العراقيون يتصدّون للأخبار السيئة باقتناء "الدببة الحمراء"
يحتفل العراقيون "بعيد الحب"، اليوم السبت رغم المصاعب التي تجتاح البلاد من جراء تصاعد وتيرة العنف والتفجيرات والقنابل، في إطار الحرب الدائرة لتحرير المدن العراقية التي سيطر عليها تنظيم "داعش" منذ حزيران الماضي. ولا تقتصر الاستعدادات على فئة عمرية محددة بل يشمل جميع الفئات من الشباب والشابات والرجال والنساء من كبار السن. وتقول فاتن عبد الرزاق (22عاما) طالبة جامعية، لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "عيد الحب مناسبة كبيرة أعشقها بجنون لأنها محطة للتعبير عن المشاعر والأحاسيس"، وأضافت "لقد هيأت مجموعة من الهدايا سنتبادلها مع الأهل والأقارب".
وتعج الأسواق والشوارع التجارية والمولات في كبرى الشوارع الراقية في بغداد بأنواع مميزة من هدايا عيد الحب التي يطغى عليها اللون الأحمر الذي أصبح هو اللون البارز في واجه المحال التجارية وفي الشوارع وسط إقبال ملفت للنظر من المتبضعين لاقتناء أنواع من الدببة والوسائد والأزهار وبطاقات التهاني والشرائط الملونة.
ويقول وسام البياتي (36عاما) صاحب محل تجاري "لقد تم تهيئة أنواع مميزة من هدايا عيد الحب وهناك إقبال كبيرة من المتبضعين".
وأضاف "إن هدايا عيد الحب تتلائم ومستويات الدخل لدى جميع العراقيين لذا ترى أن معدلات البيع عالية جدا ونحقق أرباح مجزية".
وفي الديوانية أكد أصحاب محال بيع الهدايا أن محالهم تشهد انتعاشاً وإقبالاً واسعاً لشراء الهدايا الخاصة بعيد الحب "الفالنتاين"، وفيما أوضحوا أن الشباب هم الأكثر بين الزبائن، أكد ناشطون أن عيد الحب لا يعني التشبه بغير ثقافتنا كما يزعم البعض إنما رمزية لحب "الوطن والسلام".
وقال صاحب مكتبة الكوثر، علي الديواني، في حديث الى (المدى برس)، إن "الاحتفال بمناسبة عيد الحب أخذ يتطور شيئاً فشيئاً في المحافظة، لكن اليوم أصبح الاحتفال به تقليداً واضحاً، حيث تشهد محال بيع الهدايا والمكتبات إقبالاً واسعاً لشراء الهدايا خاصة مثل قلوب الحب والدببة الحمر".
وأضاف الديواني، أن "الذروة ارتفعت منذ أسبوع في المكتبات والمحال المختصة ببيع الهدايا، وازداد الطلب فيها على تلك التي تحمل كلمات الحب والورود، ونتوقع زيادة في الطلب خلال اليومين المقبلين"، مشيراً إلى أن "العطلة الربيعية في المدارس سببت تراجع مبيعات القرطاسية، لكنها لا تعد شيئاً أمام مبيعاتنا اليوم لهدايا عيد الحب".
من جانبه قال، صاحب محل السلام لبيع الهدايا في سوق الديوانية الكبير، محمد كاظم، في حديث الى (المدى برس)، إن "كلمة الحب لا تعني مجردة العشق أو ما يحاول البعض خلطه للنيل من التطور، بل هو حبنا للعراق وديننا والسلام والوحدة، وقد تطورت المناسبة مع زيادة الوعي بين صفوف الشباب".
وأضاف كاظم، أن "نسبة إقبال الشباب على شراء الهدايا أكثر من الفتيات، لكن الملفت للنظر أن كثيراً من كبار السن يقدمون على شراء الهدايا، وحين نمازحهم ونسألهم لم اشتريتم الهدية، بعضهم يقول إنها لزوجتي والآخر يخبرنا بأنه اشتراها لأبنائه".
ومن جهته، قال الناشط أحمد ياسين، في حديث الى (المدى برس)، أن "إحياء ذكرى عيد الحب أمر طبيعي يجب أن لا يؤول ويذهب بغير اتجاهه، فغالبية الشباب متمسكون بدينهم وعقيدتهم وانتمائهم، والاحتفال بالمناسبة لا يعني ردتهم أو نكرانهم، بل هو محاولة لزرع الفرحة في قلوب من نحبهم بدءاً من أسرنا الى أصدقاء وزملائنا".
وتساءل ياسين، عن "الضير في التطلع وتبادل الثقافات وتطبيق ما يشيع روح المحبة والتسامح، الى متى نبقى قابعين في زمن أكل الدهر عليه وشرب؟، بعد أن صار العالم اليوم قرية صغيرة في ظل التطور التكنولوجي، وأتاح لنا التعرف على عادات الشعوب وثقافاتها".
وبدوره أوضح رئيس منظمة نيبور، الشاب مرتضى تومين، في حديث الى (المدى برس)، إن "المناسبة واضحة من عنوانها وإطارها العام ولا تحتاج الى تفسير أو تأويل، فقصة "الفالنتاين"، تجسيد لمفاهيم انسانية عدة، تزرع في النفس البشرية السمو والرفعة عن كل ما يشوب المعاني الحقيقية للمشاعر النبيلة".
وتابع تومين، أن "إشاعة البعض لمحاولة التقليل من أهمية المناسبة يجب أن لا تأخذ على محمل جد، كونها لا تمثل لنا كشباب أكثر من مفاهيم حب الدين والوطن والمدينة والعمل وكل ما يربطنا بعوائلنا، وحتى تلك التي تندرج بالحب العاطفي بين الشباب إن كانت نقية عذرية طاهرة، فلدينا مجاميع من الشباب عكست مفهوم الحب على جميع مجالات حياتنا اليومية".
