العيد يوقظ الحنين للأهل والوطن في قلوب العراقيين المهجّرين
في الوقت الذي انطلقت فيه وفود الحجيج للديار المقدسة من العراق، بدأت الخطط الأمنية لتأمين وتقديم الخدمات لمرتادي الأماكن الترفيهية والسياحية بالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد ووزارتي الصحة والنقل ومديرية المرور العامة والجهات الأخرى ذات العلاقة، وكالعادة لم تذكر حكومة بغداد ملايين المهجرين في داخل العراق وخارجه، بل هم صاروا حقيقة مرة لا يمكن غض الطرف عنها. في هذا الوقت، يعود الحنين للمهجرين العراقيين خارج وطنهم، حنين العودة للأهل والوطن، لأن العيد هو مناسبة اللقاء، وهم محرومون منذ سنوات من هذه المشاعر، التي لا يمكن أن تنطفئ إلا باللقاء.
وأكد سعيد الدليمي همه وحنينه لأهله ووطنه في العراق قائلا: «»في هذه الأيام يعاني عراقيو الخارج من هم متجدد يتمثل في لوعتهم من طول هجرتهم لبلدهم وعدم لقاء الأهل والأحبة، وهذا بحد ذاته جريمة ضد الإنسان».
وأضاف أن «الحكومة لم تفكر، ولو مجرد تفكير في تقديم سبل عودة المغتربين، عبر نشر الأمن في البلاد، بل على العكس من ذلك هنالك اليوم هجرة جديدة من مدن الفلوجة والموصل وتكريت، هذا يعني نحن أمام ملايين من الهموم الجديدة، التي تضاف لهموم عراقيي الخارج».
أما أبنه احمد فقد بين «اليوم أصبح عمري 20 عاماً، قضيت أكثر من نصف عمري خارج وطني، نسيت صور أصدقائي، لا أعرف أين هم الآن، نحرت ذكريات الطفولة، أتمنى أن أعود لبلدي من اجل أن اخدمه، أريد أن التقي بأصدقائي، أتمنى أن يعم الأمن في العراق حتى نعود إلى بيوتنا وأهلنا».
بدورها، قالت أم عبير إن: «الغربة صورة من صور الموت البطيء»، مضيفة «منذ تسعة أعوام وأنا لم التق بأهلي، لا هم لديهم القدرة المادية على زيارتي، ولا ظروفي تسمح لي بالعودة إليهم، أو حتى تكفل مصاريف مجيئهم إلى الأردن، حقيقة نحن في مأزق إنساني، لا يمكن تفسيره بسهولة».
إلا أن يحيى الدوري بهذه الكلمات بدأ حديثه «بلادٌ .. بلادٌ يسيجها الخوف، حيث العروبة تغدو عقاباً .. وحيث الدعارة تصبح طهراً .. وحيث الهزيمة تغدو انتصارا»، وهو يعاني ألم فراق العراق وأملاكه.
وأضاف «العراق اليوم ساحة للانتقام من الحكام ضد المحكومين، هم لا يريدون قيادة البلاد، هم يريدون قتل أكبر عدد ممكن من المواطنين، هذه حكومة لا يهمها الشعب، يهمها كيف تقتل، كيف تنهب، كيف تجعل العراق من الدول المتأخرة في كل شي؟!، ونحن العراقيين مظلومون، ولا نعرف إلى أين نهرب، فبلادنا في قلوبنا وضمائرنا، ونحن لا نقدر أن نعود إليها». أما سامح هيثم، وهو أستاذ كيمياء من ديالى، قال إن «العيد في خارج العراق، مجرد مناسبة دينية، مات طعمها في نفوسنا؛ لأنه لا يمكن تصور العيد بدون الأهل والاجتماع بالأقارب، ولا اعتقد أن هنالك بعيداً عن الوطن الذي هجرنا منه رغماً عنا».
وهذه حال أم أحمد، وهي مهندسة عراقية، التي أوضحت «اضطررت بعد أن أصبحت خارج العراق بسبب اعتقال زوجي، ومن ثم تهديده أن اترك وظيفتي، على الرغم من امتلاكي لأكثر من 20 سنة خدمة فعلية في دائرتي الحكومية، وقد حرمت من كافة حقوقي الوظيفية، مع الأسف هكذا تتنكر الدولة لجهودنا».
وأضافت أم احمد «كل شي يهون من اجل العراق أتمنى أن أعود إلى بلدي في اقرب وقت، لقد سئمنا الغربة والفراق» ولا ندري متى نعود؟!».
وتستقبل العوائل العراقية العيد بشراء ملابس جديدة، والأولوية في الشراء تعطى للأطفال والنساء، وفي ليلة العيد يلبس الأطفال ملابسهم بعناية فائقة، وان العديد من الأطفال ـ ربما – كانوا ينامون بملابس العيد الجديدة.
وتعتني العائلات العراقية تعتني بتحضير الكليجة، وهي عجينة تقطـّع على شكل دوائر صغيرة تحشى إما بالتمر أو الجوز أو اللوز أو المبروش.
وحينما يطل العيد على العراقيين، يصلي الناس صلاة العيد في المسجد ويتبادلون التهاني، وهنالك بعض الشباب في مناطق متفرقة يجتمعون في صباح عيد الفطر في بيت أحدهم للفطور الجماعي، في أول فطور بعد شهر من الصيام. في العيد عادة ما تجتمع العوائل في بيت كبير العائلة أو شيخ العشيرة، لتناول وجبة الغداء في اليوم الأول للعيد. وتتخلل هذه الزيارات تقديم العديد من الماكولات الشعبية، وفي الغالب، يتم تقديم الكليجة «المعمول» مع الشاي أو العصير.
أما أماكن التنزه العامة في حياة البغداديين فهي محدودة تقريباً، ومنها متنزه الزوراء في جانب الكرخ ببغداد، وكذلك ً مدينة الألعاب عند قناة الجيش شرق بغداد في جانب الرصافة، وأيضاً هنالك جزيرة بغداد السياحية في شمالي بغداد، وكلها أماكن ممتعة وملائمة للعوائل، وفيها أماكن تسلية للاطفال والكبار على حد سواء.
وهناك عادة لدى غالبية العراقيين، وهي أنهم يجعلون من العيد مناسبة لتناسي الخلافات بين الجميع، بمساعدة الأقرباء والأصدقاء.