ليبرمان يحتفل.. والجعفري صامت يتفرج .. والتوراة العراقية وصلت لاسرائيل
في الوقت الذي كان وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان يحتفل بفرح عن وصول مخطوطة نادرة وقديمة للتوراة سرقت من بغداد عقب الاحتلال الامريكي 2003 ويعلن ان الارشيف اليهودي في العراق في طريقه الى اسرائيل تباعاً، يلتزم وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري الصمت وكأن السرقة لا تعنيه وغير مهتم بها حتى انه لم يكلف نفسه بطمأنة رئيسة لجنة الثقافة النيابية ميسون الدملوجي التي طالبته باتخاذ موقف ازاء الاستهانة الامريكية بالاثار العراقية التي استحوذت عليها ونقلتها الى واشنطن بحجة صيانتها وترميمها.
وتقول البرلمانية الدملوجي للـ(العباسية نيوز) ان وصول مخطوطة التوراة القديمة الى اسرائيل هي عملية سرقة علنية تخالف الاعراف الدولية وسياقات منظمة اليونسكو ولا بد للعراق من التحرك لاستراد آثاره المسروقة او المنقولة الى الخارج، في حين يبدي وزير السياحة والاثار عادل شرشاب استغرابه عن كيفية حصول وزارة الخارجية الاسرائيلية على مخطوطة التوراة الثمينة ويقول ان اتفاقا وقع بين الجانبين العراقي والامريكي ايام حكومة ابراهيم الجعفري الانتقالية عام 2005 يقضي باستعادة بغداد للاثار والمخطوطات العراقية من واشنطن بحلول منتصف العام التالي 2006 غير ان ذلك التاريخ مر دون ان تعود تلك الاثار ومن ضمنها الارشيف اليهودي، ويضيف الوزير شرشاب ان اتفاقا آخر وقع في 13 آيار 2010 بين حكومة المالكي وواشنطن تضمن ان يتولى مركز (نارا) الامريكي لترميم المخطوطات القديمة اصلاح الارشيف اليهودي العراقي واعادته الى بغداد ولكن مضى اكثر من اربع سنوات على ذلك الاتفاق دون نتيجة.
ويقول المدير العام السابق لدائرة المخطوطات العراقية اسامة النقشبندي ان مكتبة اثارية يهودية كاملة تم الاستيلاء عليها عقب الاحتلال ونقلت الى خارج العراق وتضم اضافة الى مخطوطة التوراة النادرة مقتنيات يهودية قديمة يعود تاريخها الى قرون مضت حرص العراقيون على حفظها وصيانتها باعتبارها جزء من الثراث العراقي القديم.
وتختلف المصادر العراقية في بيان الجهة التي استحوذت على الارشيف اليهودي في العراق عقب الفوضى التي رافقت الاحتلال خصوصا وان هذا الارشيف لم يكن في المتحف العراقي في منطقة الصالحية ببغداد الذي هاجمته عصابات منظمة وغوغائية وسرقت محتوياته بتشجيع القوات الامريكية المحتلة وتحت انظارها، وانما كان في مخازن جهاز المخابرات العراقية وتحت اشراف مباشر من مسؤولين امنيين وباحثين ومؤرخين عملوا على تصنيفه والعناية به.
وينقل عن ضابط سابق في جهاز المخابرات العراقي ظهر في قناة (الجزيرة) عقب الاحتلال وتحدث عن كيفية نقل الملفات السرية للجهاز من مجمعه الرئيسي جوار ساحة النسور الى اماكن آمنة وصفت يومئذ بـ(البديلة) لضمان حمايتها من القصف الامريكي مؤكدا ان القرار اتخذ في شباط 2003 قبل الحرب بشهر على الاقل، وقال ايضا ان مسؤولي الجهاز اختاروا مبنى دائرة الانواء الجوية في حي المنصور مكانا لحفظ تلك الملفات من ضمنها الارشيف اليهودي.
وثمة اتهامات توجه الى زعيم المؤتمر الوطني احمد الجلبي ومساعده الفيلي اراس كريم حبيب بانهما نجحا بالاستيلاء على جميع الملفات التي كانت بحوزة جهاز المخابرات في مجمعه الرئيسي واماكنه البديلة.
