اتب امريكي : سنة العراق اتخذوا من داعش "سهم الرهان" ..

يعتقد دبليو اندرو تيريل من "معهد الدراسات الاستراتيجية" في كلية الحرب التابعة للجيش الأميركي، ان على رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي أن ينجح في الصراع السياسي ضد المتشددين من الشيعة، كأسلوب ناجع لإبقاء العراق موحدا، ومن دون ذلك فان قوات تنظيم داعش لن تهزم بشكل كامل، حتى وإن بقت قوات طوارئ أميركية في العراق للأبد، والسبب كما يعتقد دبليو ان الكثير من سنة العراق، اختاروا التنظيم الإرهابي، كسهم رهان في صراعهم مع الحكومة العراقية.

ويتساءل دبليو في تحليله، الذي كتبه هذا الشهر، وترجمه "مركز البيان للدراسات والتخطيط"، وتنشره "المسلة"، لكنه لا يعبر عن وجهة نظرها بالضرورة، فيما اذا التوافق بين العراق والولايات المتحدة بترك قوات طوارئ أميركية في العراق بعد الانسحاب الاميركي عام 2011 قد يستطيع تغيير أي شيء. وطرح تيريل تساؤلاً يطرحه محللو السياسات وقادة حكوميون أميركيون حول بروز تنظيم داعش، وما كان يمكن لقوات الطوارئ الأميركية ان تفعله، وهل كان بالامكان منع مثل هذا البروز.

يتفق المعارضون والمؤيدون لسحب القوات الأميركية من العراق على أهمية مثل هذه القوات. ولكن هل كان التواجد العسكري الأميركي المحدود سيحدث أي فرق؟ الاجابة تكمن في المقام الأول عن سبب حصول تنظيم داعش على أنصار ومساندين في العراق؟ وبينما تنظر الولايات المتحدة الى الازمة السياسية في العراق كخلاف بين حكومة ديمقراطية وقوى متسلطة، فانه من الضروري ملاحظة ان رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي قد حصل على دعم أميركي قوي عندما كان في السلطة خلال الفترة (2006 – 2014) ولعدة أسباب.

كان المالكي من الذين يعملون بجهد كبير ولم يكن متورطاً بالفساد، ولكنه أيضاً لم يكن مناسباً لقيادة مجتمع متنوع. فقد عمل في كل فرصة للحصول على مساحة أكبر من السلطة، كما قام بإشاعة الخوف لدى السنة من خلال تقاربه القوي مع الايرانيين.

وأزاح المالكي القادة السنة الأقوياء وترك السنة الضعفاء في بعض المواقع المهمة. ووسط ذلك صدرت مذكرة اعتقال في تشرين الاول 2011 ضد طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية حينذاك، الذي فر الى تركيا.

وصل العنف الطائفي الى مستوى جديد في نيسان 2013 عندما اقتحمت قوى أمنية عراقية معسكراً للاحتجاجات السنية في بلدة الحويجة، حيث قتل 40 مدنياً وثلاثة جنود عراقيين. وقد أثارت هذه السياسات مشاعر السنة في العراق، وجعلتهم يعتقدون أن تنظيم داعش بديل مناسب لهم عن حكومة بغداد، رغم قلق قادة العشائر من التنظيم. وبذلك اختار السنة "سهم الرهان" بعناية.

هل كانت قوات الطوارئ الاميركية تستطيع منع المالكي من القيام بخطواته تلك. على الأرجح لا، رغم انها كانت تستطيع الضغط عليه للتخفيف من سياساته ضد السنة. فالمالكي لم يكن مستعداً لأن يشارك السلطة مع سياسيين سنة أقوياء ومستقلين. وعند سقوط الموصل في صيف 2014 لم يكن السنة متوافقين مع المالكي، وهذا أمر لم تكن القوات الأميركية لتتمكن من ايقافه. اختار الكثيرون من السنة عدم التحرك ضد تنظيم داعش لأنهم اعتقدوا انهم لا يستطيعون ايقاف التنظيم.

المسألة الأهم، ان وجود للقوات الأميركية كان من شـأنه فهم نقاط ضعف الجيش العراقي بشكل أعمق، مع أن هذا غير مؤكد. فالمرض الطائفي المنتشر قاد الى انتصارات التنظيم، وربما كان الناتج الوحيد لتلك القوات هي اعادة هيكلة الجيش العراقي.

يوصي تيريل بأن السياسة الأميركية يجب أن تركز على استخدام الضربات الجوية ونشر مستشارين عسكريين في العراق، لاحتواء تنظيم داعش، وفي نفس الوقت كسب المزيد من الوقت للحكومة العراقية الجديدة لتعيد صناعة نفسها وتكون أكثر تسامحاً وتضم الجميع. وقد قام العبادي بتمرير عدد من السياسات التحررية وبعيدة النظر، لكنه تعرض الى انتكاسة من سياسيين شيعة أقوياء مدعومين من إيران.

بعض اقوى الوزراء الشيعة في حكومة العبادي لديهم علاقات قوية مع فصائل شيعية، وينظرون الى ايران على انها اهم حليف استراتيجي لهم. وهم ينظرون الى العالم بنفس الطريقة التي ينظر اليها المالكي، ومن المستبعد أن يؤيدوا حلولاً توافقية مع السنة.

المسلّة