لم تقنع خطوة وزير الثقافة فرياد راوندوزي، الاربعاء، في اصدار أمر وزاري بنقل سبعة مدراء عاميين بينهم مدراء السينما والمسرح ودار الترجمة ودار ثقافة الاطفال ودار قصر المؤتمرات ودائرة العلاقات الثقافية وآخرين الى دوائر اخرى، مثقفين عراقيين، معتبرين في تصريحات ﻟ "المسلة" ان الاجراء، ذر للرماد في العيون، ومحاولة لخلط أوراق الفساد المستشري في أروقة الوزارة.
وقال مثقف عراقي ﻟ"المسلة" رفض الكشف عن اسمه، ان مثل هذه الإجراءات الشكلية التي لا تضرب في صميم الفساد لا يرجى منها خيرا.
فيما اعتبر مثقف في اتصال مع "المسلة" ان هذه التنقلات لن تعدو كونها حركة لبيادق الفساد على رقعة الثقافة"، مطالبا الوزير "بإقالة المسؤولين الفاسدين بدلا من خلط أوراق فسادهم بنقلهم الى مسؤوليات أخرى".
من جانبه قال عباس النوري ان "إدارة شفيق المهدي ومن بعده نوفل ابو رغيف، تخللها فساد سينمائي مسرحي اداري"، مضيف في تدوينة له على صفحة حسابه في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ان "في احدى فقرات كتاب النقل، ما يفيد بتكليف وكيل وزير الثقافة مهند فاضل، كمدير عام لدائرة السينما والمسرح وكالة، بدلا من مديرها السابق نوفل ابو رغيف".
وتساءل النوري "هل كان الأمر الوزاري هو تكليفك بإدارة مديرية السينما والمسرح مع احتفاظك بعنوانك الوظيفي كوكيل وزارة وهذا يعني ممارسة المهمة الجديدة من موقع ادنى لحين تعيين شخص آخر غيرك بهذا المكان؟ وهل ستحمل العصا السحرية لأدارتك دائرة السينما والمسرح التي انتخرت عظامها جميعا بفساد سينمائي مسرحي اداري واعتقد أنت من أكثر العارفين والمطلعين على حال هذه الدائرة عندما كانت بإدارة شفيق المهدي ومن جاء بعده نوفل ابو رغيف".
وكان كتاب صادر عن مكتب الوزير، افاد بانه "استنادا الى الصلاحيات المخولة الينا تقرر نقل فلاح حسن شاكر من منصب مدير عام قصر المؤتمرات الى منصب مدير عام دائرة العلاقات الثقافية ونقل عقيل المندلاوي من دائرة العلاقات الثقافية الى الدار العراقية للأزياء".
وتضمّنت الوثيقة نقل نوفل ابو رغيف من مدير دائرة السينما والمسرح الى مدير عام دار ثقافة الاطفال ونقل مديرها العام محمود اسود خليفة الى دائرة قصر المؤتمرات ونقل سعد بشير اسكندر من منصب مدير عام دار الكتب والوثائق الى مدير عام دار المأمون للترجمة والنشر وعلا ابو الحسن من دار المأمون الى دار الكتب والوثائق".
وبيّن الكتاب ان "الوزير امر بتكليف مهند فاضل وكيل الوزارة وكالة بإدارة مهام مدير عام دائرة السينما والمسرح".
وكان متوقعا، بحسب عدد من المثقفين في اتصالات "المسلة" معهم، الكشف عن ملفات الفساد التي تورط بها المدراء العامون في وزارة الثقافة، مثل نوفل ابو رغيف، وعقيل المندلاوي، لكن الوزير على ما يبدو قرر مكافئتهم بدلا من معاقبتهم بتعيينهم في مناصب جديدة.
وأحد أوجه الفساد التي اتُّهم بها أبو رغيف وأشارت اليها تقارير "المسلة" العام الماضي، ما كشف عنه مصدر مطلع في الثاني من حزيران الماضي، عن قيام مدير دائرة السينما والمسرح نوفل أبو رغيف بإقناع وزير الثقافة سعدون الدليمي بضرورة منع عرض فيلم "تحت رمال بابل" للمخرج محمد الدراجي في مهرجان أربيل السينمائي الدولي الأول، مبينا أن "أبو رغيف يتمتع بنفوذ لدى الدليمي الذي يعد صاحب القرار الأول والأخير في عرض الفيلم من عدمه".
وكان مصدر في مجلس القضاء الاعلى قد افاد، في الـ14 من آيار، بان مجلس القضاء اصدر مذكرة استقدام لمدير عام دائرة السينما والمسرح نوفل هلال ابو رغيف، لاتهامه بقضية فساد مالي في فيلم سينمائي.
