كشف لقاء الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالمرجع الديني آية الله علي السيستاني، عن المساحة "السياسية" التي يتمتع بها الأخير ليس بصفته رجل دين وحسب. وعادة ما تدعي المرجعية الدينية في النجف بانها لا تتدخل في السياسية، إلا ان بياناتها وتصريحاتها المعلنة أضحت أشبه بالفرض على الأحزاب السياسية الحاكمة في بغداد خصوصا الدينية منها.
وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بعد لقاء السيستاني بانه اتفق معه على ضرورة تشكيل حكومة جديدة تكون باباً للعمل الجاد لبناء العراق وتنهي انقسامات العراقيين وتواجه الإرهاب ضمن إطار الدولة وبقوات الجيش العراقي وبحسب الدستور.
وأعرب عن تقديريه لدعوات السيستاني بوقف الخطاب الطائفي ومطالبته للجميع بضبط النفس.. مشدداً بالقول "اتفقت مع السيد السيستاني على أنّ يوقف السياسيين الخطابات المتطرفة وأشجع جميع القيادات على سماع تعاليمه".
في غضون ذلك دعا المرجع الشيعي في العراق آية الله علي السيستاني الزعماء السياسيين الجمعة إلى عدم التشبث بمناصبهم في اشارة على ما يبدو إلى رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يرفض مطالب بالتنحي.
وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي تلاها أحد مساعديه إنه يتعين على الزعماء السياسيين التحلي بالمرونة حتى يمكن كسر الجمود السياسي وحتى يتمكن العراق من مواجهة الإخطار والإرهاب.
ويتساءل المراقبون عن الصفة التي يشكلها السيد السيستاني حامل الجنسية الإيرانية في التأثير على تشكيل الحكومة العراقية، وعما اذا كانت زيارة الأمين العام للأمم المتحدة لمسكنه في النجف تمثل بداية اعتراف سياسي دولي به وليس مجرد مرجعية دينية للشيعة.
ولا يسمح بتصوير السيستاني من قبل وسائل الإعلام، كما انه لا يصرح عادة بلسانه ويكتفي المقربون منه بإعلان رأيه في خطب الجمعة أو في بيانات على موقعه الالكتروني، والسماح بتصويره مع الأمين العام للأمم المتحدة يعد من النوادر.
وقال الشيخ علي النجفي نجل بشير النجفي احد المراجع الشيعة الأربعة متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية ان "للعراق الجديد ظروفا وطابعا خاصا والمرجعية هي التي ترسم خريطة العراق الجديد". واضاف ان "المرجعية لم ترغب ان تسيطر على البلاد لكن أن تعبر عن رأيها في الأوقات الحرجة والصعبة".
وبشير النجفي أسوة بالمراجع الأخرى من أصول باكستانية يعيش في العراق منذ صباه.
ويخشى عراقيون ان تسعى الأحزاب الدينية الحاكمة الى نقل التجربة الإيرانية الى بلادهم، خصوصا ما يسمى بـ"أحزاب ايران في العراق".
ويرون ان "العراق ليس إيران"، وتطبيق "ولاية الفقيه" وفق الفكرة الخمينية لاتتناسب مع العراق كبلد متعدد الطوائف والديانات، إلا ان الأحزاب الدينية التي تقلد مراجع عربية وفارسية والميليشيات التابعة لها لا تخفي إعلانها التمسك بمبدأ نقل تقاليد المسجد إلى الدول وفق الفكرة الخمينية.
واستعرض المئات من المليشيات الشيعية اليوم في بغداد حاملين صور الخميني وخامنئي، استجابة لما خصصته إيران يوما للقدس في الجمعة الأخيرة من رمضان.
وشجعت فتوى للمرجع آية الله علي السيستاني هي الأولى من نوعها منذ اكثر من تسعين عاما مئات الالاف من الشيعة على التطوع للقتال الى جانب القوات الامنية.
وتطوع خمسة الاف من الرجال الشيعة لحمل السلاح بعد اعلان ثوار العشائر في شمال العراق تحرير مدن الموصل والانبار وصلاح الدين، فيما اعلنت الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش" المتطرفة" سيطرتها على المدينة.
واكد المرجع السيستاني في فتوى صدرت في العشرين من يونيو الماضي، ان على كل طوائف المجتمع العراقي مقاتلة تنظيم "الدولة الاسلامية" معتبرا انه اذا لم يتم طردها من العراق "فسيندم الجميع غدا"، بدون ان يتدخل في العملية السياسية مباشرة.
كتابات
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words