فضائح شبكة الاعلام: مليارات الدنانير في جيب الشبوط وبطانته (1)
تتناول "المسلة" في الحلقة الأولى من سلسلة التقارير والشهادات الموثقة بالادلة، أوجه "تقصير وفساد" ارتكبها مدير عام شبكة الاعلام العراقي، محمد عبد الجبار الشبوط، منذ استلامه إدارة الشبكة في 2011.
واختار مصدر هذه الوثائق، "المسلة" لجرأتها، والمتابعة الواسعة لها من قبل النخب السياسية والاجتماعية والشعبية على حد سواء، بحسب تعبير المصدر، الذي أكد على انه "يسعى من وراء ذلك الى الكشف عن الحقيقة".
وفي الوقت الذي تنشر فيه "المسلة" هذه الوثائق، فانها لا تقصد الشبوط بعينه، بقدر حرصها على اطلاع الجمهور على وثائق باتت في حوزتها بعدما خوّل مصدرها، "المسلة" بنشرها، مشيرا في ذات الوقت الى انه يطمح من وراء ذلك الى محاربة الفساد والحد من اجندة الفشل التي حوّلت الشبكة الى "اقطاعية يديرها مجموعة من الفاسدين والمنتفعين"، على حد تعبير المصدر.
وبدأ المصدر، أولى حلقات ملف شبكة الاعلام بالحديث عن صفقات الفساد في الإنتاج الدرامي، مستهلا الحديث عن مسلسل "حفر الباطن" فيقول:
يبدأ مسلسل الدراما في الشبكة بإنتاج مسلسل (حفر الباطن) الذي بدأه المدير السابق لشبكة الإعلام، عبد الكريم السوداني في سعيه الى تطوير الإنتاج الدرامي.
ورُصد لإنتاج المسلسل في البداية مبلغ (مليار دينار عراقي)، ليبدأ العاملون تصوير المشاهد الأولى، وفي اثناء ذلك، اعفي السوداني ليحل محله محمد عبد الجبار الشبوط مديرا عاما لشبكة الإعلام، وبما أن مسلسل حفر الباطن أصبح واقعا، قام الشبوط بإكمال إنتاجه وفق سياسة الـ(أوبن بوفيه)، ليتحول بـ"قدرة قادر"، مبلغ المليار دينار إلى 2 مليار دينار، لإنتاج المسلسل.
ولا يمكن حصر السرقات في هذا المسلسل، وفي التفاصيل، سعت لجنة المشتريات الى شراء الزي العسكري للجيش إبان فترة النظام السابق، لتعثر عليها مخزونة في سراديب الباعة في سوق الملابس العسكرية، في الباب الشرقي، نُقلت الى الشبكة، بسيارة حمل.
وابتاعت اللجنة الأزياء، بسعر بلغ نحو المليون ونصف المليون دينار عراقي، لتصبح في أوراق الشراء الرسمية، خمسة عشر مليون دينار عراقي.
وتزامن ذلك مع استحداث الشبوط ومدير الدراما يومذاك، نوفل عبد دهش، مهمّتين لهم في المسلسل باعتبارهما معدّين له ومشرفين عليه، وهو ما تجلى في ذكر اسم الشبوط في "التايتل" باعتباره "المشرف العام" مقابل مبلغ (مليون ونصف دينار) للحلقة الواحدة، فيما رُسِم لنوفل مهمة (المشرف الفني) ليتقاضى عن هذه المهمة المصطنعة (مليون دينار) للحلقة الواحدة.
وواقع الحال ان كلاهما، ابتكر أدواراً وهمية لا اساس لها، في المسلسل، والعمل و السيناريو، و المونتاج، لأجل شرعنة سرقتهما للمال العام.
شراء المسلسلات
و عرض تلفزيون "الحياة المصرية"، مسلسل (فرقة ناجي عطا الله) للمزاد بين شركات التوزيع والقنوات التلفزيونية، وكان يمكن لشبكة الإعلام شراءه بمبلغ (مليون ونصف دولار)، وأخذ حقوقه كاملة، إلا أن الشبكة رفضت العرض، بحجة عدم وجود أموال كافية، بعدها قامت قناة mbc بشراء المسلسل وبيعه الى عدة قنوات، محققة أرباحا بلغت نحو الثلاثة مليون دولار، ما يؤكد افتقار مديري الشبكة الى الخبرة والدراية في موضوعة الإنتاج الدرامي.
واشترت الشبكة مسلسل من قناة mbc عبر شركة توزيع ومسلسل آخر أسمه (الهروب) من دون الموافقات الأصولية. فعلى رغم ان شراء المسلسلات يتم بموافقة لجنة خاصة إضافة الى مجلس الأمناء والمفتش العام للشبكة، لكن الشبوط تجاوز كل هؤلاء واشترى المسلسل، لما له من فائدة مالية كبيرة له، (مرفق: وثائق تثبت أن الشبوط تجاوز مجلس الأمناء في هذا).
