المطلك يتربع على عرش الفساد لعام 2014
'المدارس سيئة التجهيز وخدمات الطب مزيفة والانتخابات التي يقررها المال ليست سوى بعض من عواقب الفساد في القطاع العام'، بهذا قدمت منظمة الشفافية الدولية لتقريرها السنوي الخاص بقياس معايير النزاهة والفساد.
وبعد اكثر من 11 عاماً، تدور الحكومات العراقية المتعاقبة في حلقة ايجاد آليات اكثر فاعلية لمكافحة الفساد، بينما يدوي صداع السرقات في رؤوس المسؤولين، حينما يحين وقت تصنيف وضع البلاد في جدول النزاهة العالمي.
وقالت منظمة الشفافية الدولية ومقرها في برلين، -والمعنية بمراقبة 'جدول النزاهة' حول العالم المتكون من 174 مركزاً- ان الحروب ومناطق النزاعات المسلحة تعد ابرز المناخات لتنامي الفساد.
وبحسب تقرير المنظمة الذي صدر أخيراً لهذا العام، فقد احتل العراق المركز 170 عالمياً ليكون بين اكثر البلدان فساداً في قعر القائمة.
174 مرتبة من نزيه الى فاسد جداً
وتقول المنظمة ان 'الرشاوى والصفقات خلف الكواليس، ليست مجرد سرقة الموارد من الفئات الأكثر ضعفا، بل انها تقوض العدالة والتنمية الاقتصادية، وتدمر الثقة العامة في الحكومة والقادة'.
وتضيف ان 'مؤشر قياس مستويات الفساد، في جميع أنحاء العالم، يرسم صورة مثيرة للقلق'.
ويشير التقرير الى ان 'الفساد يمثل مشكلة لجميع البلدان، اذ من المحتمل أن يكون علامة على الرشوة على نطاق واسع، وعدم العقاب من قبل مؤسسات مكافحة الفساد العامة التي لا تستجيب لاحتياجات المواطنين'.
ودعا التقرير المراكز المالية الرائدة في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الى مساندة الاقتصادات سريعة النمو لوقف الفساد، ومنع غسل الأموال ووقف الشركات سرية من اخفاء الفساد.
يوم عالمي لمكافحة الفساد
ويصادف التاسع من ديسمبر/ كانون الاول الحالي، اليوم العالمي لمكافحة الفساد، الذي اقرته الامم المتحدة في العام 2003.
وعلى هذا الاساس اعتمدت الجمعية العامة، في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2003، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد القرار 4/58 وطلبت من امينها العام، أن يكلف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بتولي مهام أمانة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية.
تهرب وتكذيب غير مجدٍ
وخلال ثماني سنوات مضت، ايام رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، جرت العادة ان تكذب الحكومة عبر متحدث لها، او ببيان رسمي، كل التقارير الدولية عن وقوع مؤسسات حكومية بأكملها تحت ايدي مافيات فساد.
وما ان دخلت القوات الامريكية بغداد في نيسان 2003، فتحت ابواب التهرب من العقاب الاداري جراء الاختلاس والسرقة، في جميع مؤسسات الدولة ودوائرها، كما لو ان مغارة علي بابا فتحت امام كل العابرين، على حد وصف مواطنين.
متلازمة الفساد..خسارات فادحة
ولم يكن للحديث عن الفساد الرائج في العراق، ان يلقى اذناً صاغية، الا في هذه الايام اكثر من اي وقت مضى، بعد الاعلان عن فضيحة اكتشاف 50 الف جندي وهمي 'فضائي' في صفوف الجيش، في المحافظات التي سيطر عليها تنظيم داعش.
الا ان المالكي – نائب رئيس الجمهورية الحالي - نفى وجود هذا العدد من الجنود الوهميين في الجيش، ما يفتح الباب واسعاً امام التساؤلات عن طبيعة التقارير التي تصل المالكي قبل وبعد اجتياح المسلحين لمحافظتي نينوى وصلاح الدين، من قبل ضباطه الذين استبدل الكثير منهم رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي.