وقال المصدر لـ"المسلة"، إن "مجلس القضاء الاعلى اصدر مذكرة استقدام بحق مدير عام دائرة السينما والمسرح نوفل هلال ابو رغيف، وفق المادة 331 عقوبات، بسبب تجاوز صلاحياته الوظيفية، من خلال طلب نسبة 10% من قيمة عقد ابرم بين دائرة السينما والمسرح والمخرج السينمائي العراقي محمد الدراجي لبث فيلم (تحت رمال بابل)".
والمتابعون للشأن الثقافي العراقي، يدركون ان المناصب في وزارة الثقافة هي نتاج المحاصصة، ما يصعب محاربة الفساد فيها.
وكانت تقرير ﻟ "المسلة" العام الماضي كشف عن اعترف لوكيل وزير الثقافة مهند الدليمي من ان "المناصب في وزارة الثقافة تخضع للمحاصصة".
وفي حين رفض هؤلاء المثقفون الكشف عن أسمائهم خشية سطوة رموز الفساد في الوزارة، فانهم اعتبروا ان وكلاء الوزارة، من مثل نوفل أبو رغيف وعقيل المندلاوي، وطاهر الحمود، أدوات بارزة في ماكنة فساد كبيرة ادارها طوال سنوات، سعدون الدليمي.
و يأمل عراقيون توسيع حملة الحكومة على رموز الفساد في الوزارات والمؤسسات الأخرى. ويخص عراقيون بالذكر، وزارة الثقافة التي يتحكم فيها ادعياء الكلمة، ممّن "على رؤوسهم ريشة".
ولا تختلف وزارة الثقافة عن وزارة الدفاع، لأنها الجبهة الخلفية للحرب على الإرهاب ولابد من تطهيرها من المفسدين، والوصوليين والمحسوبين على الثقافة، بعدما تسببت المحاصصة في تحويل هذه الوزارة المهمة الى مرتفع وخيم لمافيا منتفعين، ينفخون في رماد.
ويدور بين المثقفين العراقيين جدل واسع حول الفساد المتفشي في وزارة الثقافة، فمنذ 2003 وعلى رغم مليارات الدنانير التي صرفت على المشاريع الثقافية، لم تستطع الوزارة إتمام مشروع ثقافي ناجح يشار اليه بالبنان، واصبح الاختلاس المالي والفساد العلامة المميزة لمسؤولها لاسيما مدراءها العامين الذي اثروا بشكل كبير على حساب المشاريع والبرامج الثقافية".
وبحسب مصدر متابع للشأن الثقافي العراقي، فان "المدراء العامين في الوزارة، يتمتعون بامتيازات هائلة، كما ان الترف الذي يتمتعون به يفوق قرينه في اية وزارة أخرى".
وفي تشرين الثاني /نوفمبر الماضي، انتقد السينارست احمد هاتف وزارة الثقافة ومسؤوليها، واطلق كلمات "نابية" بحث اقطابها، ما يعكس حجم استياء النخب الثقافية العراقية من الفساد والسرقات واللصوصية التي تسود أروقة الوزارة ومؤسساتها الثقافية.
و توعد الشاعر العراقي صلاح حسن، وزارة الثقافة، بنشره وثائق فساد على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك".
من جانب آخر كشف مثقف عراقي تحتفظ "المسلة" بتوثيق لتصريحاته، عن ان الميزانية السنوية المخصصة لمدراء المراكز القافية الخمسة في واشنطن، لندن، ستوكهولم، بيروت، طهران، يبلغ نحو خمسة الاف دولار شهريا.
ويشرف على هذه المراكز عقيل المندلاوي الذي اثرى بشكل فاحش من وراء هذه المشاريع الشكلية.
وقال المصدر ان "أي تحقيق حول مصدر أموال المندلاوي سيكشف الى مستوى من الفساد غرق فيه هذا المسؤول".
وبحسب المصدر فان "تكاليف الموظف في الملحقيات الثقافية يكلف الدولة نحو 12 ألف دولار شهريا".
وعيّن سعدون الدليمي وزير الدفاع السابق، ووزير الثقافة السابق وكالة، زوج ابنته مديراً للمركز الثقافي العراقي، وبراتب كبير وميزانية خيالية، على الرغم من عدم كفاءته وعدم معرفته بالوسط الثقافي العراقي، بحسب وصف نخب ثقافية. واتهم الكاتب فيصل عبد الحسن، وكيل وزير الثقافة، طاهر الحمود، بالإساءة الى الكتاب والشعراء العراقيين بمنح تذاكر السفر لمهرجان المربد الأخير بطريقة ارتجالية و مصالحية، وقصْر الدعوات على المدعوين العرب فقط.