ويقول الكاتب والاعلامي الامريكي ريتشارد بونين في كتابه (رحلة الجلبي الطويلة الى النصر في العراق) ان اول عمل قام به الجلبي عقب وصوله الى بغداد بعد ظهر 16 نيسان 2003 قادما من قاعدة اور في الناصرية التي امضى فيها اكثر من عشرة ايام هو ارساله مجموعة من ناشطي المؤتمر الوطني في طول العاصمة بغداد وعرضها بحثا عن الملفات الداخلية لاداة صدام القمعية (جهاز المخابرات) ويضيف بونين وهو منتج برنامج (ستون دقيقة) في قناة (سي بي اس) الامريكية ان رجال الجلبي جمعوا 25 طنا من وثائق المخابرات ما يكفي لملء ملعب كرة بعلو متر تم نقلها الى نادي الصيد بقاعاته الواسعة وحدائقه الفسيحة، ويؤكد الاعلامي الامريكي الذي قدم الجلبي للجمهور الامريكي في سلسلة لقاءات تلفزيونية عديدة، ان الجلبي أسس مركز تحليل لتلك الوثائق ونقب فيها ورقة ورقة ليسلح نفسه بالمعلومات حول منافسيه السياسيين وكل من كان مراقبا او له تقارير في اجهزة مخابرات صدام.
وينسب الى منشق من المؤتمر الوطني اسمه حمد شريدة رافق الجلبي في ذهابه الى بغداد وكتب سلسلة مقالات عن كيفية استيلائه على ملفات المخابرات العراقية حيث اوضح ان اراس حبيب الذي تولى رئاسة استخبارات الجلبي يومذاك قاد مجموعة من مسلحي جيش العراق الحر التابع للمؤتمر واغلبهم من الايرانيين والاكراد ممن لا يعرفون العربية وداهم دائرة الانواء الجوية العراقية في حي المنصور برفقة ضابط مخابرات سابق متعاون يدعى بسام او عزام (لا يتذكر) واستولى على جميع الملفات والوثائق ونقلت الى نادي الصيد بقافلة سيارات.
ويعترف كاتب سيرة الجلبي الاعلامي الامريكي بونين بان جيش العراق الحر بقيادة الجلبي ومساعده اراس كان يضم 600 مسلح اغلبهم من الايرانيين من بينهم نصف دزينة من قيادات الحرس الثوري الايراني، اما الباقون فهم خليط من اكراد وعراقيين امضوا سنوات منفاهم في ايران.
وينفي الجنرال محمد الشهواني الذي اختاره الامريكيون رئيسا لاول جهاز مخابرات شكلوه عقب احتلالهم العراق ان يكون قد تسلم شيئا من الجلبي او مساعده اراس شيئا من مخلفات مخابرات صدام سواء كانت وثائق او ملفات او الارشيف اليهودي، في حين يتهم موظفون اثاريون عراقيون مستشارا متعاقدا مع البنتاغون يدعى اسماعيل حجار نسبته سلطات الاحتلال للاشراف على دائرة الاثار والمتحف العراقي بالتنسيق مع الجلبي في نقل الاثار والمخطوطات القديمة الى واشنطن واسرائيل، خصوصا وان النائب الاسرائيلي موردخاي بورات وهو من اصول كردية عراقية اعلن قبل سنوات ان مسؤولين حكوميين عراقيين من اصدقاء اسرائيل اهدوا بلاده مجموعة من المخطوطات اليهودية العراقية الثمينة من ضمنها اثر نادر للنبي ايوب كان محفوظا في مخازن مخابرات صدام.
ويقول استاذ التاريخ السابق في جامعة صلاح الدين صباح علي للـ(العباسية نيوز)ان للارشيف اليهودي في العراق قيمة تاريخية كبيرة لانه يضم وثائق نادرة عمرها الاف السنين وهي تؤرخ لحقبات زمنية طويلة، ويضيف ان بعضها اكتشف خلال التنقيبات في بابل والكفل ونينوى، ويستغرب الاستاذ الجامعي تقصير الجهات الحكومية في استرداد الاثار العراقية المسروقة من ضمنها الارشيف اليهودي ويقول: ان الامم المتحدة ومنظمة اليونسكو قادرتان على مساعدة العراق بهذا الشأن اذا تقدمت الحكومة العراقية بطلب رسمي اليهما.
كتابات |