107 يوم على المساعي الإصلاحية
وتبدو الاجراءات الاخيرة للحكومة في مجال مكافحة الفساد، خطوات صغيرة، في طريق طويل نحو 'تطهير' دوائر الدولة، من حيتان تحدث عنها مؤخراً في مؤتمر صحفي له.
ووضع العبادي مكافحة الفساد من اولى مهامه بعد ان وضعه ضمن البرنامج الحكومي الذي قدمه للبرلمان في 7 ايلول الماضي.
ويقول عضو مجلس النواب في لجنة النزاهة البرلمانية هاشم الموسوي، ان هناك حاجة الى تعديل القوانين الضامنة لعقوبات صارمة، وتحد من عمليات الفساد التي جرت سابقاً على نطاق واسع.
أربع دوائر رقابية.. وسرقات مليارية!
وأضاف الموسوي في تصريح لموقع 'القرطاس نيوز'، ان 'هناك اربع هيئات رقابية، للحد من الفساد الاداري والمالي ابرزها هيئة النزاهة، المفتشين العامين، لجنة النزاهة النيابية، ديوان الرقابة المالية، إضافة الى هيئات قانونية منها مجلس القضاء الاعلى والادعاء العام'، مبيناً ان 'مكافحة الفساد احتلت اولوية في اجندتي البرلمان والحكومة في الفترة الحالية، نحتاج الى عمل مؤسساتي مترابط'.
ومن ابرز فضائح الفساد في عام 2014، تخصيص اكثر من مليار دولار للجنة العليا لإغاثة وايواء النازحين برئاسة صالح المطلك، والتي شاب عملها الكثير من اللغط، وكشوفات صرف بلا انجازات واضحة للنازحين.
ويعلق الموسوي بالقول 'اعتقد ان السبب الرئيس هو انعدام الادارة الصحيحة للازمات في البلاد، مثلاً العراق لا يمتلك خلية طوارىء لإدارة الازمات، وهو ماحدث اثناء سقوط محافظتي نينوى وصلاح الدين، ولا زلنا نعتمد أساليب خاطئة، وهو تشكيل لجنة، وتخصيص الأموال من دون قيود وشروط'.
ويقول المراقبون ان اغلبية الرؤوس الكبيرة في عمليات الفساد، تعرف الثغرات القانونية والحسابية لتغطية الاختلاسات، حيث يسيل المال السائب من دون محددات وضوابط للصرف، لعاب المختلسين.
'طمطمة' الفساد حزبياً
وتذكر مصادر خاصة لذات الموقع ان 'من بين نحو 43 مفتشاً عاماً في عموم دوائر الدولة، بضمنها الوزارات والهيئات المستقلة، في الحكومة الماضية، 41 منهم ينتمون الى حزب الدعوة'.
واتهمت العديد من الاوساط الشعبية والسياسية، الحكومة السابقة، باعتماد اسلوب التعمية وتكذيب الارقام الفلكية في هدر المال العام.
وتشير اوساط نيابية الى مساع لتعديلات اطلاق يد المفتشين العامين في مكافحة الفساد، لكون قانون سلطة الائتلاف المؤقتـة المنحلة بقيادة الحاكم المدني بول بريمر في 2004، والتي أسس بموجبها دائرة المفتش العام، 'يقيد' صلاحيات المفتش العام.
ماذا عن هيئة النزاهة؟
من جانبها، اعلنت هيئة النزاهة عن قرب اعلان استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد، والتي تمتد حتى عام 2019، والتي وصفت في ظل الوضع الحالي بـ 'الصعبة'.
وقال رئيس هيئة النزاهة القاضي علاء جواد، خلال مؤتمر صحفي ان' هيئة النزاهة ستطلق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في الأول من كانون الثاني من العام المقبل وستمتد الى عام 2019'، مؤكدا انها ستراتيجية حصينة لمكافحة الفساد الاداري في العراق'.
وأضاف جواد ان: 'هناك حوارا يتم مع منظمة الشفافية العالمية لتطوير موقع العراق في مكافحة الفساد خاصة وان العراق التزم بالاتفاقيات الدولية الخاصة بمكافحة الفساد'.
وكانت الاستراتيجية السابقة لمكافحة الفساد انطلقت العام 2010 وستنتهي نهاية هذا العام، ولا يبدو انها حققت تقدماً ما.
أحرار |