الحنين للخلافة للاسلامية .. هل اصبح واقع حال؟
لقد أعلنت الدولة الإسلامية (المعروفة سابقا باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام, أو داعش) في 29 من الشهر الماضي على لسان المتحدث الرسمي لها ابو محمد العدناني الشامي قيام الخلافة الإسلامية على الأراضي التي تم السيطرة عليها في سورية والعراق.
وقد ظهر ابوبكر البغدادي يوم الجمعة 4 تموز 2014 لأول مرة في الجامع الكبير لمدينة موصل يؤم صلاة الجمعة باسم الخليفة ابراهيم أميرالمؤمنين في الدولة الإسلامية.
وكان قد شهدت مناطق مختلفة من العالم الاسلامي مظاهرات داعمة لتاسيس الخلافة الإسلامية من الأردن المجاورة للمنطقة الى اندنوسيا وفلبين في أقصى شرق العالم الاسلامي.
وقد أعلن المتظاهرون بيعتهم للخليفة واستعدادهم لمناصرته فور الطلب. كما أن جماعات كبيرة من جبهة النصرة المنافسة لداعش قد أعلنت مبايعتها لخليفة داعش بعد قيام دولتها. هذا مضافا الى توافد العشائر السورية والعراقية لمبايعة الخلافة الاسلامية في مناطق سيطرتها.
وفي سياق آخر ندد رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي باعلان تنظيم داعش إقامة الخلافة الإسلامية. ولكنه في نفس الوقت شدد على أن عودة الخلافة هو مبدأ إسلامي أصيل "تتوق إليه أنفسنا جميعا وتفكر فيه كل عقولنا وتهفو له كل أفئدتنا، وكلنا نحلم بالخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، ونتمنى من أعماق قلوبنا أن تقوم اليوم قبل الغد". ومن الجدير بالذكر أن القرضاوي يعدّ من القيادات الروحية والمنظرة لإخوان المسلمين الذين يشاركون الجماعات السلفية الجهادية في مبادئهم الإصولية الأساسية رغم الاختلاف في مناهجهم.
وقد حاول مفكرون سلفيون آخرون ينتمون للتيار الجهادي بتفسير الإنجازات الأخيرة للدولة الإسلامية وفق رؤية آخرالزمانية (eschatological) معتبرين ما يحدث هو جزء من ظهور المهدي الذي سيعيد الخلافة الإسلامية بعد اضطرابات كثيرة تشهده مناطق محددة من العالم الإسلامي بما فيها العراق والشام.
ما يظهره هذا كله بأن هناك شعور نوستولوجي قوي منتشر في العالم الإسلامي نحو فترة الخلافة الإسلامية. وتقترن الخلافة الإسلامية في المخيلة الجماعية لأصحاب هذا الشعور بالإزدهار والعظمة التاريخية للحضارة الإسلامية. ويتغذى هذا الشعور بشكل كبير من حالة عدم الإستقرار السياسي والمشاكل الإقتصادية الكبيرة في المجتمعات الإسلامية. وذلك من حيث أن الإحباط والقنوط من حصول التغيير يوجه الأفراد نحو الطوباوية ويبعدهم عن التفكير الواقعي في مشاكل حياتهم. وهذا خاصة أن هذه المجتمعات قد مرّت بتجارب متعددة في المئة السنة الأخيرة دون أي جدوى. فقد مرّت هذه المناطق بفترة الإستعمار بعد ما كانت تحلم بالحرية من إستبداد الامبراطورية العثمانية. وقد ابتلت بالأنظمة العسكرية بعد ما توجهت نحو مناهضة الإستعمار والتخلص منه.
وقد وقعت بعد ذلك في فخّ ايدئولوجيات قومية ويسارية متعددة دون أن تنتج لها ما كانت تحلم به من حياة كريمة في مجتمع متقدم.
وتعدّ قوّة اليوتوبيا عامل مهمّ في نشر الميول نحو تأسيس الخلافة الإسلامية. وقد عُرِضَت اليوتوبياوية السلفية بشكل مخطط واقعي قابل للتطبيق من قبل منظريها، بل هو ضروري التطبيق حسب ما وعده الله لعباده المؤمنين كما يعتقده هؤلاء الأفراد. وقد جاءت تفاصيل هذا المخطط الإلهي في مؤلفات اثنين من دعامات الفكر السلفي المعاصر وهما: ابوالأعلى المودودي والسيد قطب.
