في لحظة انطلاق الحملة الانتخابية ودخولها الوقت القانوني استيقظت اغلب مدن العراق على كم هائل من الملصقات والاعلانات وتنافس المرشحون على حجز الساحات والطرقات والجزرات الوسطية والحدائق والساحات العامة ولم تسلم بالطبع اعمدة الكهرباء واسيجة الجسور بأنواعها من ان تكون مجالا للاعلان عن اسماء وارقام الكتل والمرشحين، وهو منظر اعتدناه مع كل دورة انتخابية حتى ان هذا المشهد المتراكم في حجمه لم يعد يثير حماسة الناخب كثيرا واثبتت التجربة ان النسبة الغالبة من المواطنين لاتثيرهم تلك اليافطات الكبيرة ولاتشكل عاملا حاسما في تحديد وجهتهم الانتخابية ، حتى ان ماتتضمنه من شعارات ووعود ليست بالمستوى الذي يؤثر كثيراً في تغيير قناعات الناخب.
فكثير من المواطنين الذين قرروا الذهاب للانتخابات قد حسموا امرهم سلفا بتوجهاتهم وتبقى النسبة القليلة من المترددين وهؤلاء بطبيعة الحال لايتأثرون لمجرد وجود ملصقات واعلانات عالية الكلفة ووجوه مبتسمة وبعدد كبير، بل ان هؤلاء هم من يبحث عن برامج انتخابية وهم قلة قليلة ويكون المرشح بحاجة ماسة الى الاتصال بهم مباشرة لاقناعهم ولا اظن ان المرشحين يعملون كثيرا بهذا الاتجاه بل ان الغالبية منهم يحاول التركيز على المناطقية وعلى قضية الانتماء العشائري في محاولة لكسب الاصوات.
ان العملية الديمقراطية في العراق لم تصل بعد الى مرحلة النضوج المكتمل وجزئية الدعاية الانتخابية مشمولة بذلك ايضا، لذلك اغلب المرشحين يعتمدون كليا على الكاريزما التي يمتلكها رئيس الكتلة ومعها اتجاهات الكتلة المذهبية التي سيتمكن من خلالها المرشحون من استكمال اصواتهم للوصول الى قبة البرلمان، حيث اثبتت التجارب ان الكثير من المرشحين قد وصل الى قبة البرلمان ولم يحصد سوى عدد من المئات من الاصوات وهي بالمجمل قد تكون اصوات حماياته ان كان برلمانيا سابقا مع بعض من اقاربه وذويه وهذا مايجعل من الدعاية الانتخابية على ضخامتها خالية التأثير، والسبب هو ان الناخب العراقي قد تأدلج مسبقا ولم يعد يبحث عن برامج انتخابية بعد ان غلب عليه الانتماء.
ورغم كل ذلك تشهد مدن العراق اكتظاظا هائلا في مايمكن تسميته حرب الملصقات والذي كان سيشكل عبئا على منظرها لولا حملات الرفع السريع التي لاتقوم بها الجهات المعنية بعملية الرفع بقدر مايقوم بها اشخاص معينون استحضروا عدتهم لينطلقوا لحظة انتهاء عملية الانتخاب ليحصدوا اكبر عدد من الملصقات لما فيها من كميات من الحديد يمكن الاستفادة منها.
سيناريو يتكرر في كل انتخابات ويفقد معناه الحقيقي في الترويج بالشكل الامثل للمرشحين لكن في جانب آخر بات البعض ينتظره لا لشيء الا لانه يشكل مصدرا مهما لتشغيل بعص اصحاب المصالح وورشهم وتشغيل اعداد كبيرة من العاطلين في لصقها ليكون موسما للرزق لااكثر.
عمران العبيدي
الصباح
تعليقات الزوار سيتم حدف التعليقات التي تحتوي على كلمات غير لائقة Will delete comments that contain inappropriate words