وشدد الناشط، على "ضرورة نشر هذه الثقافة في وقتنا الحالي خاصة مع ما يمر به البلد من محاولات لزرع الفتنة والبغضاء والكره بين أبناء الشعب الواحد، من خلال هذه المناسبات، وعلينا أن نتشارك جميعاً لنؤسس ثقافة الحب".
ناشطو بابل يحوّلون عيد العاشقين لـ "حب العراق"
وفي بابل احتفل ناشطون وشباب بمناسبة عيد الحب بإقامة مهرجان (يوم عراق الحب)، وفيما دعوا الى الوحدة والحب والسلام في العراق من اجل رسم البسمة على وجود العراقيين.
وقال الناشط المدني في جماعة كوثا للتطوير الثقافي سرمد بليبل في حديث الى (المدى برس) خلال مهرجان (يوم عراق الحب) الذي إقامته جماعة كوثا للتطوير الثقافي في منتجع ومدينة العاب (بابل فرح)، والذي تضمن فعاليات ثقافية وفنية منوعة، إن "إقامة هذا المهرجان أدخل البهجة والفرح والبسمة والمحبة على وجوه مواطني الحلة وهذا من واجبنا".
وأضاف بليبل أن "الحلة تعدّ عاصمة الدولة البابلية التي كانت جدرانها وحدائقها موشحة بالمحبة والورد، واليوم نعيد ألقها وجمالها باحتفالنا اليوم بعيد الحب الذي حولناه، نحن شباب بابل، الى عيد يوم عراق الحب الذي نتمنى أن يوحدنا"، مشيراً الى أن "ما حصل هو فرح متكامل في الحلة لأجل الحياة وأن يكون عراقنا الحبيب مطرزاً بالسلام والجمال". ومن جانبه قال المخرج والمصور عماد مصطفى في حديث الى (المدى برس) إن "نادي السينما التابع لجماعة كوثا ومن خلال التجربة التي يعمل عليها منذ سنوات أعاد الحياة الى عالم السينما من خلال العروض التي يقدمها النادي بمختلف مناطق محافظة بابل بداية من الشارع الى المرسى الى مدن الألعاب الى المجالس الثقافية والاجتماعية، وسيطلق مشروع جديد للأفلام القصيرة من خلال يوم عراق الحب وعرض مجموعة من الأفلام القصيرة العالمية والمحلية".
وأضاف أن "جماعة الصورة المعاصرة التابعة لجماعة كوثا أقامت معرضها الفوتوغرافي الأول ضمن فعاليات يوم عراق الحب وبمشاركة مجموعة من المصورين المبدعين من مختلف محافظات العراق".
وبدورها قالت الشابة سجى علي في حديث الى (المدى برس) ان "مدينتي تتنفس الفرح من جديد بهمة الشباب ولليوم الثاني، وكانت بالأمس تحتفل مع حلم الشباب واليوم مع جماعة كوثا ومع كروب المستقبل"، مبيناً أن "الاحتفالات مستمرة بعيد الحب الذي حولناه لعيد محبة العراق وشعبه عيد الانتصارات والتسامح وبناء الدولة المدنية التي كانت بابل مركزاً مهماً لها لما تقدمه من فعاليات ثقافية منوعة".
وأضافت أن "مبادرة الشباب لإحياء مدينة بابل ثقافياً والنهوض بها وإعادتها الى دائرة الحضارة والمدنية، لأن عودة الثقافة والفنون جزء من موروث الشعب العراقي وهي بدايات موفقة لعودة النماء الثقافي البابلي الجميل والذي كثير ما نتذكره ونتأمل عودته".
النجفي: إحياء المناسبة يراد منها طمس الدين
بدوره قال الشيخ علي النجفي، وهو نجل المرشد الديني الشيعي بشير النجفي، أن "الفئات التي تحاول الاحتفال بهذه المناسبة في مجتمعنا تضم الذين لديهم أهداف محددة خارجية يراد منها نشر الثقافات الغربية اللادينية في محاولة جادة لطمس الهوية الثقافية التاريخية والدينية باسم الحب وبأساليب جذابة جميلة يؤثرون من خلالها على فئات الشباب تحديداً، في إطار سلسلة هجمات نشخصها باستمرار تستخدم الجامعات وبعض المنتديات الثقافية"، مبيناً أن "الفئة الثانية من المحتفلين بتلك المناسبة هم الذين لهم أهدافهم الخاصة سواء كانت داخلية أم سياسية أم معنوية أم مادية أم مجتمعة، ويستخدمون لتحقيق أهدافهم مختلف الأساليب بغض النظر عن الآثار المترتبة عن أفعالهم كمن يقوم ببيع المخدرات في بلده".
وأوضح النجفي في بيان له طالعته "المدى"، أن "المجاميع المُستَهدَفَة التي هي في الغالب تكون كالعادة مستَهلِكَة غير ملتفتة إلى الغاية والآثار المترتبة على تفاعلهم مع المشروع الذي مرة يكون على حساب جيوبهم أو عقولهم أو مبادئهم الثقافية والدينية، مغلبين عواطفهم أو حب الاستمتاع بالموجود بغض النظر عن المؤثرات والنتائج الكامنة خلفه".
ويوم الحب أو يوم القديس "فالنتاين"، مناسبة يحتفل بها كثير من الناس في بعض أنحاء العالم في الرابع عشر من شهر شباط من كل عام، ويعدً هذا هو اليوم التقليدي الذي يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب أو إهداء الزهور أو الحلوى لأحبائهم.
المدى |