مسيحيوا العراق : تعرضنا للتهجير القسري من قبل " الحكومة العراقية وحكومة إقليم كوردستان"!
وصل حوالي مائة وخمسين لاجئا من مسيحيي العراق إلى باريس، هربا من مسلحي تنظيم ما يسمى بـ"الدولة الاسلامية"، وهذه ثاني دفعة من اللاجئين المسيحيين العراقيين تتوجه إلى فرنسا، منذ آب الماضي، عندما استقبلت فرنسا حوالي أربعين لاجئا منهم.
ويقول بعض اللاجئين إنه " لم يعد لهم مستقبل في العراق، بسبب معاملة عناصر تنظيم الدولة لهم، والذي يفرض تأويلا متطرفا للإسلام" ، فيما تقول لاجئة " لا يمكننا الوثوق بأحد، لأنهم قاموا بخيانتنا كمسيحيين مرات عديدة، فلماذا البقاء هناك إذن؟ نريد بناء مستقبلنا، أنا وزوجي وأبناؤنا في المستقبل".
من مدينة قرقوش المسيحية إلى أربيل في كردستان العراق لجأ هؤلاء في البداية، هربا من الاشتباكات الدائرة بين قوات البيشمركة وعناصر تنظيم الدولة، وتقول امرأة عراقية أخرى "كانت مغادرة بلادنا هي الخيار الوحيد للبقاء على قيد الحياة ، ما نعتبره تهجيرآ قسريآ ،فلا دعم لنا من المحافظات المجاورة ولا ترحيب من إقليم كوردستان ولا حماية من الحكومة العراقية".
وتسود العراق حالة من الفوضى، منذ بدء هجوم المتمردين السنة بقيادة مسلحي تنظيم "الدولة" في شهر حزيران الماضي، والذي توسع إلى شمال العراق وسوريا، وكان مراسل صحيفة واشنطن بوست الأميركية، دانيل ويلياميز، في العراق، وباحث سابق في مؤسسة هيومان رايتس ووتش، نشر تقريرا حول معاناة المسيحيين العراقيين تحت عنوان "انتهاء المسيحية في العراق"، قائلا إن جزء من خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما في 10 من ايلول، الذي دار حول تنظيم داعش، كان ضرورة لمساعدة المسيحيين وغيرهم من الأقليات الدينية، الذين طردوا من المدن والقرى في شمال البلد.
ويضيف ويليامز أنه قضى 10 أيام مع اللاجئين المسيحيين في أربيل، عاصمة اقليم كردستان، هذا الشهر، وهم يصرون على أنهم لن يعودوا إلى الموصل والبلدات المجاورة، التي تعرف باسم سهل نينوى، حتى لو تم القضاء على الإرهابيين فيها بسبب اهمال الحكومة العراقية لهم، ويوضح أن ببساطة، هؤلاء المسيحيون مصدومون بشكل كبير، ليس فقط لأنهم فقدوا كل شيء بما في ذلك بيوتهم واعمالهم، وفي بعض الحالات قضوا أياما وأسابيع رهن الاعتقال حتى يعتنقوا الإسلام، ورأوا أطفالا يسلبون من أمهاتهم للحصول على فدية او الانتقال إلى المجهول، وليس لأن خلال وجودهم في الموصل رحب غالبية جيرانهم بداعش وانضموا إليها، وأشاروا لهم إلى منازل الأقليات الدينية ليعرفونها، بما في ذلك منازل الأثرياء.
ويوضح ويليامز أن السبب الحقيقي هو أن الثلاثة أشهر الماضية بالنسبة لمسيحي العراق كانت ذروة الجحيم منذ 11 عاما، فالأميركيين لديهم ذاكرة قصيرة، حيث إنه بعد سقوط نظام صدام وغزو الولايات المتحدة للعراق واجه مسيحيو العراق مشاكل خطيرة"،مشيرآ الكاتب إلى "أول اعتداء على المسيحيين في العراق كان في اب 2004، عبر مهاجمة محال بيع الكحول، ووضع القنابل أمام كنائس بغداد والموصل، واستهداف اثنين من الكنائس في تشرين الثاني، ما دفع المسيحيين إلى الفرار نحو كردستان والأردن وسورية، ومنذ ذلك الحين تم تفجير 60 كنيسة على الأقل، آخرها كان في بغداد في يوم عيد الميلاد الماضي.
ويلفت إلى أن الكهنة والأساقفة أصبحوا أهدافا معينة، من أجل إيصال رسالة لرعاياهم بأنهم ليسوا في مأمن، واستمرت الهجمات، حيث تلقى النساء تهديدات بالتوقف عن العمل أو القتل، وتم اختطاف الأطفال في مقابل الفدية، ويضيف أن كل ذلك كان قبل دخول داعش، ومن الواضح أن هجرة مسيحيي العراق مستمرة فقد انخفض عددهم من مليون شخص في عام 2003 إلى قرابة 300 ألف حاليا، والآن لا يوجد مسيحيون في الموصل أو السهل.
وذكر أنه حين سأل المسيحيين عن خططهم، فالإجابة بالإجماع كانت مغادرة العراق بشكل نهائي، فالأرض التي عرفت المسيحية لأكثر من 2000 عام، من المحزن أن ترى المسيحية تنتهي فيها، حيث قال أحد اللاجئين "نحن أردنا العراق، ولكن العراق لا يريدنا".
الكاشف |