داعش بين معارك العراق وتورط الأردن واحجام تركيا
يوضح الكاتب الأمريكي تشارلز كروثمر في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أنه شخصيا لن يقلل من شأن غياب المنطق في سلوكيات تنظيم داعش الارهابي، ولا من التشويق المنحط والمبالغ فيه لطائفة ظافرة تكشف عن همجيتها، ولن يبالغ في تقديرها كذلك، فالمرء لا يستطيع اجتياح مساحات واسعة من أراضي سوريا والعراق دون أن ينشر تفكير تكتيكي واستراتيجي حريص.
ويفسر كروثمر أن هدف تنظيم داعش هو زعزعة الاستقرار عن طريق الانخراط في النزاع والصراع بشكل قوي وعميق، وكان إعدام الطيار الأردني بهذه الطريقة الوحشية أدى إلى تجييش الأردن ضد التنظيم.
وبالمقارنة مع لبنان وسوريا والعراق،، يعد الأردن بلدًا هشا، فقواته على الخطوط الأمامية وقواته الخاصة هي إلى حد كبير من البدو، الذين هم بمثابة العمود الفقري للملكية الأردنية، ولكنهم بنفس الوقت أقلية، فمعظم السكان هم الفلسطينيين وهم السكان غير الأصليين، كما تم الآن إضافة 1.3 مليون لاجئ سوري مما تسبب في خلق توترات اقتصادية واجتماعية كبيرة.
و انضم بالفعل ما يقدر بنحو 1.500 أردني لتنظيم داعش في العراق وسوريا، علاوة عن وجود آخرين في المنازل وهم على استعداد للظهور عندما يحين الوقت المناسب.
ويعتبر توقيت ظهور هذه العناصر اليوم غير مناسب، فالغضب يسود الشارع الأردني، لكن يكمن الخطر في أن أي هجوم للأردنيين اليوم جوًّا، وغدًا برًّا وبشكل مطول قد يؤدي إلى استنزاف النظام وإضعافه، وهو النظام الذي يُعد أحد الحصون الكبرى ضد التطرف في المنطقة بأسرها.
وفي السياق ذاته يقول كروثمر: ينبغي أن نكون حذرين فيما نتمناه. فالأمريكيون متمسكون بالتعددية. كما أن استراتيجية الرئيس أوباما تجاه داعش تقضي بخلق تحالف واسع تكون الطليعة فيه للجيوش العربية والكردية وبقيادة أمريكية تدعمه من الخلف بالقوة الجوية.
يتكون هذا التحالف وفقا للتقارير من 60 دولة قوية. فبالرغم من تفاخر الإدارة الأمريكية بهذا، إلا أن المشاركة العربية كانت في الخطوط الأمامية ضئيلة جداً وشكلية.
ما لم يكن بالحسبان هو أن استراتيجية أوباما لم تحقق النجاح المرجو. فقد تضاعفت الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا منذ إطلاق هذه الاستراتيجية. كما كان من الصعب رؤية نجاحً للقوات الأردنية السعودية فيما في ظل الظروف الحالية.
وأشار الكاتب أن تركيا من أكثر الدول المفقودة في الحرب على داعش؛ فهي وحدها تملك القوة والحجم المناسب للقضاء على داعش. لكن القيام بذلك من شأنه أن يقوي وينقذ عدو تركيا الرئيسي وهو نظام بشار الأسد.
والثمن الذي تطلبه تركيا للدخول بالحرب على داعش هو التزام أمريكا في الإطاحة ببشار الأسد. ولما رفضت أمريكا ذلك، أحجمت تركيا عن المشاركة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا لا يوافق أوباما على الطلب التركي؟ ألم يقل أن على الرئيس بشار الأسد أن يرحل؟ السبب هو أنه لا يجرؤ على إزعاج الإيرانيين، والذي يحلم أوباما بأن يحقق تقارب معهم.
المسلّة |