مأزق المالكي.. ومأزق العراق
مأزق المالكي.. ومأزق العراق
لم يعد هناك شك بان آخر اوراق التوت قد سقطت عن المالكي، ولم يعد مصيره مرتبطاً بمصير الشيعة في العراق، كما وقع في ظن البعض، وكما اوهم الشارع الشيعي قبل الانتخابات الاخيرة.
الكل بات يدرك، وحتى المالكي نفسه، ان اوراقه احترقت بالكامل منذ وقت بعيد، ووجوده بات معلقاً على حفنة جماهير جاهلة ومضللة وغير عارفة بما يدور بالبلد.
لبعض الوقت استغل المالكي الفوبيا الشيعية من فقدانهم الحكم في العراق، واستطاع ان يستدرج الشيعة الى تأييده في كثير من الاحيان، وظل يلعب على اوهامهم من خلال ممارساته الطائفية، وإحاطة صورته بمظاهر الرجل القوي الذي يمنع اهل السنة من استعادة حكم العراق، والذي ليس بمستطاع احد غيره قادر على ضمان استمرار الحكم الشيعي .
وقد يكون من السذاجة عدم التفكير بمنطق المؤامرة عند الحديث عما جرى وما سيجري في العراق..
داخلياً.. سقطت صورة البطل المزيف بانفجار ثورة العشائر وسقوط مدينة الموصل..
وتكشفت مظاهر الضعف في التفكك الغريب لقواته التي انهزمت في ساحة المواجهة دون قتال حقيقي..
والاكثر اهمية ان محاولة المالكي إحاطة نفسه بصورة الرجل القوي، والوحيد، الذي يحفظ ديمومة الحكومة الشيعية، لم تعد مجدية بعد ارتفاع حدة النزاعات داخل التحالف الشيعي، والرفض القاطع من قبل التحالف الوطني لمنحه ولاية ثالثة على الرغم من نتائجه الانتخابية.
ولعل المشكلة المستعصية على الحل التي تواجه المالكي هي مشكلة الاكراد، الذين باتوا يرفضون التعامل معه بشكل قاطع ويتخذونه حجة لدعاوى الانفصال، ودفعوا بالاشكالات بين حكومة المركز والاقليم الى مديات بعيدة، ومستويات خطيرة، ليس من السهل التراجع عنها او تجاوزها، الامر الذي يختزل الكثير من احتمالات بقاء المالكي في السلطة.
وخارجياً..الموقف الاميركي تجاه المالكي شديد الوضوح، وعلى العكس مما يظنه البعض من انه يتسم بالضعف والضبابية، فاميركا تملك مخططات بعيدة المدى للعراق، وللمنطقة، تتجاوز كل ما يجري على سطح المتغيرات الجارية في الوقت الحاضر..
والشاهد انه لا يمكن التسليم بأي حال من الاحوال بان اميركا عجزت عن معرفة التحركات المسلحة التي كانت تجري على حدود نينوى مع سوريا قبل التاسع من حزيران الماضي، او ان مراكز استشرافها او اجهزتها المخابراتية كانتا عاجزتان عن معرفة ما يجري داخل تنظيمات العناصر المسلحة في سوريا او العراق، الامر الذي يقودنا الى رفض فكرة انها تفاجأت بما حصل في الموصل.
واذا استمرت الاوضاع الحالية في العراق، او اذا اتخذت منحى يوازي ما يجري في سوريا، فان مشروع بايدن لتقسيم العراق قادم لا محالة، وذلك هدف اميركي استراتيجي قديم لم يتردد الكثيرين من رجال الادارات الاميركية عن الافصاح عنه، ما يعني ان الوضع العراقي الحالي متوائم تماماً مع ما تريده اميركا، لاسيما ان تقسيم العراق سيكون له امتدادات مؤثرة يهدد الدول الاقليمية بالتقسيم وفي مقدمتها ايران وتركيا والسعودية.. وبذلك فهي لاتريد ترجيح كفة الميزان لصالح المالكي او لصالح اعدائه، وستتركه عرضة لتقلبات الرياح دون الاهتمام بمصيره
وتبدو ملامح اللعبة بالنسبة لايران اكثر وضوحاً من أي وقت مضى. اذ بالاضافة الى المشروع الايراني الشيعي في المنطقة، فان ايران اكثر الاطراف استفادة مما يجري في العراق، وانها سوف لن تهتم بمصير المالكي الى الحد الذي يهدد مصالحها، لاسيما انها تمتلك البديل الذي يتواءم مع سياستها في العراق او في المنطقة، لكنها تريد زيادة تواجدها في العراق بدواعي مساعدة المالكي للحفاظ على السلطة الشيعية، واستخدام ورقة العراق لمساومة اميركا في مفاوضات النووي او اية مفاوضات اخرى.
ساهر عبد الله
|