دعوة العبادي لتحرير الاعلام من سلطة الأجهزة الأمنية
وجه مرصد عراقي يعنى بالحريات الصحافية اتهامات لهيئة الاعلام والاتصالات بوضع الاعلام تحت هيمنة السلطة الامنية وتقييد حركة الطواقم الاعلامية ووقف بث وسائل اعلام دولية ودعا العبادي الى قرارات تؤدي لتغيير نمط التعامل مع وسائل الإعلام وتحرير الفرق الإعلامية من سلطة الأجهزة الأمنية وإجراءاتها لأنها لم تعد تتناسب مع ضرورات المرحلة. ودعا مرصد الحريات الصحافية العراقي رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي الى خطوات تصحح مسيرة التعاون بين الحكومة والمؤسسات والهيئات الإعلامية في العراق، على أساس إحترام مبادئ حرية التعبير والوصول الى المعلومة وفق الدستور والمبادئ العامة. واضاف ان المرحلة الماضية شهدت تحديات جسيمة ومخاطر جمة على السلم الأهلي والديمقراطية الناشئة وحرية التعبير التي كفلها الدستور سواء نتيجة الحوادث المؤلمة التي تعرض لها الصحافيون ووسائل الإعلام من قوى العنف والجريمة والإرهاب، أو من خلال الإجراءات والسلوكيات التي إتخذت بإسم القانون من قبل بعض الهيئات المرتبطة بالحكومة العراقية وإستهدفت وسائل إعلام محلية وصحافيين عراقيين وأجانب، وكان من شأنها إحداث صدام بين السلطة التنفيذية ووسائل الإعلام. واضاف المرصد في رسالة الى العبادي انه من الطبيعي أمام مثل هذه المعطيات، أن يتشكل نوع من إنعدام الثقة المتبادل الذي أثر على مجمل الحراك الإعلامي وإنعكس على دور وسائل الإعلام. واوضح له الإجراءات القاسية التي أتخذت من قبل الهيئة الوطنية للإعلام والإتصالات (وهي هيئة مسؤولة عن تنظيم الإعلام) ضد إذاعات وقنوات فضائية وصحف، ومكاتب لها في بغداد ومدن البلاد من خلال فرض غرامات غير مسبوقة، أو إغلاق لمكاتبها وتقييد حركة الطواقم الإعلامية، وكانت الهيئة في الغالب تلجأ الى حجج ومبررات غير قانونية للقيام بتلك الاجراءات، التي فهمت على الدوام محليا ودوليا باعتبارها انعكاس للمزاج الحكومي. واشار المرصد الى انه كان عبر مرارا عن قلقه البالغ لما يمكن أن ينتج عن تلك الإجراءات من تقويض لحرية العمل الصحفي وحركة الطواقم الإعلامية من خلال بيانات ومخاطبات الى البرلمان والحكومة .. وشدد بالقول "انه ليس من المقبول أن يتوقف العمل الصحافي والتغطيات الصحافية على موافقات من جهات هي في الأساس تمارس جهدا أمنيا وعسكريا كقيادات العمليات في بغداد والمحافظات، أو وزارتي الداخلية والدفاع، في حين أن هيئة الإعلام والإتصالات لم تقم بدورها التنظيمي، وكانت تمارس الضغط على وسائل الإعلام من خلال التنسيق مع المؤسسات الأمنية والعسكرية، وكان يجدر بها كهيئة مستقلة ممارسة ضغط معاكس لصالح وسائل الاعلام، بما يخفف من تلك الإجراءات. واضاف المرصد ان الصحافيين ووسائل الإعلام يجدون معوقات كبيرة في ممارسة عملهم، فهم مطالبون بالحصول على تصريحات بالتغطية والتنقل من مؤسسات عسكرية وأمنية وفق إجراءات معقدة للغاية تحرمهم في مرات كثيرة من القيام بالتغطية الصحفية والوصول الى أماكن الإحداث، وهذا ينسحب على الصحافيين الأجانب الذين يعانون في الحصول على سمة الدخول الى البلاد ويصدمون بإجراءات غير متوقعة وليست ضرورية، وهذا مايثير المزيد من القلق، ويدفع الى التساؤل عن إمكانية أن تستمر الهيئة في عملها دون أن تغير من سلوكها وطبيعة إجراءاتها المخالفة للدستور والقانون، بل وحتى ماتعتمده من نظام داخلي يحدد مهامها وصلاحياتها. واشار المرصد الى ان الهيئة اقدمت على اصدار قرارات بوقف بث بعض وسائل الإعلام الدولية كالبي بي سي الدولية والبي بي سي العربية، حيث أوقف بث هذه الإذاعات بحجة عدم إكمالها لإجراءات تعاقدية وتقنية وهو أمر لم تثبت صحته على الإطلاق، عدا عن إغلاق مكاتب بعض القنوات الفضائية المحلية والعربية كالبغدادية والبابلية والعربية والعربية الحدث وقناة الجزيرة، وصحيفة الشرق الاوسط. واعتبر المرصد ذلك يمثل خروجا عن الأعراف الديمقراطية سواء تلك التي ينتهجها العراق بعد التغيير، أو التي تعمل عليها معظم دول العالم ويمثل إساءة للديمقراطية الناشئة، ويعطل حركة العراق بإتجاه العالم ومحاولته التواصل مع المحيط الإقليمي والعربي وهو بحاجة الى إعادة نظر موضوعية تتطلب مراجعة جادة لتلك الإجراءات. وكانت هيئة الاعلام والاتصالات قد اصدرت في حزيران (يونيو) عام 2012 قرارات بوقف عمل 44 وسيلة اعلام بينها محطات تلفزيون واذاعات بارزة محليا مثل قناتي البغدادية والشرقية واخرى معروفة على نطاق دولي مثل البي بي سي وراديو مونت كارلو وراديو سوا واذاعة صوت اميركا. ودعا مرصد الحريات الصحافية رئيس الوزراء الى إتخاذ خطوات فاعلة ومؤثرة في المرحلة الحالية وفي المستقبل من بينها وقف تلك الإجراءات التعسفية وإعادة هيكلة هيئة الإعلام والإتصالات وإدخال الإصلاحات الضرورية على نظامها الداخلي ليتناسب وطبيعة الممارسة الديمقراطية التي لايمكن أن تنجح في ظل التقاطعات التي تحدثها الهيئة بتلك الممارسات. وشدد المرصد الحر على رئيس الوزراء ضرورة إتخاذ قرارات، تؤدي الى تغيير في نمط التعامل مع وسائل الإعلام من قبل هيئة الإعلام والإتصالات، وتحرير الفرق الإعلامية من سلطة الأجهزة الأمنية وإجراءاتها وضرورات الحصول على موافقاتها، لأنها لم تعد تتناسب على الإطلاق مع ضرورات المرحلة الراهنة والتغييرات والتطورات الحاصلة وديناميكية العمل الضروري لدعم الديمقراطية وحرية التعبير والمشاركة والحصول على المعلومات. وخاطب العبادي قائلا " اذ نُعرب لكم عن شكرنا مسبقاً على ما ستولونه من إهتمام لرسالتنا هذه والخطوات التي نعتقد بإيجابيتها نظرا لعزمكم الذي بدا واضحا إصراركم عليه من أجل إحداث التغيير الجدير بحجم التحديات وطبيعة المرحلة الراهنة فإننا نؤكد لكم إن نهج العمل الديمقراطي سيظل هو الهدف الذي نعمل لأجله، فنحن جزء من البناء الديمقراطي ولايمكن أن نتخلى عن مسؤوليتنا في هذا الصدد"