معركة تكريت خطوة في تحويل استراتيجية “الهلال الشيعي” الإيرانية إلى واقع
قالت مصادر مطلعة إن معركة تكريت هي الخطوة الأولى في مسعى إيران للربط الجغرافي الأرضي بين إيران وسوريا عبر العراق “وبما يتطابق مع خطة استراتيجية إيرانية طويلة الأمد كانت تتحيّن الفرصة لتنفيذها”.
وأكدت المصادر أن الدخول الإيراني الكبير عسكريا ولوجستيا في معركة استعادة تكريت والموصل من قبضة داعش هي خطوة مهمة في سبيل تحويل استراتيجية “الهلال الشيعي” الإيرانية إلى واقع.
وأضافت “أن طهران تتطلع إلى السير على نفس الخطى التي تبنتها في إحكام سيطرتها السياسية والعسكرية على العراق من خلال الحرب على تنظيم داعش في تكريت الآن وقريبا في الموصل وتلعفر عبر القيام بعملية عسكرية مماثلة لاستعادة مدينة الرقة”.
ورشحت معلومات عن خطة يتم تنفيذها ما أن تتم استعادة الموصل والتحرك نحو تلعفر وسنجار على الحدود السورية ومن ثم صوب الرقة وأن الجيش السوري ومقاتلين من حزب الله اللبناني ووحدات من الحرس الثوري الإيراني وعناصر كردية يخطّطون لشن هجوم لاستعادة السيطرة على المدينة التي يتخذها التنظيم عاصمة له في سوريا.
وهذه المعركة ستكون هي الأولى التي تنفذها قوات إيرانية، بالتعاون مع الميليشيات الشيعية العراقية وقوات تابعة لحزب الله اللبناني، في عمق “إقليم العراق والشام”.
لكن المصادر قالت إن الحرس الثوري يضع أولوية قصوى لإعادة السيطرة على محور تكريت-الموصل في العراق أولا حتى يتمكن من التقدم في اتجاه سوريا.
وحققت القوات العراقية والإيرانية والميليشيات الشيعية تقدما ملحوظا في معركة استعادة مدينة تكريت التي ينظر إليها باعتبارها اختبارا لقدرة العراقيين والإيرانيين على طرد داعش من مدينة الموصل.
إيران تمتلك أذرع عسكرية في المنطقة
ويقول مايكل نايتس، الخبير في الشؤون العراقية والإيرانية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن “الحرب على داعش في العراق عززت صورة الميليشيات الشيعية بطريقة لم يسبق لها مثيل من قبل”.
وتوقع نايتس أن ترسل طهران الميليشيات بعد إنهاء سيطرة داعش على الأراضي العراقية للقيام بمهمة مماثلة في سوريا.
وتأمل إيران في التقدم داخل الأراضي السورية بحجة الحرب على التشدد السني وتحويل حلم “الهلال الشيعي”، الذي لطالما شكل محركا استراتيجيا للسياسة الخارجية الإيرانية، إلى واقع.
وستحتاج طهران إلى إعادة ترتيب الأوراق على الجبهة العراقية قبل التفرغ لمواجهة داعش في سوريا. ومن بين الإجراءات التي تخطط لها تحويل قضائي طوزخرماتو وتلعفر إلى محافظتين وربطهما بمحافظة ديالى لتسهيل التحركات الإيرانية عبر الحدود العراقية-السورية.
وفي يناير 2014 أقرت الحكومة العراقية، برئاسة نوري المالكي آنذاك، بتحويل قضائي طوزخورماتو (تابع حاليا لمحافظة صلاح الدين) وتلعفر (تابع حاليا لمحافظة نينوى) إلى محافظتين.
ويسرع القرار، الذي اتخذ بإيعاز من طهران، من التأسيس عمليا لاستراتيجية “الهلال الشيعي” التي تسعى إيران من خلالها إلى الربط بين مناطق نفوذها في العراق وسوريا ولبنان على البحر المتوسط.
ولا تبدو الولايات المتحدة مستعدة لمقاومة التحركات الإيرانية الجدية للسيطرة على العراق ثم القيام بالتوغل داخل سوريا وضمها إلى مناطق نفوذها بشكل غير مسبوق.
وتثير درجة التدخل الإيراني في المعارك في كل من العراق وسوريا دهشة المحللين، الذين يشكّك بعضهم في قدرة إيران على فتح هاتين الجبهتين معا، خاصة وأن نهاية الأزمة لا تبدو قريبة.
ويستدلّ المحللون على موافقة واشنطن الضمنية على تحركات طهران الأخيرة بالتصريح الذي أدلى به مارك بيري، الخبير العسكري ومحلل السياسات الخارجية في وزارة الدفاع الأميركية، الذي قال فيه إن “الدور الإيراني في العراق يوفر على الولايات المتحدة الكثير من المشاكل؛ وكلما أطلقنا النار في العراق نصنع المزيد من الأعداء، لذلك فلندع إيران تقوم بالمهمة”.
ويشكل الصمت الأميركي إزاء الإسراع لبسط إيران هيمنتها على الدول المجاورة فرصة تاريخية لطهران لم تكن تتوقع حدوثها قبل سنوات.
وقال مراقب عربي متخصص في الشأن الإيراني “إن إيران حققت مقولة إن كل أزمة هي فرصة. وها هي تسعى إلى إحياء مشروع الهلال الشيعي الذي يصل إيران بالبحر المتوسط من خلال استغلالها لسيطرة داعش على منطقة كانت بالأساس على خارطة الأفكار الإيرانية المحتملة”.
لكن دولا عربية وعلى رأسها دول خليجية أعربت للإدارة الأميركية عن استيائها الشديد من غض الطرف الذي تراه هذه الدول متعمدا من الجانب الأميركي إزاء الخطط الإيرانية في المنطقة.
ولا ترغب دول الخليج في قيام تحالف دول وتنظيمات تخضع للهيمنة الإيرانية على حدودها، وترى في التعاطي الأميركي المتراخي مع التمدد الإيراني تهديدا مباشرا لأمنها.
وباتت خطة الرقة موضع تنفيذ في سوريا عبر ميليشيات حزب الله التي تمكنت من طرد تنظيم داعش من حلب ومنعه من التقدم نحو الجنوب تمهيدا لاستعادة المدينة.
وقال نايتس إن الطريق الوحيد لمنع “كابوس الهلال الشيعي من التحقق هو مواجهة التأثير الإيراني العميق في العراق”.
وأضاف “الطريقة الصحيحة التي يمكن مقاومة هذا التأثير من خلالها هي التزام الولايات المتحدة بارتباطات طويلة الأمد مع بغداد بهدف التغلب على التأثير الإيراني وليس اقتسامه بين واشنطن وطهران”.
احرار العراق |