كانت مدينة بون في فترة من الزمن عاصمة لالمانيا، لكنها ذيع صيتها مجددا في وسائل الاعلام بكونها قبلة السلفيين، إذ يقال إنها أصبحت مكان تجمع السلفيين.
ووفقا للاحصائيات التي أصدرتها دائرة الاستخبارات الالمانية، فإن أكثر من 300 سلفي متشدد في مدينة بون حاليا، ومن مجموع الـ450 شخصا الذين توجهوا من المانيا "للجهاد" في سوريا والعراق، فإن 40 شخصا منهم من مدينة بون.
وفي عموم المانيا، فإن هناك أكثر من ستة آلاف سلفي، وعددهم يزداد يوما بعد يوم، وفي سنة 2012-2013 أكثر من ألف شخص من المدينة أصبحوا سلفيين، 10 بالمائة منهم حملة الجنسية الالمانية، و1800 شخص من الستة آلاف سلفي هم من سكان اقليم نورد راين فيست فالن الفيدرالي.
والسؤال المهم هنا لماذا يتواجد هذا العدد من السلفيين في مدينة مثل بون؟، ما الذي دفع السلفيين إلى التوجه نحو هذه المدينة؟.
يتحدث المسؤول في بلدية مدينة بون لشؤون الاسكان والهجرة كالوته مانمان، عن اسباب تجمع هذا العدد الكبير من السلفيين في مدينة بون، قائلا "برأيي بعض الاسباب عائد للعلاقة التاريخية السابقة لمدينة بون، التي كانت عاصمة لالمانيا وكانت مدينة مشتهرة بتعددها الفلكلوري، وكان من السهل التحدث فيها باللغة العربية وفيها سوق عربية واخرى تركية، وهي مدينة دولية".
ويضيف مانمان، لمراسلة شبكة رووداو الاعلامية آلا شالي، أن "مدينة بون تحتل موقعا استراتيجيا جدا من الناحية الجغرافية، وفي فترة تأسيس أكاديمية الملك فهد كانت سببا في جمع وجذب المسلمين ومن بينهم المتشددون بالطبع، وهذا شيء معلوم".
وهذا ما دفع العرب إلى التوجه إلى بون، لأن أعمالك تسير هناك بسلاسة من دون الحاجة إلى التحدث باللغة الالمانية بسبب تواجد العديد من العرب، إذ توجد العديد من الازقة والاسواق العربية، التي عندما تدخلها تشعر أنك في السعودية، ويقول مانمان إن "السعودية حاولت مرارا تشكيل جامعا عربيا ومنظمة وجامعة عربية خاصة بها، وفي بون الآن تسعة مساجد لعشرات المنظمات والجمعيات الاسلامية".
وافتتح جامع وأكاديمية الملك فهد بن عبد العزيز في بون في 15 ايلول سبتمبر عام 1995، وكلفت آنذاك قرابة الـ35 مليون مارك ألماني (ما يساوي 20 مليون دولار تقريبا)، وبدأت الأكاديمية في العام الدراسي 1995/1996 بحوالي 450 طالبا وطالبة ينتمون لـ22 جنسية مختلفة وموزعين على 22 صفا دراسيا في كافة التخصصات.
وهذا ما جعل عددا كبيرا من العرب يتوجهون نحو مدينة بون، وفي هذا الجامع تجمع العديد من التنظيمات الاسلامية التي أصبحت ملاذا للسلفيين، ويقول مانمان إن هذا هو السبب وراء تجمع السلفيين ونشاطهم في مدينة بون، وليس من السهل للاستخبارات الالمانية معرفة اعمالهم ونشاطاتهم.
وعلى الرغم من خضوعهم للمراقبة المستمرة، إلا أن عددا كبيرا من السلفيين استطاعوا النجاة بسهولة والسفر إلى سوريا والعراق، أو ارسال المساعدات المالية والمعدات العسكرية لمسلحي داعش، إذ تبين للشرطة في الاسبوع الماضي أن أحد السلفيين في المدينة أرسل معدات عسكرية إلى زوجته الالمانية في سوريا بلغت قيمتها 130 ألف يورو. وتحدث رئيس مفوضية شرطة المدينة روبرت شولتون، الذي يعد متابعة السلفيين جزءا من عمله، لشبكة رووداو الاعلامية عن عمل الشرطة، ولماذا لم تستطع منع ازدياد السلفيين المتشددين في بون.
يقول شولتون "لدينا اتصالات مستمرة مع الجوامع والتنظيمات الاسلامية للحصول على المعلومات، وعملنا كشرطة يقتضي أولا الدفاع ثانيا متابعة الجرائم، وواجبتنا تختلف عن المؤسسات الاخرى في ألمانيا، لكن التنسيق والتعاون وتبادل المعلومات بيننا مستمر، ونعتقد أننا نراقب المتشددين بشكل جيد، ونعلم بكل نشاطاتهم وأعمالهم، لكننا نعمل في اطار الدستور، لأننا نعيش في دولة ديمقراطية". ويضيف شولتون "على الرغم من أن المؤسسات الامنية في مدينة بون بشكل خاص وفي المانيا بشكل عام تتبادل المعلومات، لكن حتى الآن لم يكن بالامكان تقليل مخاطر السلفيين المتشددين في أي مكان، ووزارة الداخلية في المانيا لديها الآن قسم مؤسسة حفظ الامن، ورفعت الضوء الاسفر تعبيرا عن مخاوفها من تنفيذ السلفيين المتشددين أعمال ارهابية.
ويشير شولتون إلى سلفي متشدد عندما حاول تفجير حقيبة في محطة للقطارات في مدينة بون عام 2012، وقال إن العملية لو نفذت لأودت بحياة مئات الاشخاص.
ويضيف أن وسائل التواصل الاجتماعي سهلت عمل السلفيين وصعب عمل الشرطة، لذا تهتم المؤسسة الامنية بانشاء علاقة مع الجوامع والتنظيمات الاسلامية للحصول على المعلومات، مشيرا إلى تخصيص عدد من الموظفين للاهتمام بالموضوع.
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words