بعد سوريا والعراق وغزة.. نصر الله بلا شرعية!
بعد سوريا والعراق وغزة.. نصر الله بلا شرعية!
نشرت الصحف والمواقع العربية خبرا عن وفاة إبراهيم الحاج القيادي الكبير في حزب الله الذي لقي مصرعه قرب مدينة الموصل العراقية حيث كان يقود ميلشيات شكلها حزب الله مؤخرا لمناصرة نوري المالكي في محاولة لإنقاذ حكومته وذلك حسب الأوامر التي صدرت إلى أمينه العام حسن نصرالله من طهران.
الخبر ايقظ في ذاكرتي مقالا كتبته في يناير 2009 بجريدة الجمهورية المصرية بعنوان "حسن بقو" أي حسن الفم الكبير. قذائفه كلامية ورصاصه فشنك وصواريخه تحولت إلى صدور العرب بعد أن لجمه المجتمع الدولي بالقرار 1701 الذي أمره بالإنسحاب ومعه حليفه السوري من الجنوب اللبناني. وقبع حزب الله شمالي نهر الليطاني وأضاع على لبنان 30 كيلو مترا فقدت فيها سيادتها على أرضها بعد أن زرع القرار الدولي قوات حفظ السلام على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. معارك يوليو 2006 قتل فيها الاف اللبنانيين وتهدمت الضاحية الجنوبية تماما ومع ذلك أعلن نصرالله أنه حقق انتصارا إلهيا.
قتال حزب الله في العراق مثلما هو في سوريا قتال طائفي لتصفية السنة. طهران أصدرت أوامرها للحزب بتصحيح صورة المالكي الذي لقي هزائم مخزية أمام الميلشيات الأخرى، تماما كما صدرت له نفس الأوامر بتخفيف الضغط على بشار الأسد أمام ميلشيات المعارضة فخاض نصرالله وقواته معارك ضارية في حلب والقلمون لاستعادة السيطرة السورية عليها.
مقتل القيادي إبراهيم الحاج في العراق اثبت بما لا يدع مجالا للشك أن شفرة نصرالله في طهران.. تفتح وتغلق بمفتاح المصالح الإيرانية ثم الطائفة الشيعية، ولا تصدقوا أبدا انه كان بطلا للمقاومة اللبنانية أمام الإجتياح الإسرائيلي في يوليو 2006. فقد كشف أحد مساعدي محمد خاتمي الرئيس الإيراني الأسبق في تصريح لصحيفة "سويسرا اليوم" حيث يقيم، أن الأوامر صدرت إلى نصرالله بإستدراج إسرائيل إلى عملية عسكرية ضد لبنان لتخفيف الضغط الدولي على إيران في شأن الملف النووي، فقام بإختطاف الجنديين ثم كان ما كان من الإجتياح والتدمير وانسحاب حزب الله وإسرائيل وسوريا وتقسيم لبنان.
مقتل قيادي حزب الله في العراق وقبله بسام طباجه في سوريا يؤكد أن الأولوية عند الحزب هي للفتاوى الطائفية الصادرة من طهران والتنصل في الوقت ذاته من الدعوات لدعم غزة وفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل.
في حرب إسرائيل على غزة في 27 ديسمبر 2008، خرج نصرالله مطالبا الجيش المصري بالإنقلاب على قادته وفتح معبر رفح وخوض الحرب ضد إسرائيل بدلا من أن يظل محافظا على إتفاقية كامب ديفيد. لم يطلب نصرالله ذلك من إيران ولا سوريا، لأن أيدولوجية الحزب تقوم على الطائفية وليس على المقاومة. أي طائفة غير شيعية هي كافرة في نظر طهران ودمشق ونصرالله. لقد ساوى نصر الله في خطاب له بين التكفيريين وإسرائيل مؤكدا أن مقاومتهما واحدة. أصم نصرالله أذنيه عن نداء نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسي أبو مرزوق عن أمل الحركة في أن يقوم الحزب بفتح جبهة ثانية ضد إسرائيل للتخفيف من الويلات التي يتعرض لها أهالي غزة يوميا وسقط لهم حتى الان 1400 قتيل بنيران الإحتلال الإسرائيلي.
لقد نزعت المعارك الطائفية سواء تلك التي يقودها حزب الله أو الميلشيات السنية الهوية التي كانت تفاخر بها هذه الحركات بأنها فصائل مقاومة.
الطائفية التي زرعتها إيران عمقت الشرخ بين مكونات المجتمعات العربية.. بين أصالتها وهويتها وبين قدرتها على التحول والتكيف طبقا لإشارات السيد الإيراني.
لقد تحول حزب الله ونصرالله من أبطال مقاومة ضد إسرائيل – حتى لو كان ذلك بالإسم – إلى لوردات حرب أهلية في العراق وسوريا وبالتالي فقدا مصداقيتهما في لبنان كحركة تحرر وطني، بل أصبحا مجرد ميلشيات صراع ديني في المنطقة على من تكون له الكلمة لعليا هل للشيعة وأصحاب العتبات المقدسة في العراق وربيبتهم سوريا أم للمعارضة السنية التي تسعي هي ايضا لتصفية قائمة طويلة بأعدائها المحليين.
المأزق الحقيقي سيكون عندما يعود حزب الله إلى الحياة السياسية في لبنان ليحظى بمكانته التي اعتادها في البرلمان والحكومة باعتباره ممثلا للمقاومة الباسلة ضد الاحتلال، كيف سيسوق نفسه للناخب اللبناني خصوصا السنة والدروز والمسيحيين.
ما هي الشرعية السياسية التي سيستند إليها حزب الله، وما هي المرجعية الدينية التي سيروج على أساسها برنامجه؟ هل أصبح ذراع الحكام الطائفية لقمع المعارضة؟ أم لعله أصبح رسولا لإيران ليفتح لها الأبواب واسعة أمام المد الشيعي ويسقط أي مقاومة سنية – حتى لو كانت سلمية – لهذا التشيع؟
يا سيد نصرالله كن شجاعا ولا تتمسح برداء المقاومة وأعلنها صراحة: أنك خادم المرشد الإيراني، ولا سلطان لك على قرارك ولا يمكن أن تعصي له أمرا حتى لو كان الثمن ذبح شعبك وبني وطنك كما حدث في انقلاب 7 مايو 2008 أو في نكوصك على عقبيك وهروبك من دعم فصيل مقاومة محاصر في غزة، فهل لو كانوا شيعة لبادرت اليهم! أنني أعذرك فأنت مجرد خادم لا لوم ولا عتاب ولا تثريب عليك.
محمد علي إبراهيم
رئيس تحرير صحيفة الجمهورية سابقا - مصر |