الاعتقاد بأن عام 2015 سيخفف من المشاكل التي لا تعد ولا تحصى في الشرق الأوسط يبعث على الراحة، لكن الحقيقة يجب ان تقال بأن الاضطرابات والصراعات من المتوقع ان تزداد في المنطقة أكثر من أي وقت مضى في التاريخ الحديث، فالمخاطر الناجمة عن العنف هي مخاطر عالمية تزداد كثافتها بسرعة، وانها تهدد العالم أجمع رغم ان المسلمين وخاصةً العرب سيتحملون العبء الأكبر منها في العام المقبل كما هو الحال اليوم.
وقبل 6 سنوات كان الأمر يبدو مختلفا بعد ان تولى أوباما الرئاسة الأميركية ووعد بإيجاد حل للحروب في العراق وأفغانستان، ففي خطابه الشهير في حزيران 2009 في القاهرة، روّج أوباما 'لبداية جديدة مع العالم الإسلامي مشددا على المصلحة والاحترام المتبادل'، حيث قال 'يجب ان لا يتنافس الغرب والإسلام ويجب ان تنتهي دائرة الارتياب والخلاف'.
إلا ان ذلك لم يحصل أبداً، بل على العكس فقد تعمقت الخلافات أكثر خلال السنوات اللاحقة، كما ان الربيع العربي – واستجابة الغرب المتناقضة – أثار الديناميكية في المنطقة وزادت شعور عدم الثقة بشكل كبير.
الكثيرون في الشرق الأوسط يلقون باللوم في هذا الوضع وعلى استمرار التدخّل الأجنبي في بلدانهم، ومع هذا، فأن التدخّل الغربي المتزايد – العسكري والدبلوماسي والمالي– هو الوسيلة الأفضل أو ربما الوحيدة لمعالجة الأزمات المتعددة المترابطة في سوريا والعراق وإيران وتركيا وإسرائيل.
إما فلسطين وشمال أفريقيا فربما ستزداد الضغوط عليها من قبل الدول الغربية من أجل المزيد من التدخّل المباشر الذي قد يدفع المنطقة الى نقطة الغليان، وربما يكون ذلك أفضل لكن من المحتمل جدا ان يكون عام 2015 هو الأسوأ بالنسبة للشرق الأوسط.
الى حد ما، فان الخطر الوحيد الأكبر هو ان تهديد متطرفي داعش لسلامة العراق السياسية والجغرافية - بما في ذلك حقول النفط الجنوبية وإقليم كردستان الغني بالطاقة – سيحفّز تدخلا عسكريا أميركيا آخر وعودة أعداد كبيرة من القوات القتالية الى العراق. لقد استبعد أوباما مرارا إرسال قوات قتالية الى البلاد، الا ان ذلك أضعفه سياسيا و انه سيواجه بسببه عداء الجناح اليميني في الكونغرس في 2015.
هذا الأمر دفع أوباما إلى إعادة بعض القوات الى العراق وفسح لنفسه مجالا للمناورة بإرسال المزيد، بما في ذلك خيار توسيع القتال الى ما وراء العراق و سوريا.
يتفق البنتاغون وجنرالات أميركا على ان الضربات الجوية لوحدها غير كافية لهزيمة داعش، كما ان الحلفاء الإقليميين – باستثناء الكرد – لم يظهروا أية إشارة على توفير قوات بريّة بديلة سواء في العراق أو سوريا التي تضم معاقل داعش، وان مظاهر التطرّف – المتمثلة بمجموعات مثل جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة – تهدد بزعزعة الاستقرار في لبنان والأردن وتركيا، وتعميق الأزمة الأمنية في ليبيا واليمن والصومال .
اذا قامت الولايات المتحدة بتصعيد تدخّلها العسكري في 2015، فان بريطانيا ستضطر الى ان تحذو حذوها في ما يمكن ان يتحوّل الى حرب ثالثة في العراق.
وسبق ان هدّد تنظيم داعش بهجمات انتقامية في البلدان المشاركة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، كما ان وجود مئات المتطرفين من بريطانيا وأوروبا يجعل تلك الهجمات قابلة للتنفيذ في تلك البلدان، وأن الأجهزة الأمنية البريطانية تعرف ذلك ووضعت نفسها في حالة تأهب من هذا الخطر.
هناك عدة عوامل تجعل من تهديد داعش صعبا للغاية؛ أحدها المهارات الدعائية والاستخدام الذكي لوسائل الإعلام الحديثة، والعامل الآخر هو استعداد المجموعة لتجاهل تعاليم الإسلام والتفسير الصحيح للقرآن، وازدرائها للتنديدات التي يطلقها كبار علماء الدين تجاه قطع الرؤوس وعمليات الاغتصاب التي تمارسها المجموعة.
ويعتبر التمويل المستمر من قطر والسعودية لداعش والمجاميع المتطرفة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جانبا آخر من جوانب الشقاق السنّي – الشيعي الذي استفاد منه الإرهابيون مباشرةً. في نفس الوقت، حصد العنف أكبر حصيلة من الأرواح حسب آخر الإحصاءات، حيث قتل أكثر من خمسة آلاف شخص في أنحاء العالم في شهر تشرين الثاني الماضي.
وجاء تمرد داعش على خطى التمرد الذي قادته القاعدة في العراق منتصف عقد الألفين، لكن الفارق هو ان التمرد الحالي انتشر الى أكثر من بلد.
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words