منذ اكثر من عامين، هناك هجوم شرس ومستمر، تارة من قبل ميليشيات جبهة النصرة الارهابية، وتارة من قبل وحوش داعش الارهابية على سري كاني والمقاطعات الكردية الاخرى في سوريا ذات الحكم الذاتي، غير المعترف بها لا من قبل المجتمع الدولي ولا من الدول الاقليمية ولا من قبل دمشق، بل انها كانتونات وضعت لادارة الشؤون الامنية والمعيشية لسكان تلك المناطق التي انسحبت منها اكثرية المؤسسات الامنية السورية وبعض وحدات من الجيش السوري، نظرا لان تلك المناطق كانت في بدايات انطلاقة الثورة المدنية السورية ولحد الان، التزمت بسلمية الثورة وكانت نوعية مطالب سكان تلك المناطق، تختلف عن مطالب المناطق الأخرى.
ان مطالب تلك المناطق كانت ومازالت تدور حول دمقرطة البلاد واعطاء الكرد هناك حقوقهم القومية المشروعة ونبذ العنصرية واعتبار الكرد والاقليات الاثنية والدينية الاخرى شركاء في الوطن الواحد وعدم اقصائهم، كما جرى بعد ستينيات القرن الماضي وان يعاملوا كمواطنين من الدرجة الاولى أسوة بالعرب والطائفة العلوية.
وبعدما ظهر للقادة الكرد في سوريا أنه ليس لدى القوى المنضوية تحت سقف مجلس المعارضة السورية اي تفهم للقضية القومية الكردية وليس هناك جديد لدى بعض اولئك القادة الذين كانوا حتى بداية رياح التغيير او مايسمى بـ"الربيع العربي"، ضمن منظومة نظام بشار الاسد، لكن سرعة الرياح في تونس ومصر وليبيا جعلتهم ينقلبون على ماضيهم، وسبحان الله في طرفة عين أداروا ظهرهم للنظام وأصبحوا ثوارا وقادة للمعارضة. وبعض العشائر العرب الوافدين المستفيدين من نظام اسد، الذين جلبوهم من مناطق الجنوب والوسط الى المناطق الشمالية لتقطيع المناطق الكردية وفك وحدتها، أصبحوا ثواراً ضد نظام الاسد والتحقوا بمخابرات الدول الاقليمية ولاسيما تركيا لكي لايتمكن الكرد هناك من توحيد صفوفهم ولم شملهم وتحضيرات لسوريا بعد الأسد.
وقد أدرك القادة الكرد أن اكثرية قوى المعارضة ليست الا عملاء للدول الاقليمية ومنفذين للاجندة الخارجية، وليس لديهم اي رؤية حول كيفية معالجة المشاكل الداخلية في البلاد، لذا قرروا تشكيل ثلاث ادارات منفصلة في كل من عفرين وكوباني والجزيرة لادارة الملف الامني والمعيشي لسكان المقاطعات الثلاث، ومنذ ذلك الحين بدأت تلك القوى المسماة بالمعارضة السورية و بالاخص جبهة النصرة وداعش الارهابيين باعتبار الكرد والمناطق الكردية العدو الرئيسي لهم قبل الاسد وذلك بذريعة واهية ألا وهي اتهام الكرد بالعمالة للنظام، بينما كان هناك معارضون وناشطون كرد في سجون النظام قبل الثورة، وبعض هؤلاء كانوا جلادين في سجون النظام ويعذبون النشطاء الكرد!
والآن ومنذ أواسط الشهر الماضي، هناك هجمات شرسة من قبل وحوش داعش على مقاطعة كوباني، فحسب ما نراه في قنوات التلفزة ونتابعه في المواقع الالكترونية والصحف، تعتبر هجمات داعش الوحشية وبالاسلحة الثقيلة التي اغتنموها من الجيش العراقي في الموصل، من الناحية النوعية، هي من أشرس الهجمات البربرية التي تحرق الاخضر واليابس، لكن وبحمد الله يواجهون مقاومة بطولية من قبل ابناء وبنات وحدات حماية الشعب (YBG) ولقنوهم دروسا لن ينساها الدواعش واسيادهم في المنطقة.
والغريب في الامر هنا هو تغطية الاحداث في كوباني من قبل الاعلام العربي، فأكثرية القنوات الفضائية العربية والصحف والمواقع الالكترونية تغطي الأحداث وتشير الى شراسة ووحشية المهاجمين والمقاومة الباسلة من قبل وحدات حماية الشعب الكردية في "عين العرب"، ولكن السؤال هنا: اذا كوباني فعلا هي "عين العرب"، فأين العرب من كل هذه الاحداث وهذه المقاومة الباسلة، لماذا الكرد هم الذين يدافعون عن كوباني.
أليس الأمر غريبا ياعرب؟
جمال آريز