حظر البعث يتعثر في أول جلسة برلمانية لمناقشته
فيما كان مقررا ان تبدأ الكتل النيابية العراقية داخل مجلس النواب اليوم رحلة نقاشات شاقة وطويلة حول مشروع قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وحظر الحزب فقد تم الاعلان عن حذف فقرة مناقشته من جدول اعمال الجلسة في اخر لحظة بسبب ماقيل انها اسباب اجرائية وحيث ينتظر ان يمر القانون بمراحل صعبة تشهد تقاطعات واجتماعات مكثفة لمسؤولي هذه الكتل في محاولة للتوصل الى توافقات حوله.
ولدى بدء جلسة مجلس النواب العراقي في بغداد صباح اليوم فقد تم الاعلان فجأة عن رفع بند مناقشة قانون المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وحظر الحزب من جدول الاعمال المقرر سابقا بسبب ماقيل انها اسباب اجرائية خاطئة اوصلت مشروع القانون الى المجلس. وابلغ مصدر برلماني "أيلاف" ان مشروع القانون وصل الى المجلس من الامانة العامة لمجلس الوزراء فيما تنص القوانين المعمول بها في مثل هذه الحالات ان يرسله مجلس الوزراء الذي وافق عليه الثلاثاء الماضي الى مجلس الشورى لابداء رايه فيه ثم يعيده اليه ليقوم بأيصاله الى مجلس النواب.
واشار الى ان رئاسة مجلس النواب ستقوم اليوم باعادة مشروع القانون الى امانة مجلس الوزراء لارساله الى مجلس الشورى قبل اعادة ارساله الى النواب .. واكد انه لايستطيع تحديد الفترة الزمنية للانتهاء من هذه الاجراءات ليباشر مجلس النواب بمناقشة مشروع القانون هذا والمثير للجدل .
وتوقع البرلماني ان تشهد نقاشات مشروع القانون صعوبات ومحاولات للوصول الى توافقات سياسية حوله ستستغرق وقتا طويلا وخاصة مايتعلق منها بحظر حزب البعث والتعامل مع المنتمين له خلال حقبة النظام السابق في محاولة للتخلص من االارث الذي خلفه هذا الملف على مدى 11 سنة الماضية منذ سقوط نظام الحزب في العراق ربيع عام 2003 ومصير حوالي مليوني منتم اليه.
وقد أكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ان البرلمان سيرفض اي تشريع من الحكومة لاتتوافق عليه الكتل . واشار خلال مؤتمر صحافي في بغداد أمس ان رفض تشريع اي من القوانين يعكس ممارسة الحق الدستوري لمجلس النواب ولايعني فشل البرلمان. وأقر بعدم وجود توافقات سياسية تكفل تشريع قانوني الحرس الوطني والمساءلة والعدالة :لاجتثاث البعث لكنهعبر عن ثقته بالمضي في عملية تشريع القوانين التي تم الاتفاق عليها في الاساس وليس اضافة فقرات اليها فيما بعد وتعتبر خارج النسق الطبيعي والنهج السياسي ولاتتماشى مع مبدأي المصالحة والوئام السياسي في اشارة الى رفض النواب السنة لبعض مواد مشروعي القانونين المتعلقين بالبعث التي يقولون ان مجلس الوزراء اضافها اليهما بخلاف الاتفاقات السياسية بين الكتل والتي افضت الى تشكيل حكومة حيدر العبادي الحالية في ايلول (سبتمبر) الماضي.
واشار الجبوري الى ان"الخلافات امر طبيعي وهنالك اليات للحسم سنعتمدها داخل البرلمان وسنجري لقاءات مكثفة بين الاطراف السياسية لغرض الوقوف على نقاط الجدل في القانونين".
واضاف انه "في حال لم يقنع البرلمان بتشريع معين جاء من الحكومة فهناك خيار اخر هو الرفض" .. موضحا ان هذا امر وارد ويؤخذ بالاعتماد ولايعني فشل البرلمان بل يعني ممارسة حق دستوري يمكن ان يلجأ اليه مجلس النواب اذا وجد ان التشريع لايتوافق مع الاجواء السياسية ولا مع مصلحة الجمهور العراقي" بحسب قوله .
واوضح الجبوري "ان هذه التشريعات سياسية تم الاتفاق عليها من حيث المبدأ في البرنامج الحكومي وغايتها البناء الديمقراطي وتعزيز الثقة". وقال "ان احتواء التشريعات على جملة من الخلافات التي يمكن ان تتجاذبها الاطراف السياسية فأن مجلس النواب لايتحمل مسؤولية تلك المشاكل والاختلافات في وجهات النظر داخل هذه التشريعات المهمة". وأكد "سنبذل كل الجهود الممكنة كرئاسة مجلس وكاطراف سياسية في ان نتلاءم ونتوافق لتاخذ هذه التشريعات المهمة مداها لكن الاحتمالات كلها واردة".
وكانت الحكومة العراقية وافقت الثلاثاء الماضي على مشاريع قوانين المساءلة والعدالة للاجتثاث وحظر حزب البعث والحرس الوطني.
