سليم سوزه: داعش تنكسر.. ولكن
سليم سوزه: داعش تنكسر.. ولكن
تقول الاخبار أن داعش تتقهقر اليوم في معارك الموصل. ثمّة إنتصارات متوالية يسطرها العراقيون ضد هذا التنظيم. أعتقد أن داعش لن تنهزم بل ستنزع ثيابها وتختفي بين الجموع. ستظهر لنا ثانيةً كلما فشلنا في صناعة السلام. ستظهر حين تبدأ الكتل البشرية الثلاث بالصراع على ملكية الانتصار على داعش بعد ان القى كل منها مسؤولية الهزيمة امامها على الآخر.
ربما ليست داعش المشكلة، بل عراق ما بعد داعش. ستصوغ النخبة السياسية العراقية علاقات السلطة وفقاً لمعطيات جديدة هذه المرة. نضج المشروع السنّي بعد اجتماع أربيل الأخير وصار الحديث عن الأقلمة أمراً جليّاً عند أبناء المحافظات الغربية. ورغم مقاطعة بعض النخب السنّية مؤتمر أربيل ، هؤلاء الذين فضّلوا انعقاده في بغداد، إلّا الانقسام الواضح بين "سنّة" أربيل و"سنّة" بغداد يبقى في إطاره المصلحي فقط. هو اختلاف مظهر وليس جوهر طالما الاثنان متفقان على فكرة الفيدرالية السنّية.
ثمّة مشروع آخر بدأ ينضج هو الآخر على الرصيف الشيعي ، ذلك الذي يدعو لفيدرالية الوسط والجنوب. المشروع الذي بدأ يتبنّاه حزب الدعوة بعد محاربته له طوال كل تلك السنين.
تقول الاخبار ان الدعوة استشارت السيد السيستاني وهي تنتظر نصيحته فيها. السيستاني بين سندان التأريخ ومطرقة الغضب الشيعي في حال الاستجابة للورطة السياسية التي يحاول الدُعاة وضعه فيها. إن بارك الرجل هذا المشروع سيتهمه التأريخ بتقسيم العراق وإن رفضه سيصبح في مواجهة مفتوحة مع الغضب الشيعي.
ورطة فعلية لا ادري كيف سيخرج منها.
أمام هذه المشاريع الفرعية ستبقى مهمة صياغة عقد سياسي جديد مهمة صعبة على حكومة السيد العبادي، وستبقى داعش تتربص الفرص وراء الظهور حين تنشب نزاعات الخرائط بدلاً من نزاعات الطوائف.
أعتقد إنها رؤية متشائمة لكنها فرصة للتذكير من أن خيار السلام لا تصنعه النخبة السياسية وحدها ، بل هو جهد مشترك يتحمل الشعب العراقي جزءاً مهماً منه. علينا نحن كشعب قبل نخبتنا السياسية الاختيار بين عراق مفكّك تتخطّفه الطائفية وبين عراق آخر موحّد يعيش فيه الجميع محبّين متسامحين.
خاص بـ"واي نيوز" |