يبدو إن المجاميع المسلحة في المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) لن تتمكن من إخفاء خلافاتها بعد اليوم فقد تجاوز الصراع على السلطة فيما بينها الحرب الباردة، فيما حاول جناح من المسلحين الانفصال عن داعش لكنه فشل في ذلك حسب ما يقوله جهاز الاستخبارات العراقي.
فهناك تسع مجموعات مسلحة تنشط اليوم في محافظات نينوى وصلاح الدين وقضاء الحويجة وهي النقشبندية والمعروفة بالجناح العسكري لحزب البعث وانصار السنة والتنظيم العسكري للثوار والمجلس العسكري لرؤساء العشائر وجيش المجاهدين وجيش العشائر في نينوى والحويجة والدولة الاسلامية في العراق والشام وجماعة الجهاد السلفي، إلا إن داعش أكثرها نفوذاً وقد أجبر الجماعات الأخرى على الإنضواء تحت سلطتها لكن الكثير من تلك الفصائل لا تستطيع مجاراة أسلوب داعش الدموي.
بالإضافة إلى ذلك هناك عدم ثقة مطلقة بين مسلحي داعش القدماء والمسلحين الجدد، حيث يرى المسلحون القدماء إن هؤلاء انضموا إلى الجماعة حديثا وليسوا من الأعضاء الحقيقيين وقد جمعتهم المصالح فيما لايستطيع المسلحون الجدد التأقلم مع سياسة العنف لداعش ولايرغبون في تطبيق جميع الأوامر حرفياً.
وقال ضابط رفيع المستوى في جهاز الاستخبارات العراقي في كركوك لم يشأ ذكر اسمه إن الخلافات ظهرت داخل التنظيم وبين داعش والقوى الأخرى بعدما أمر التنظيم المجاميع المسلحة الأخرى بالخضوع له.
وأضاف "طلب رؤساء العشائر في الحويجة اللذين انضموا إلى مسلحي داعش من والي القضاء إعلان هدنة مع قوات البيشمركة لفتح الطريق بين كركوك والحويجة إلا إن الوالي رفض الأمر واصفاً من طلبوا ذلك بالخونة مما أدى ذلك إلى نشوب التوتر بينهم".
وبالعودة إلى مسلسل الأحداث يتبين إن الخلاف بين داعش ورؤساء العشائر لم يبدأ منذ ذلك الحين بل يعود إلى تاريخ أقدم، فقد هاجم مسلحو داعش الجهاديون وهم من جنسيات مغربية وجزائرية وافغانية وشيشانية قبل أسابيع منزل رئيس عشيرة العبيد وأحرقوه كما تم اختطاف الشيخ منذر العبدالله وهو أحد الشخصيات البارزة في عشيرة العبيد وبعد ذلك فجروا منزل الشيخ عيسى محسن الشخصية البارزة في عشيرة الجبور.
وحسب أقوال ضابط جهاز الاستخبارات العراقي فإن سبب هجمات الدواعش على تلك الشخصيات هو مطالبتها بتشديد هجمات داعش ضد سياسة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي وإعلان الهدنة مع الأكراد.
ونظرا للتكوين العشائري للمنطقة فإن ولاء مسلحي العشائر اللذين انتموا إلى داعش هو لعشائرهم وليس للنتظيم لذلك فإنهم سيختارون جانب القبيلة عند ظهور أي خلاف بل إن بعضهم حاول التنصل من التنظيم المتشدد حتى غن السكان يطلقون نكاتاً حول الموضوع فهم يسمون الدواعش القادمين من خارج العراق "داعش أصلي" فيما يطلقون عبارة "داعش صيني" على مسلحي العشائر اللذين انضموا إلى داعش بمعنى أنهم ليسوا بجودة القدماء ولا بمستوى أصالتهم.
المعلومات التي حصلت عليها "نقاش" من مصادر عشائرية تؤكد إن عدداً من رؤساء العشائر العاملين مع داعش من عشائر الجبور والجميل والبكارة والتميم حاولوا الانفصال في الأيام الماضية والعمل تحت اسم "المجلس العسكري للدولة الاسلامية في العراق" وتنصيب القاضي صباح سليمان قاضي التحقيق في محكمة الحويجة مشرفاً عليهم.
وكانت خطتهم بعد الانفصال تشمل الإعلان رسمياً عن ثلاث طلبات هي فتح طريق كركوك – الحويجة وإطلاق سراح أسرى الصحوات والبيشمركة لدى داعش مع محاولة تأمين رواتب موظفي القضاء، ولكن تسريب المعلومات أدى إلى اكتشاف أمرهم حيث رد مسلحو داعش بمهاجمة منزل القاضي صباح وخطفوا سبعة من معاونيه إلى مكان مجهول.
وقال ضابط في الاستخبارات العراقية إنه بالاضافة إلى تلك المحاولات فإن هناك جماعات أخرى داخل داعش تريد الانفصال وإقامة هيئة جديدة إلا انه بعد اكتشاف المحاولة السابقة لا تتجرأ أن تخطو تلك الحطوة.
وفي مقابل تلك المحاولات بدأ التنظيم المتشدد بنشر صور على صفحته الخاصة في موقع تويتر يظهر فيها عشائر الحويجة وهم يبدون دعمهم لداعش وقال إنهم يبايعون "الخلافة الاسلامية".
ويظهر في الصور عدد من رؤساء العشائر بالزي العربي وهم يستمعون إلى والي قضاء الحويجة إلا إن محمود ابراهيم خلف رئيس عشيرة البكارة في قضاء الحويجة (55 كم جنوب غرب كركوك) قال "رفض رؤساء العشائر في الحويجة بشكل قاطع مبايعة البغدادي على العمليات الجهادية".
واشار إلى إن عدداً من رؤساء العشائر يحاولون منذ أسابيع تشكيل جماعة مسلحة للدفاع عن أنفسهم إلا إن داعش يريد إخضاعهم لسيطرته.
وبالعودة إلى أقوال المصدر في الاستخبارات العراقية يبدو إن داعش لن تبقى متماسكاً بعد أسابيع كما هو اليوم، فالمسلحين الجدد الذين انضموا إليه سينسحبون تدريجيا وهم يعلمون إن التنظيم لن يسامحهم ولن يكون أمامهم حل سوى حمل السلاح ومواجهة داعش أو ترك المنطقة.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words