حقبةرئاسة نوري المالكي للحكومة التي خالها العراقيون وراء ظهورهم، لم تنته حيث مازال الرجل يمتلك من النفوذ ما يتيح له عرقلة أي تغيير جذري في سياسات البلاد ويمنع محاسبته على ما اقترفه خلال سنوات حكمه، بل ما يشرّع له الطموح للعودة إلى رئاسة الحكومة. تتواتر شكاوى شخصيات سياسية عراقية من وجود دوائر نافذة في السلطة تمنع إحداث تغييرات سياسية جوهرية تقطع مع فترة سابقة وضعت البلد على شفا الحرب الأهلية، وأفضت به إلى حالة من من شبه الإفلاس الاقتصادي والانهيار العسكري انتهت بسيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من البلاد. وتشير أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الذي يقول منتقدوه إنه مازال يحتفظ بقدر من النفوذ يستخدمه في تضييق الخناق على خلفه حيدر العبادي ويمنعه من تنفيذ ما تعهّد به من إصلاحات، خصوصا لجهة إنهاء مظاهر التهميش على أساس طائفي دفعا باتجاه تحقيق المصالحة الوطنية. ويذهب بعض الساسة العراقيين حدّ المطالبة بإقالة المالكي من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، خصوصا بعد أن جاهر برغبته في العودة إلى رئاسة الوزراء استنادا لتصريح له بهذا بهذا الخصوص. وكان نقل عن المالكي قوله أوّل أمس إنّه إذا قرّر الشعب العراقي انتخابه مرّة أخرى فلن يرفض ترؤس الحكومة مجدّدا، مؤكّدا «لم أكن أرغب في ترؤس الحكومة العراقية وإنما تم فرض المنصب عليّ». واتّهم رئيس كتلة التحالف المدني الديمقراطي مثال الألـوسي المالكي بأنّه يمثل خطرا على الأمن الـوطني العـراقي، قائلا «إن نوري المالكي مايـزال يسكن القصر الجمهوري بالمنطقة الخضراء ويتقـاسم مع رئيس الوزراء حيدر العبادي المكـاتب الحكومية داخل القصر»، ومشيـرا إلى أن «نائب رئيس الجمهـورية يحاول التشويش على عمل الحكومة مـن خلال تحكمه بقوة عسكـرية شكلهـا على امتـداد ثمـاني سنـوات». كما طالب الألوسي، العبادي بـ»إخراج نوري المالكي من القصر الجمهوري والذي ينبغي أن يكون مقرا لرئاسة الحكومة وليس مكتبا خاصا، فما يزال المالكي يسكن ذات الغرف داخل القصر الجمهوري ولم يغادرها». وأشار أن «المالكي استولى على الأموال العراقية منذ توليه الحكم وشكل ميليشيات مسلحـة تديـن له بالـولاء». ويعتبر عراقيون أن فترتي ترؤس المالكي للحكـومة العراقية من أكثر الفترات فسادا في تاريخ البلد، مشيرين إلى أنّ التلاعب في صفقات التسلّح مثلت أبرز نمـوذج على مدى استشراء الظاهرة في عهده، إلى حــدّ تأثيرها على أمن البلد حيث ساهمت الصفقــات الوهمية ووجود آلاف من الجنود «الفضـائيين» -أي المسجلين ويتقاضون رواتب دون أن يكونوا في الخدمة بشكل عملي- مع عوامل أخرى، في انهيار القوات المسلّحة وتسليمها مناطق بحالها لتنظيم داعـش في صيـف 2014. وتؤكد مصادر عراقية أن ما يتمتّع به المالكي من نفوذ هو ما يمنع محاسبته، بل ما يتيح له عكس الهجــوم على من يرغبون بالتحقيق في فساده، غيـر مسثن رئيس الـوزراء الحالي ذاتـه. وفاجأ المالكي الرأي العام العراقي بمطالبته بمحاسبة المتسببين بهدر المال العام مفجّرا خلافا حادا بين أعضاء الرئاسات الثـلاث؛ الجمهورية والحكومة والبرلمان، خلال اجتمـاع لهـم عقـدوه الأحد الماضي. ونقل عن مصدر عراقي قوله إن مشادة كلامية حدثت بين المالكي الذي طالب بإجراء تحقيق بالأموال المفقودة وبين رئيس الوزراء حيدر العبادي. وأضاف المصدر أن رئيس الوزراء السابق نوري المالكي أكد أن حكومته لا تتحمل مسؤولية فقدان هذه الأموال كونها جهة تنفيذية، وأن اللجنة المالية في مجلس النواب السابق هي من كانت تشرع أبواب صرف الأموال ويجب أن تحاسب على هذا الموضوع، وهو الأمر الذي فسره العبادي كاتهام موجه له. وتابع المصدر أن رئيس اللجنة المالية في البرلمان السابق رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي حاول التملّص من تهمة هدر الأموال محمّلا المالكي المسؤولية لأن جميع الهيئات بما فيها البنك المركزي كانت مرتبطة بمكتبه، وأن الحكومة السابقة لم تزود البرلمان بسندات صرف المبالغ الفائضة من الموازنات السابقة. وجاء هذا الخلاف في وقت كشف فيه نواب عراقيون عن هدر أموال ضخمة من ميزانية الدولة منذ العام 2004 إلى العام 2012 تقدر بـ 245 مليار دولار. ونقل عن عضو اللجنة المالية النيابية سعود حيدر، قوله إنّ فائض أموال الدولة والذي يبلغ 150 مليار دولار تم صرفه من دون بيان لأبواب الصرف، فيما أشار إلى أن الرصيد المتبقي من الأموال لا يتجاوز 2 مليار دولار.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words