سجال عراقي: السبي صنيعُ (داعش) أم الفتوحات؟

أثارت لوحة فنية لأحد المستشرقين جدالا كبيرا في العراق خاصة على صفحات فايسبوك، واختلف المواطنون في ما بينهم حول ما إذا كانت ممارسات تنظيم (داعش) لها علاقة بسلوكيات شهدها (الفتح الاسلامي) حيث انتشر السب وراجت تجارة الرقيق والقتل، أم أن الاسلام بريء من كل ذلك.تباينت آراء العديد من العراقيين ممن تحدثوا إلى "إيلاف"، حول السلوكيات الاجرامية التي يقوم بها تنظيم "داعش"، فهناك من يردها الى سلوكيات سابقة لها علاقة بالغزوات التي قام بها الامويون والعباسيون وسواهم وما رافقها من سبي للنساء وتهجير وفتح اسواق للنخاسة، فضلا عن ابشع انواع القتل، فيما يرى آخرون ان داعش لا يمكنها ان تمثل الاسلام الحقيقي بشيء لان الاسلام دين الرحمة والتسامح والتعايش.

اعتذار شديد

يعتذر الكاتب حامد المالكي للدول التي وصلها الفتح الاسلامي، قائلا :"كمسلم بالولادة، وبمناسبة يوم التسامح العالمي، اقدم اعتذاري لأوربا وآسيا وافريقيا وكل الدول التي وصلها الفتح الاسلامي، هذه القارات والدول التي اجتاحتها قبائل الصحراء الهمجية والدولة العثمانية العليّة، فسبت جميلاتها وغلمانها وباعتهم في اسواق الرقيق".

يضيف: "أتقدم لابناء الطوائف والديانات العراقية التي تشتت في الآفاق، وسكنت الخيم بعد ان هربت من بيوتها الدافئة بالاعتذار الشديد، واقول ان داعش يمثل إسلام الفتوحات الدموي خير تمثيل، لكنه لا يمثلني انا المسلم بالولادة.

أسواق النخاسة

ومن جهته، أكد احمد العراقي ان الرقّ تكاثر بفعل الغزوات التي تذكّر تجاوزا بالفتوحات.

يقول: "يذكر المؤرخون أن أسواق النخاسة نشطت أيام انتشارالإسلام، فبلاد المغرب مثلا كانت تعرف بمخزن العبيد، فقد حول موسى بن نصير وحده 300 ألف منهم لدار الخلافة في دمشق، فقصور الخلفاء والأمراء والقادة والوزراء تعج بسبايا افريقية، التي غدت في نظر العرب أرض المغانم والأسلاب والسبي،أرض أكوام الورق، وقناطير الذهب والسبايا الجميلات".

لا يمثلون الاسلام

يختلف علي سالم مع ما تقدم من طرح، ويقول إنّ الاديان والطوائف ومن ضمنها مذهبنا الشيعي مذهب اهل البيت تعلم ان الدواعش لا يمثلون دين الاسلام الذي بشر به نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

يضيف: "القنوات التلفزيونية الغربية قبل العربية ووسائل الإعلام أكدت ان قادة التنظيم هم يهود وغايتهم تشويه الفكر المحمدي السمح"، على حد تعبيره.

ويقول سيف الرماحي: "ما يفعله "داعش" الآن، هو نفس تصرفات وأفعال الجيش الأموي ثم العباسي الذي فتح الأندلس وأفريقيا، واعتذر أني أسميتها فتوحات بل الاجدر ان نسميها (نهبا وسلبا وقتلا).

ويتساءل سمير سالم: "كيف يمكننا عزل الاسلام عن هذه الممارسات التي ابتدأت كما يقول تأريخ الاسلام الذي لم يكتب فيه حرف واحد منذ النبوة وبعدها في حدود 100/120 سنة، وهذا المكتوب تأريخياً ومتفق عليه ان هذه الممارسات بدأت في معركة الخندق واستمرت لحين سقوط الدوله العثمانية ( احد المصادر أشار اليها الباحث سيد محمود القمني في كتابه حروب دولة الرسول)".

صور من الماضي

من جانبه اكد "قيصر" ان صورة الماضي يجسدها داعش الآن، "فداعش والعثمانيون وامثالهم لا يمثلوننا لكنهم يمثلون من هم على شاكلتهم من همج، هؤلاء الوحوش جزء من موروث اسلامي موجود لا يزال يدرس الى الان والمشكلة ان البعض يخشى التحدث فيه بحجة عدم اثارة النعرات ولكنها حقيقة، على سبيل المثال فقط "وليس للخوض في الاسباب" عندما هاجم خالد بن الوليد قبيلة مالك بن نويرة وطلب منهم البيعة ورفض مالك رحمه الله قام خالد بقطع رأسه وطبخه في قدر واعتدى على زوجته لانها كما يروى كانت من جميلات العرب".

يتابع: "عندما ترى حادثة مثل هذه وبشاعتها ستعرف انه موروث، وايضا واقعة الحرة التي قام فيها جيش يزيد بن معاوية بالهجوم على المدينة المنورة وارتكبت قواته ابشع الجرائم بحق السكان من قتل وسفك دماء وقام جنوده بالاعتداء على النساء في المدينة واغتصابهن، هذه صورة واضحة من الماضي وتجسدها داعش في هذه الايام، نعم هم لا يمثلوننا لكنهم يمثلون موروثا اسلاميا لا يزال في فكر الكثيرين".