مواد خلافية وتشديد لاجراءات حظر البعث
وقد اظهرت النسخة الجديدة لقانوني المساءلة والعدالة للاجتثاث وحظر حزب البعث اللذين حصلت "أيلاف" على نصيهما والتي صادق عليهما مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة قبل ايام جملة من التعديلات والتغييرات التي تمت صياغتها من لجنة التوازن الوطني في مجلس الوزراء خلافا للنسخة المعتمدة في الدورة السابقة للمجلس.
وينص قانون الاجتثاث في مادته السادسة على انهاء خدمات الموظفين ممن كانوا بدرجة عضو (فرع ، شعبة) في الحزب وهي درجات متقدمة واحالتهم على التقاعد وبدرجتهم الوظيفية التي كانوا يشغلونها قبل تفرغهم للعمل في حزب البعث المنحل بموجب قانون الخدمة والتقاعد. كما تضمنت المادة نصا اخر يتعلق باحالة الموظفين الذين يشغلون احدى الدرجات (مدير عام او ما يعادلها فما فوق) ممن كانوا بدرجة عضو فرقة في صفوف حزب البعث على التقاعد بحسب قانون الخدمة والتقاعد بالاضافة الى انهاء خدمات منتسبي الاجهزة الامنية واحالتهم على التقاعد بموجب قانون الخدمة والتقاعد استثناء من شرطي الخدمة والعمر.
وتشير المادة نفسها الى انه يمنع قادة وآمري جهاز فدائيي صدام ومن تطوع للعمل في هذا الجهاز من اي حقوق تقاعدية ويستثنى من ذلك التلاميذ والطلبة والمنسبين والمنقولين من العسكريين والموظفين من الوزارات ومؤسسات الدولة كافة للعمل في جهاز فدائيي صدام على ان لاتحتسب خدمتهم في الجهاز المذكور لاي غرض كان.
كما تضمن نص مشروع القانون في فقرة اخرى لاحقة السماح لجميع الموظفين من غير ذوي الدرجات الخاصة ممن كانوا بدرجة عضو فرقة فما دون في صفوف حزب البعث بالعودة الى دوائرهم او الاستمرار بوظائفهم. وايضا نص على انه لايسمح لأعضاء الفرق بالعودة للخدمة او الاستمرار في الخدمة في الهيئات الرئاسية الثلاث ومجلس القضاء والوزارات والأجهزة الامنية ووزارتي الخارجية والمالية.
ولذلك فقد اعلن الوزراء السنة الذين ينتمون الى تحالف القوى السنية الاعتراض على تمرير تعديلات قانون الاجتثاث بسبب مخاوفهم من تحوله الى "مصيدة" لمعاقبة كل شخص معارض للحكومة بتهمة الانتماء الى حزب البعث فيما كان يأمل التحالف ان يتم الغاء قانون المساءلة للاجتثاث بالكامل وتحويله الى ملف قضائي ومنع (مجرمي البعث) فقط من التوظف او النشاط السياسي وعدم وضع ملحق في القانون ينص على حظر الحزب بدون ضوابط واضحة .
والمتوقع في حال اجتاز القانون عقبة البرلمان وتم تأييده من قبل الاكثرية الشيعية الكردية فأنه سيحجب الوظائف عن الاف العراقيين بتهمة الانتماء الى البعث سابقا. ويؤكد السنة ان التعديل الاخير على الاجتثاث يتناقض مع المادة السابعة من الدستور العراقي التي تهدف الى منع انتشار فكر البعث وليس معاقبة الاشخاص كما يحصل الان ولذلك فأن نوابهم يستعدون لاقتراح تعديلات على القانون لدى عرضه على البرلمان خلال الاسابيع المقبلة.
لكن المسؤولين الشيعة يرون ان القانون الجديد يضم مواد ايجابية مثل انه "سيرفع تهمة الانتماء الى حزب البعث عن كل السياسيين والقادة العسكريين الذين ثبتت وطنيتهم وشاركوا في العمليات العسكرية ضد (داعش) مايعني بان اجراءات المساءلة للاجتثاث سترفع عن كل السياسيين والقادة العسكريين الموجودين حاليا .. ويقرون بان القانون الجديد يضع شروطا على الاستثناءات اصعب مما كانت في النسخة السابقة لانه اضاف (حظر البعث) الى القانون الذي ينص ايضا على "شمول اي شخص باجراءات الاجتثاث بمجرد ان يثبت عليه انتماءه الى حزب البعث".
... ومن المتوقع ان تمر نقاشات البرلمان المقبلة لمشروع القانون بصعوبات كبيرة بسبب معارضة السنة ورغبة رئيس الحكومة حيدر العبادي مدعوما من الادارة الاميركية بأنهاء هذا الملف والزج بالبعثيين ممن لم يرتكبوا جرائم ادانها القانون في العملية السياسية والتخلص بشكل تام من الارث الصعب الذي خلفه الاجتثاث على الوحدة الشعبية والمصالحة الوطنية.
كتابات |