إنتاج المسلسلات
بعد أن ذاق الشبوط "حلاوة" الأموال التي يجنيها من الدراما، دشّن مرحلة جديدة من إنتاج وشراء العديد من المسلسلات، فاشترت الشبكة مسلسل (إمام الفقهاء / الجزء الأول) في 2013، بمبلغ (ستمائة الف دولار)، وفي 2014 عرضت الشركة نفسها مسلسل (إمام الفقهاء / الجزء الثاني) بمبلغ (مليون ومئتي الف دولار) أي ضعف المبلغ السابق، ما أدى بمدير المالية في مديرية الدراما، الى رفض شراء المسلسل، ولعدة أسباب ابرزها ان المسلسل هو جزء ثان، و يجب أن يكون أقل سعراً من الجزء الأول، ذلك أن الديكورات والأزياء والإكسسوارات جاهزة منذ الجزء الأول، ما يشير الى "شبهة" فساد في الموضوع، ولتلافي الضجة، اسرع الشبوط في استدعاء حسين الخزعلي لإجباره على "التوقيع"، لكن الخزعلي رفض ذلك بقوة، لتثور ثائرة الشبوط الذي خاطب الخزعلي بالقول "إنتة إبليس وآني إبليس، وإبليسين بنفس المكان ميصير".
بعد ذلك خرج الخزعلي ليذهب مباشرة لمقابلة رئيس المجلس الأعلى الإسلامي، عمار الحكيم، ويطلب نجدته لأنه يخاف من "تصفية" الشبوط له.
بعد ذلك أصدر الشبوط أمرا بتكليف علاء الماجدي - مخرج فاشل في قناة العراقية وقد صدرت سابقا بحقه عقوبة التوبيخ لسرقته أموال الجوائز لبرنامج تلفزيوني (مرفقة الوثيقة للعقوبة) - ليتولى مهمة المدير المالي للدراما، وليتم بعدها تمرير جميع المسلسلات المرتبطة بشبهات الفساد، ومنذ ذلك الحين بات علاء الماجدي، اليد اليمنى للشبوط، ليقوم الشبوط بترقيته وظيفيا، فيما بعد، بتعيينه مديرا لتلفزيون العراقية.
ان مسلسل الفساد في مديرية الدراما، بات جليا واضحا منذ بدأت اجتماعات خلف الكواليس بين الأطراف التي تدور في فلك الشبوط، والماجدي، يتم الاتفاق في خلالها على (الكوميشن).
وابرز القصص في هذا المجال التي تفضح الفساد في الشبكة، مسلسل (أنا والمجنون) الذي عرضه قاسم الملاك على الشبوط بمبلغ (500 مليون دينار عراقي)، إلا أن الشبوط والماجدي أرغماه على توقيع عقد المسلسل بمبلغ مليار دينار عراقي، لتكون حصة الشبوط وبطانته، نصف مليار دينار عراقي.
وليس هذا الكلام سرا، فقد فضحه المنتج صاحب بزون، من على قناة "بلادي" الفضائية.
بداية المعركة
كانت شركات الإنتاج تتعامل مع الشبوط فقط، رغم أن هذا مخالف للقانون (وفق الوثيقة المرفقة) فثارت حفيظة رئيس مجلس الأمناء السابق الدكتور حسن سلمان وقام بالشكوى على الشبوط لأنه يستغل صلاحيات لا يملكها في التصرف بالمال العام، ورفع سلمان شكوى إلى الجهات العليا.
وفي نفس السياق، رفع النائب في الدورة السابقة لمجلس النواب (جواد الشهيلي) ملفات فساد خاصة بالشبوط إلى مجلس النواب، وطالب بحجب ميزانية الشبكة بسبب شبهات سرقة في شراء الدراما.
لقد ادرك الشبوط التطورات الجديدة وقواعد اللعب الجديدة، وتأكد من ان اموالا جديدة للدراما، سوف لن تصرف في الموازنة القادمة، ما جعله يبحث عن كبش فداء، وهو علاء الماجدي، الذي اعفاه من منصبه، ليعيّن بدلا عنه مساعد مصور هو عباس علي باهض، ليكون مديرا للدراما، للحيلولة دون تسريب فضيحة الفساد خارج الدائرة التي رسمها، لأن هكذا "فاشل" مثل عباس باهض لا يحلم أن يصبح مصورا، فكيف وهو الآن مديرا للدراما في شبكة الإعلام العراقي.
ويسترسل المصدر في الحديث "كل ما ورد، موثّق في ملفات مجلس الأمناء، ومقدّم بالكامل إلى مكتب المفتش العام في شبكة الإعلام العراقي، كما أن هذه الملفات قُدّمت إلى لجنة النزاهة البرلمانية، وهيئة النزاهة.
وربما أدى عفاء الدكتور حسن سلمان من منصبه وتعيين علي الشلاه بدلا عنه، قد تسبّب في تأخير التحقيق في ملفات الفساد. يتبع.. الجزء الثاني.
المسلة |