داعش تحوّل دار الضيافة والقائمقامية إلى محاكم شرعية وتفرض "الزي الأفغاني" على الأهالي
كشف صحفيون موصليون، أمس، عن قيام تنظيم داعش بإنشاء "محكمتين شرعيتين" في جانبي المدينة، متخذا من مؤسسات ومبانٍ حكومية مقرا لهما، مشيرين الى ان هذه المحاكم باتت تثير الرعب في نفوس الاهالي لانها بدأت باقامة الحدود وتنفيذ العقوبات بعيدا عن المحاكم الرسمية.
وقال الصحفيون ان داعش بدأت بتنفيذ "وثيقة الملابس" الذي فرضت بموجبها على الموصليين "الزي الشرعي" الذي قالوا انه يشبه الزي الأفغاني، وتحدثوا عن استياء المواطنين الشديد من تصرفات التنظيم الأخيرة.
وتأتي هذه الشهادات بعد يوم واحد من خروج آخر مسيحي من مدينة الموصل بعد ان فرضت عليهم داعش دفع الجزية او ترك المدينة.
وبعد نحو أربعين يوما من سيطرة داعش على مدينة الموصل، فان ثاني اكبر مدينة في العراق باتت تعاني من نزوح جماعي طال ابناء الأقليات من التركمان والشبك والمسيحيين.
وفي هذا السياق، يقول سعد القاسم، وهو صحفي من ابناء الموصل، ان "ابناء الموصل بدأوا يتذمرون من تصرفات عناصر تنظيم داعش بسبب قيامهم بانشاء محاكم شرعية واقامة الحدود على الناس وتهجير المسيحيين وفرض زي خاص"، مبينا ان "سلوك عناصر داعش تغير ولم يعد كما كان عليه في الايام الاولى من دخولهم المدينة، وتعاملهم هذا غيّر من نظرة الناس إليهم".
وأضاف القاسم "يوم أمس اقتحم المسلحون احد الاديرة المسيحية أمام مرأى الناس الذين يخشون من الادلاء بأية كلمة تجاه ما قاموا به خوفا من افعالهم الاجرامية"، مشيرا الى ان "الناس ترفض افعال تنظيم داعش لكنها تخاف منهم، ووصل الامر الى خوف الناس من الحديث فيما بينهم عن الاساءات التي يقوم بها داعش، فالكل يرفض سلوكهم تجاه اخواننا المسيحيين وتهجيرهم ونهب اموالهم".
وكشف الصحفي الموصلي عن "قيام تنظيم داعش بإنشاء محكمتين شرعيتين رئيسيتين بدلا عن المحاكم الحكومية، احداهما في الجانب الايمن من المدينة ومقرها دار ضيافة المحافظ اثيل النجيفي، والاخرى تقع في الجانب الايسر للمدنية ومقرها مبنى القائمقامية وتقوم هذه المحاكم بإصدار الاحكام وفق الشريعة الاسلامية واقامة الحدود". واكد ان "الموصليين يخافون من تلك المحاكم، ويتجنبون حتى السير بقربها، لان ما نسمعه من احاديث عن تلك المحاكم امر مرعب ويدعو للقلق".
واكد القاسم "صحة وثيقة الملابس التي تم تداولها في المواقع الالكترونية"، مضيفا "أصبح تطبيقها أمرا واقعا في مدينة الموصل، ويحاول داعش فرض الملابس الاسلامية على الجميع"، مردفا بشيء من السخرية "لا استطيع ان اتخيل نفسي بالزي الافغاني".
ويذكر ان "داعش منع الشباب والبنات من ارتداء الملابس التي تحمل عبارات اجنبية او صورا ومنع العباءات الاسلامية ومنع المحال من عرض الملابس بواسطة المانيكان ومنع تدخين الاركيلة ومنع النساء من قيادة السيارات وغيرها من الامور".
ويقول الصحفي الموصلي ان "الملابس باتت تباع بأسعار رخيصة جدا والتجار بدأوا يتكبدون خسائر كبيرة لانهم يحاولون بيعها وتصفيتها بأسرع وقت تلافيا لانتهاء المهلة التي حددتها داعش لاستيراد ازياء شرعية". ويؤكد ان "المواطنين وتحديدا النساء امتثلن لتلك الاوامر وبدأن بارتداء الجبة الاسلامية التي فرضتها داعش"، لكنه يشدد على ان "اغلب الناس مستاءة من الوضع الذي تعيشه مدينتهم".
الى ذلك قالت اسيل جمال، وهي ناشطة مدنية في الموصل، ان "تنظيم داعش انتهك خلال الايام الاخيرة كل مبادئ حقوق الانسان من خلال تطبيقهم الشريعة الاسلامية في ادارة المدينة وإقامتهم المحاكم الشرعية وفرض الجزية والنقاب كزي تعتمده النساء".
وتؤكد الناشطة المدنية لـ"المدى" ان "الناس بدأوا بالتذمر من تصرفات داعش لكنهم لا يستطيعون فعل اي شيء خوفا من ردة فعلهم، لانهم لا يتعاملون الا بالسيف". وتتحدث اسيل جمال عن ان "سيارات الشرطة الاسلامية المرابطة في التقاطعات والساحات تثير رعب المواطنين الذين يتخوفون من مسلحين يرتدون ملابس سوداء تشبه ملابس الافغان".
وتناشد، الناشطة المدنية، المجتمع الدولي بضرورة التدخل من اجل مساعدة المسيحيين، معتبرة ان "التصريحات لا تنفع". ودعت "الحكومة في بغداد واقليم كردستان وجميع الاطراف السياسية الفاعلة الى ضرورة التعاون من اجل وضع حلول سريعة لازمة الموصل التي بدأت تتفاقم، ووضع حد للانتهاكات التي يقوم بها تنظيم داعش ضد اهل الموصل بجميع مكوناتهم وليس المسيحيين فقط".
المدى |