ينقسم التاريخ في هذه الرؤية السلفية الى قسمين: الجاهلية والإسلام، وأن كل مرحلة من الجاهلية تلحقها مرحلة إسلامية. وبما أن العالم يشهد اليوم عهد جاهلي حديث فيجب القيام بالجهاد لتأسيس العهد الإسلامي المقبل. ويتم هذا عبر مراحل ثلاث: الايمان (بالاسلام الخالص السلفي)، الهجرة (الانتقال من المجتمعات الكافرة الى مجتمع مؤمن) والجهاد (لتحقيق الدولة الإسلامية التي يجب أن تظهر في صيغة الخلافة بوصفها هي الطريقة االرائجة عند السلف).
وقد لعبت البروباغاندا الداعشية بمهنية كبيرة دوراً بارزاً في تسويق هذه الفكرة بهدف جلب عدد أكبر من المقاتلين ضمن المشروع الجهادي العالمي لتأسيس الخلافة الإسلامية. فيقوم القسم الاعلامي لداعش باستمرار بنشر مقاطع فيديو لمقاتلين قادمين من مختلف مناطق العالم، الاسلامية منها وغيرها. ويتحدث هؤلاء القادمون عن تجربتهم الإيمانية والجهادية التي جاءت بهم الى أرض المعركة ومن ثم يقوم هؤلاء بحرق جوازاتهم منذرين حكومات بلادهم بأنهم سيرجعون لها بالسلاح لبسط سيطرة الخلافة الإسلامية. ويتمّ غالباً التركيز على المقاتلين القادمين من الدول الغربية لترغيب وبث الحماس لدى مواطني الدول الإسلامية للإلتحاق بالجهاد.
كما أنهم يقومون بعروض عسكرية في المدن تحت سيطرتهم لإظهار قوتهم واثبات واقعية مشروعهم في قيام الخلافة.
وقد إستغلت داعش انجازاتها الأخيرة في السيطرة على مناطق عراقية شاسعة تجاور ممتلكاتها في سورية للاعلان عن سقوط الحدود القائمة بين الدول على أساس اتفاقية سايس- بيكو. ومن خلال ذلك تؤكد داعش بأنها بالفعل أنجزت مشروع الخلافة التي أسقطها الغربيون قبل قرن من الزمن خلال تقسيم الأراضي العثمانية حسب الإتفاقية آنفة الذكر.
وأخيراً رغم أن داعش ما زالت بعيدة عن امكانية الاستقرار التام ضمن مشروع دولة حقيقية لفقدان المقومات الكاملة لتأسيس دولة حديثة، ولكنها قادرة على البقاء لفترة طويلة ونشر الفوضي في مناطق شاسعة من الشرق الأوسط وحواليه. وذلك في حال عدم حصول توافق اقليمي ودولي في القضاء على هذا التنظيم الإرهابي.
وكان قد شهدت مناطق مختلفة من العالم الاسلامي مظاهرات داعمة لتاسيس الخلافة الإسلامية من الأردن المجاورة للمنطقة الى اندنوسيا وفلبين في أقصى شرق العالم الاسلامي.
وقد أعلن المتظاهرون بيعتهم للخليفة واستعدادهم لمناصرته فور الطلب. كما أن جماعات كبيرة من جبهة النصرة المنافسة لداعش قد أعلنت مبايعتها لخليفة داعش بعد قيام دولتها. هذا مضافا الى توافد العشائر السورية والعراقية لمبايعة الخلافة الاسلامية في مناطق سيطرتها.
وفي سياق آخر ندد رئيس الإتحاد العالمي للعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي باعلان تنظيم داعش إقامة الخلافة الإسلامية. ولكنه في نفس الوقت شدد على أن عودة الخلافة هو مبدأ إسلامي أصيل "تتوق إليه أنفسنا جميعا وتفكر فيه كل عقولنا وتهفو له كل أفئدتنا، وكلنا نحلم بالخلافة الإسلامية على منهاج النبوة، ونتمنى من أعماق قلوبنا أن تقوم اليوم قبل الغد".
ومن الجدير بالذكر أن القرضاوي يعدّ من القيادات الروحية والمنظرة لإخوان المسلمين الذين يشاركون الجماعات السلفية الجهادية في مبادئهم الإصولية الأساسية رغم الاختلاف في مناهجهم.
وقد حاول مفكرون سلفيون آخرون ينتمون للتيار الجهادي بتفسير الإنجازات الأخيرة للدولة الإسلامية وفق رؤية آخرالزمانية (eschatological) معتبرين ما يحدث هو جزء من ظهور المهدي الذي سيعيد الخلافة الإسلامية بعد اضطرابات كثيرة تشهده مناطق محددة من العالم الإسلامي بما فيها العراق والشام.