أوروبا والاسلام

يشير حيدر علي الى ان ما حدث من سبي وقتل كان في الاسلام الاموي وليس الاسلام المحمدي لأنّ "دين محمد وآله دين التسامح والاخلاق (وانك لعلى خلق عظيم)ليس دين النفاق والرياء والقتل. اخذت اوروبا من الاسلام تعاليمه ومفاهيمه الانسانية واضاف اليه العرب ابشع صورة للدمار والقتل والسبي باسم الاسلام حتى آل محمد لم يسلموا من القتل والارهاب والسبي فقتلوا سبط الرسول الاعظم (الحسين) ع وسبوا عياله واخواته ونساءه، الم يقتلوا على يد يزيد بن معاوية الاموي؟".

ويؤيده في ذلك، محمد الآلوسي الذي قال: "داعش لا يمثل حقيقة الإسلام، الإسلام منهج رباني، أما أوروبا كيف كانت قبل دخول الإسلام اليها وكيف صارت بعد، هل تعلم أن بعضا من حكام أوروبا في ذلك الوقت قد أرسلوا أولادهم للتعلم عند علماء المسلمين لما يحملون من علم وبسبب ما كانت تعيش اوروبا من جهل.. إقرأ تاريخ البلاد الإسلامية واوروبا في العصور الوسطى، اما ما يحصل اليوم لا دخل للإسلام بشيء فيه ولا من سبقنا فتعليق الأمور على أسلافنا أو على الإسلام هذه شماعة العاجز الفاشل"، على حد تعبيره.

جانب مشرق وآخر مظلم

يتساءل عارف العلي: "من يعتذر لنا عما فعلته الامبراطورية الرومانية المسيحية في بلاد العرب قبل الإسلام، ومن يعتذر لنا عما فعلته الامبراطورية الفارسية؟ قبل الإسلام أيضاً كانوا يفعلون الشيء ذاته".

يضيف: "ما حدث من أخطاء بسبب الفتوحات الإسلامية قبل 1400 سنة لم نكن نحن طرفًا فيه كلنا يعلم أن في الإسلام جانبا مشرقا وجانبا مظلما. المظلم حدث بعد وفاة الرسول وبعد انتهاء العهد الراشدي وحتى أيام الامبراطورية الأموية والعباسية كان هناك جانب مشرق وجانب مظلم، المشرق أن العالم كان يقاد من دمشق أيام الأمويين ومن بغداد أيام العباسيين، المظلم كان بسبب أفعال بعض الحكام الظلمة أما ما تقوله هذه الصورة والتي اشك بصحتها، ولو كانت صحيحة فان هذه التجارة كانت تتواجد عند كل الأديان وليس الإسلام فقط".

لوحات المستشرقين

الى ذلك، اشار عباس السوداني الى ان هذه اللوحات الفنية لمستشرقين ليس لها علاقة بالواقع.

يقول: "فتح الاندلس جعل منها قبلة للحضارة والاعمار، وكانت اوروبا بعد انهيار الامبراطورية الرومانية غارقة بالرذيلة وهناك شواهد كثيرة على ذلك وخاصة المدينة التي دفنت تحت رماد بركان فيزوف مدينة الاغنياء الايطالية بومبي والتي عثر فيها على اجساد في اوضاع الجماع الجنسي وحتى جدران المنازل كانت تزينها اللوحات الاباحية، فتجار الرقيق لم يقتصروا على العرب بل كانت حتى نهاية القرن السابع عشر الميلادي الى ان حرّمت دوليا في مؤتمر أثينا عام 1814".

يضيف: "الدول التي دخلها العرب لم يستعبد اهلها بل نقلت اليهم اعظم حضارة انسانية تؤمن بالمساواه والعدالة والحرية، ولا مجال للتوسع في هذا الموضوع، كونك مسلما تعتذر لاوروبا فهذا شأنك لكن هل اعتذرت اوروبا للمسلمين على ما حصل في بلادهم من قتل وتهجير واستعمار وحرق للمقدسات؟".

الإعتذار للأرامل

يطالب حسين حمادي أميركا بالاعتذار للايتام والارامل ويقول إنّ الاسلام "لا يقاس في فعل داعش او ميليشيات متطرفة، الاسلام الحقيقي هو في تطبيق الشرائع السماوية في العمل بسنة النبي محمد صَل الله عليه وسلم، الاسلام في عدالة عمر وفي حياء عثمان وفي بطولة علي وفي كرم ابو بكر وفي اخلاق عمر بن عبد العزيز وعفته، والأولى تقديم الاعتذار لعوائل الأيتام وللأرامل وللمشردين جراء فعل اميركا وبريطانيا ومن لف لفهم في قتل ملايين العراقيين والافغان والفلسطينيين وغيرهم الكثير الكثير".

تاريخ مبني على الذبح

يشير ابوعادل الجنابي الى تصرفات مبنية على القتل، ويرى أنّ تاريخ المسلمين والعرب مليء بالغزو والنهب والسلب والسبي وهذه بديهية معلومة للقاصي والداني، على حد تعبيره.

يقول: "سلوك المسلمين وتصرفاتهم منذ الأيام الاولى للإسلام مبنية على القتل والذبح بدليل أن المسلمين الاوائل والصحابة كما يسمّون "الذين عاصروا الرسول (ص)"، قد قتلوا الخليفة الثاني، وقتلوا الخليفة الثالث وقتلوا الخليفة الرابع".

يتساءل: "أليس هذا مؤشرا الى انهم قتلة مجرمون موغلون في الجريمة؟"

إيلاف