قصة هروب الطفلة العراقية من ذئاب "داعش"
نشرت صحيفة واشنطن بوست امس قصة طفلة عراقية لم يتجاوز عمرها 14 سنة، قامت عناصر داعش الارهابية باختطافها بعد قتل شقيقها وعدد من افراد عائلتها
وقدموها إلى قائدهم المسن فى فرقتهم الدموية حيث يتوزعون فى العراق الى فرق، إلا أن القدر وقف بجانب الطفلة البريئة، وتمكنت من الهرب بحياتها وعرضها، فها هى القصة التى وردت على لسان نارين ، تقول :
«في صباح 3 اغسطس الماضى بلغ مسلحو داعش أطراف بلدة تل عزير في محافظة نينوى العراقية، فهربت مع أفراد أسرتى، لم نأخذ إلا ملابسنا وبعض المقتنيات. وبعد ساعة من المسير شمالاً، توقفنا للشرب من بئر. كنا نتجه إلى جبال سنجار، حيث «الاف مثلنا، لأننا سمعنا الكثير من القصص عن وحشية مقاتلي «الدولة الإسلامية» وما قاموا به بغير المسلمين.. وفجأة وجدنا أنفسنا محاصرين بمسلحين يرتدون بزات «الدولة الإسلامية». صرخ الناس في رعب وخفنا على أرواحنا. لم يسبق لي الإحساس بعجز مماثل».
وبعد ذلك قُسم الأسرى بحسب الجنس والعمر، وسرق المسلحون أموال الطاعنين في السن وتركوهم وبينهم ابى وامى ، بعد تجريدهم من كل شيء. وُضعت النساء الشابات والفتيات في شاحنة، وسُرعان ما قُتل الشباب، وبينهم شقيق نارين وعمره 19 سنة ، وبعد الظهر وصلت الأسيرات إلى مدرسة مهجورة في قرية غرب الموصل، هناك وجدنا نساء وفتيات فَقَدن حريتهن قبلهن. دخل مقاتلون، وبعضهم من سن نارين، وعرضوا على المحتجزات من غير المسلمين اعتناق الإسلام، لكنهن رفضن. وبعد أيام نُقلن إلى مكان أوسع في الموصل، واحتُجزن هناك 20 يوماً، وفي مرحلة لاحقة فُصلت الفتيات عن المتزوجات.
وتتابع نارين: و«قُدمت وصديقتي «شايما» هدية إلى مقاتلين في «الدولة الإسلامية» من الجنوب. شايما مُنحت لأبي حسين، وهو رجل دين، وأنا اختاروني لرجل يتجاوز الخمسين من العمر، ضخم ولحيته كبيرة ومخيفة، ويبدو أنه قائدهم ويدعى أبو أحمد. اقتادونا إلى منزل في الفلوجة كأنه قصر. حاول ابو احمد اغتصابي مرات عدة، لكنني لم أمكنه من لمسي. فصار يضربني يومياً، يعاقبني ويركلني. واقتصر طعامي على وجبة واحدة. فكرتُ وشايما في الانتحار».
وفى هذا اليوم خرج أبو أحمد من المكان في مهمة ميدانية، وكلف أبو حسين لمراقبة نارين وشيما، لكن الاخير تركهما وخرج للصلاة، فاتصلت شايما بشاب يدعى محمود، وهو شاب سني وصديق لقريبها ويقيم في الفلوجة، من خلال هاتف محمول كان زعيم داعش قد تركه معها املا فى ترضيتها لتمنحه جسدها، وكان محمود مستعداً للمساعدة، لكن كان عليهما قبلاً إيجاد وسيلة للخروج من المنزل، فاستخدمتا سكاكين المطبخ لكسر أقفال الأبواب.
وبعد ربع ساعة بلغتا وسط المدينة. وبدتا امرأتين مثل سائر النساء إذ لم يكن ممكناً معرفة هويتيهما وهما ترتديان العباءات السوداء، هناك لاقاهما محمود واقتادهما إلى منزله ، ثم استأجر لهما سيارة أجرة لتقلهما في رحلة ساعتين إلى بغداد. كان السائق خائفاً لكنه شعر بواجب مساعدة الفتاتين اللتين ارتديتا النقاب للتخفي، وزودهما محمود ببطاقات طلابية مزوّرة في حال المرور بحواجز تفتيش. رافقهما الشاب في تلك الرحلة، واضطر عند أحد الحواجز لرشوة مسلحين ليكملوا المسير، حتى بلغتا بغداد، صارتا في عهدة أصدقاء إيزيدين وأكراد مسلمين.
دامت معاناة نارين شهراً فى الانتقال من مكان لمكان ، وانتهت مبللة بدموع أبيها وأمها وفي أحضانهما. دموع الفرح على استعادة الابنة، والحزن على شقيقها المقتول، والقلق على زوجته المحتجزة في الموصل، نارين وهى فى عمر الرابعة عشرة، تعيش الان وتحاصرها الكوابيس ليلاً ونهاراً. وتختم روايتها بالقول :«أريد مغادرة هذه البلاد، كلها، لا مكان لي فيها بعد الآن. أريد الذهاب إلى مكان يمكنني أن أبدأ فيه من جديد».
قام بترجمة كلمات نارين الى صحيفة واشنطن بوست الصحفي الكردي محمد صالح المقيم في أربيل، واختار للطفلة اسما مستعارا وهو «نارين» لحمايتها وأسرتها، فصحيح أنها صارت آمنة في كردستان العراق، لكن مصير الكثير من معارفها لا يزال مجهولاً.
واشنطن بوست |