امريكا والنفاق السياسي تجاه القضايا العربية والاسلامية
يثير الموقف الامريكي من الاحداث في المنطقة العربية وبالخصوص في العراق وسوريا الكثير من علامات الاستفهام ، الامر الذي جعل البعض من المحللين والنقاد يوجه اصابع الاتهام الى سياسات اوباما مشددين على ان تلك السياسة لا تخلو من النفاق او الخبث العلني او المبطن ،لاسيما فيما يتعلق بالتعامل مع الملف الايراني وادواتها في المنطقة.
فالمعلن بين ايران وامريكا يبدو وكأنه صراع ومواجهات مفتوحة وفي اكثر من ملف او موقف ، لكن التسريبات المتوالية سواء من الجانب الامريكي او حتى من جهات مرتبطة بالجانب الايراني ، تلك التسريبات تؤكد بما لا يدع مجال للشك ان باطن الامور في تحديد طبيعة العلاقة الامريكية الايرانية هي نقيض ما هو على السطح ، وهذا ما يمكن ان يصطلح عليه بالنفاق السياسي بين امريكا التي تدعي انها دولة عظمى وبين ايران التي تدعي انها دولة اسلامية .
السؤال المحير والذي يفرض نفسه هنا، لماذا دولة كبرى كاميركا تمارس النفاق السياسي وبهذا المستوى وبكل تلك التفاصيل ؟ فامريكا من جانب تلقي بظلال ماكنتها الاعلامية على العالم وكأنها راعية مبادى حقوق الانسان والشفافية ومبدء سيادة القانون ومن جانب آخر تمارس التدليس والخبث في الملفات التي لها مساس بقضايا العالم العربي والاسلامي .
وعند متابعة الاحداث المتسارعة فيما يخص طبيعة العلاقة الامريكية الايرانية سيصل كل متابع الى ان ادق وصف لتلك العلاقة هو انها علاقة ظاهرها شيء وباطنها شيء اخر .
فالرئيس الاميركي باراك اوباما اعلن يوم الاربعاء الماضي ان بلاده اقترحت على ايران “اطارًا” لاتفاق دولي محتمل حول برنامجها النووي المثير للجدل من دون ان يشكل ذلك ضمانة بالتوصل الى تسوية تاريخية في اواخر تشرين الثاني الحالي .
وكانت وزارة الخارجية الاميركية اعلنت الجمعة ان وزير الخارجية جون كيري سيزور في 9 و 10 تشرين الثاني سلطنة عمان، حيث سيلتقي نظيره الايراني محمد جواد ظريف ووزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون في اطار المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني.
وفي زحمة التناقضات الاعلامية والسياسية تقوم صحيفة اميركية يوم الخميس الماضي بتسريب خبر يؤكد صحة الاستنتاجات السابقة فيكشف عن توجيه الرئيس الاميركي باراك اوباما رسالة سرّية الى المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في ايران آية الله علي خامنئي لبحث تعاون محتمل في المعركة ضد (الجهاديين) اذا تم التوصل الى اتفاق حول النووي.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال نقلا عن “اشخاص اطلعوا على النص” ان اوباما وجّه الرسالة خلال الشهر الماضي الى خامنئي متطرقا الى ما اسماه “المعركة المشتركة” ضد تنظيم “داعش” السني المتطرف. والعلاقات الدبلوماسية بين ايران والولايات المتحدة مقطوعة منذ العام 1979 مع ازمة احتجاز الرهائن اثر اقتحام السفارة الاميركية في طهران.
في هذه الاثناء يعلن البيت الابيض يوم امس الجمعة ان الرئيس باراك اوباما وافق على ارسال 1500 عسكري اضافي الى العراق لتدريب القوات الحكومية والكردية على محاربة تنظيم (داعش) ما يضاعف تقريبا عدد الجنود الاميركيين في هذا البلد.
فالمعروف والمعلن ان ايران ترفض وبقوة قرار اعادة احتلال العراق من قبل القوات الامريكية ، فلماذا لم يصدر من ايران اي رد فعل على الاقل ظاهريا وفي وسائل الاعلام وكما عودتنا ايران يشجب ويستنكر ويرفض ذلك القرار ، ام انه التوافق من تحت الطاولة والمناكفات من فوقها لايهام الدولة الضعيفة والجماعات الاثنية والطائفية ان هنالك عداء بين ايران الاسلامية وامريكا الشيطان الاكبر .
الايام والاسابيع القادمة كفيلة بترجيح اي المسارين ، المسار العلني الذي تؤكده ايران انها في صراع مستمر مع امريكا “الشيطان الاكبر” ام المسار الباطني الذي تؤكده امريكا بانها كانت ولا تزال تدعم ايران الاسلامية . لننتظر قليلا ولنرى حقيقة النوايا بين الطرفين ، لكن والى ان نصل الى اي المسارين سيترجح ستبقى المنطقة العربية تستنزف ويبقى العراق غارق بالفوضى وفي كل الاتجاهات . |