ما يظهره هذا كله بأن هناك شعور نوستولوجي قوي منتشر في العالم الإسلامي نحو فترة الخلافة الإسلامية. وتقترن الخلافة الإسلامية في المخيلة الجماعية لأصحاب هذا الشعور بالإزدهار والعظمة التاريخية للحضارة الإسلامية.
ويتغذى هذا الشعور بشكل كبير من حالة عدم الإستقرار السياسي والمشاكل الإقتصادية الكبيرة في المجتمعات الإسلامية. وذلك من حيث أن الإحباط والقنوط من حصول التغيير يوجه الأفراد نحو الطوباوية ويبعدهم عن التفكير الواقعي في مشاكل حياتهم. وهذا خاصة أن هذه المجتمعات قد مرّت بتجارب متعددة في المئة السنة الأخيرة دون أي جدوى. فقد مرّت هذه المناطق بفترة الإستعمار بعد ما كانت تحلم بالحرية من إستبداد الامبراطورية العثمانية.
وقد ابتلت بالأنظمة العسكرية بعد ما توجهت نحو مناهضة الإستعمار والتخلص منه. وقد وقعت بعد ذلك في فخّ ايدئولوجيات قومية ويسارية متعددة دون أن تنتج لها ما كانت تحلم به من حياة كريمة في مجتمع متقدم.
وتعدّ قوّة اليوتوبيا عامل مهمّ في نشر الميول نحو تأسيس الخلافة الإسلامية. وقد عُرِضَت اليوتوبياوية السلفية بشكل مخطط واقعي قابل للتطبيق من قبل منظريها، بل هو ضروري التطبيق حسب ما وعده الله لعباده المؤمنين كما يعتقده هؤلاء الأفراد. وقد جاءت تفاصيل هذا المخطط الإلهي في مؤلفات اثنين من دعامات الفكر السلفي المعاصر وهما: ابوالأعلى المودودي والسيد قطب.
ينقسم التاريخ في هذه الرؤية السلفية الى قسمين: الجاهلية والإسلام، وأن كل مرحلة من الجاهلية تلحقها مرحلة إسلامية. وبما أن العالم يشهد اليوم عهد جاهلي حديث فيجب القيام بالجهاد لتأسيس العهد الإسلامي المقبل. ويتم هذا عبر مراحل ثلاث: الايمان (بالاسلام الخالص السلفي)، الهجرة (الانتقال من المجتمعات الكافرة الى مجتمع مؤمن) والجهاد (لتحقيق الدولة الإسلامية التي يجب أن تظهر في صيغة الخلافة بوصفها هي الطريقة االرائجة عند السلف).
وقد لعبت البروباغاندا الداعشية بمهنية كبيرة دوراً بارزاً في تسويق هذه الفكرة بهدف جلب عدد أكبر من المقاتلين ضمن المشروع الجهادي العالمي لتأسيس الخلافة الإسلامية. فيقوم القسم الاعلامي لداعش باستمرار بنشر مقاطع فيديو لمقاتلين قادمين من مختلف مناطق العالم، الاسلامية منها وغيرها.
ويتحدث هؤلاء القادمون عن تجربتهم الإيمانية والجهادية التي جاءت بهم الى أرض المعركة ومن ثم يقوم هؤلاء بحرق جوازاتهم منذرين حكومات بلادهم بأنهم سيرجعون لها بالسلاح لبسط سيطرة الخلافة الإسلامية. ويتمّ غالباً التركيز على المقاتلين القادمين من الدول الغربية لترغيب وبث الحماس لدى مواطني الدول الإسلامية للإلتحاق بالجهاد. كما أنهم يقومون بعروض عسكرية في المدن تحت سيطرتهم لإظهار قوتهم واثبات واقعية مشروعهم في قيام الخلافة.
وقد إستغلت داعش انجازاتها الأخيرة في السيطرة على مناطق عراقية شاسعة تجاور ممتلكاتها في سورية للاعلان عن سقوط الحدود القائمة بين الدول على أساس اتفاقية سايس- بيكو. ومن خلال ذلك تؤكد داعش بأنها بالفعل أنجزت مشروع الخلافة التي أسقطها الغربيون قبل قرن من الزمن خلال تقسيم الأراضي العثمانية حسب الإتفاقية آنفة الذكر.
وأخيراً رغم أن داعش ما زالت بعيدة عن امكانية الاستقرار التام ضمن مشروع دولة حقيقية لفقدان المقومات الكاملة لتأسيس دولة حديثة، ولكنها قادرة على البقاء لفترة طويلة ونشر الفوضي في مناطق شاسعة من الشرق الأوسط وحواليه. وذلك في حال عدم حصول توافق اقليمي ودولي في القضاء على هذا التنظيم الإرهابي.
كتابات |