفاصيل ما دار في اجتماعات الجانبين، رغم انها باعتراف الصحافة الامريكية تناولت أخطر القضايا والملفات.
ونقلا عن صحيفة (نيويورك) التي نشرت تقريرا جاء فيه ان المسؤولين الثلاثة ومعهم السفير الامريكي في بغداد ستيوارت جونز حذروا رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي من الدور الايراني المتزايد في العراق وحملوه المسؤولية في السماح بتدفق قوات واسلحة وقيادات ايرانية الى محافظة صلاح الدين السنية ومركزها تكريت للقيام بعمليات تطهير طائفي ضد السكان المدنيين.
وتشير الصحيفة الامريكية الى ان الاقمار الصناعية رصدت في محيط تكريت صواريخ ايرانية من طراز (فجر5) واخرى من نوع (فتح 110) حيث يسود الاعتقاد بان الجنرال الايراني قاسم سليماني الذي يقود المليشيات الشيعية ينوي استخدامها في ضرب المدينة السنية ذات الدلالة الرمزية باعتبارها مسقط الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
وكانت المليشيات الشيعية المنضوية في اطار الحشد الشعبي الذي أفتى بتشكيله مرجع الشيعة الايراني الاصل علي السيستاني قد فشلت في اقتحام المدينة بعد ان تمكن مسلحو تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الذين يتمركزون فيها من احباط جميع الهحمات التي تعرضت اليها منذ الثامن من الشهر الحالي.
ويبدي ضباط في الجيش العراقي تم تهميش قواتهم وعزلها عن وحدات الحشد الشيعي ان هناك مخاوف من استخدام هذه الانواع من الصواريخ الايرانية التي يمكن ملء رؤوسها بغازات سامة ومواد كيمياوية قاتلة للبشر في ضرب تكريت بحجة القضاء على مسلحي داعش.
وتقول مصادر عسكرية مطلعة ببغداد ان الجنراليين الامريكيين الن وديمبسي ابلغا وزير الدفاع خالد العبيدي خلال اجتماعهما به انهما حذرا رئيس الحكومة حيدر العبادي من استخدام قوات الحشد لصواريخ ايرانية مخصصة لقتل البشر في معركة تكريت التي اخفق قائد الحشد الجنرال الايراني من اجتياحها رغم ثلاث هجمات عسكرية قادها عليها.
ونقلا عن تلك المصادر فان الوزير العبيدي الذي منع من زيارة قاطع تكريت من قبل زعيم مليشيا (بدر) هادي العامري في وقت سابق واجبره على الانتظار في سامراء لمدة 3 ساعات بلا جدوى، أبدى مخاوفه للقائدين الامريكيين من تورط الايرانيين في عمليات انتقام طائفي ضد السكان المدنيين واخبرهما عن حصول انتهاكات لعدد من كبار السن ممن بقوا في قرية البو عجيل وحرق بيوت مهجورة حرصت الحكومة العراقية على التعتيم عليها.
من جانبه يصف احد قادة الحشد الشيعي التهويل من الاسلحة الايرانية بانه دعاية امريكية ويقول جواد طليباوي من حق قواتنا استخدام كل الاسلحة المتاحة لنا سواء كانت ايرانية او غيرها في القضاء على الدواعش بعد ان فخخوا كل شيء في تكريت، ويضيف بان قيادة الحشد لا تجد حرجا في الاستعانة بقوات ايرانية مدربة على حرب الشوارع (في تلميح واضح الى الحرس الثوري) لتحرير المدينة من مسلحي داعش.
ويقول السياسي الشيعي المستقل وائل عبداللطيف ان حكومة حيدر العبادي في مأزق كبير ولا تعرف كيف تتصرف ازاء التحذيرات الامريكية من مغبة تزايد الدور الايراني، لانها تدرك اهمية العلاقة والتعاون مع امريكا من جهة ولا تريد ان تخسر ايران من جهة اخرى، ويضيف عبداللطيف ان الامريكان قلقون مما يجري في العراق خصوصا بعد تصريحات لمسؤولين ايرانيين قالوا فيها ان بغداد عاصمة امبراطوريتهم الجديدة، ويؤكد ان واشنطن لا يمكن ان تتنازل عن وجودها الفاعل في العراق والمنطقة وانها بدأت بتعزيز قواتها في الخليج في الفترة الاخيرة ومن ضمنها فرقة للاغتيالات (على حد قوله).
البيان الذي اصدرته الحكومة العراقية بعد اجتماع لها يوم امس (الثلاثاء) يكشف عن حيرتها في كيفية التوفيق بين التحذيرات الامريكية من التدخلات الايرانية وبين حرص المرجعيات والكتل والمليشيات الشيعية التي تطالب بالمزيد من النفوذ الايراني الذي لا تقدر على منعه، وحسب ما جاء في البيان فان الحكومة تثمن دور قوات الحشد التي حشرتها ضمن القوات الحكومية في محاربة داعش، وتجدد الالتزام بعلاقاتها مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن الذي طالبته بالاحترام الكامل لسيادة العراق في كل نشاط يقوم به في حربه على تنظيم الدولة دون ان يشير البيان الى ايران وقادتها العسكريين واسلحتها المنتشرة على نطاق واسع في المناطق والمحافظات السنية.
المدار
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words