التعيينات مشكلة العراقيين الاولى
المواطن العراقي البسيط غدى لا بيحث الا عن الحياة الكريمة البسيطة وعمل يسد رمقه ورمق عائلته. العراقي لا يطمع اليوم الا ان يكون له وظيفة يقتاة منها وحلمه ان يكون موظفا حكوميا.
عندما تجالس مسؤولا في الدولة او صاحب منصب حزبي تجد اغلب المراجعين له والمتقربين اليه هو بسبب نيتهم في تعيينهم او تعيين ابنائهم. حتى ان بعض الاحزاب السياسية تجدها مزدحمة بسبب تمكنها من تعيين عدد معين من المواطنيين والذي جذب الجميع اليه بنفس النية.
التعيين في العراقي مشكلة اصبحت اساسية. حتى المسؤولين ومرشحي الانتخابات تجدهم لا يتحدثون عن المشاريع الاستراتيجية للبلاد وخططهم المستقبلية بقدر ما يتحدثون عن الوعود لتعيين الناخبين لانه نقطة الضعف لدى العراقيين.
وفعلا تم في السنوات المنصرمة تعيين عدد غير قليل من الذين لا يحملون اية شهادات او كفاءات تؤهلهم لان يكونوا في المستوى الذي تعينوا فيه وهم بالطبع من المتنفذين والمقربين الى اصحاب القرار والسلطة وليس الامر اعتباطيا.
طبعا في الامر غرابة وعجب، فالكل يبحث عن التعيين في الدولة والكل يبحث عن راتب شهري من ميزانية الدولة وكل شيء يهون امام التعيين في دائرة حكومية لاسباب منها الراتب الحكومي الكبير وقلة عدد ساعات العمل.
فاذا نظرنا الى الموضوع من وجهة نظر اخرى فانه لا يمكن ان يكون كل المواطنيين موظفين حكوميين. فاذا اصبح الجميع على عاتق الدولة فان الدولة سوف تعجز تماما بعد سنين من تامين الرواتب وستتحول الى دولى استهلاكية تماما ولن تكون منتجا ابدا. وقد لا تكفي ميزانية الدولة لسد الاحتياجات المالية للبلاد وخصوصا في الدول غير النفطية. وحتى لو كانت الدولة منتجة للنفط، فاذا انقضى النفط وانتهى انتاجه فان الدولة سوف تنهار تماما ولن تجد ما تنتجه لتدوير امور الناس. واذا اصبح كل الناس موظفين حكوميين فمن سيصبح حدادا ومن سيصبح نجارا ومن سيكون سائق تكسي ومن سيكون حلاقا وبقالا وما الى ذلك. فان الامر سوف يؤدي الى توقف الحياة العامة في المدينة ولن تجد خبازا تشتري منه الخبز!
في لقائي الشخصي مع السيد عدنان بابا اوغلو مدير دائرة الاحصاء في مدينة كركوك، وحديثنا عن نسبة العطالة بالعراق قال ان العطالة تعني عدم تملك الفرد اي مصدر مالي يؤمن له ولعائلته الغذاء والدواء. اي ان العائلة لا دخل لها تماما وليس لاي فرد من افراد الاسرة دخل يذكر. اضاف السيد عدنان بابا اوغلو بان العراقيين غير المتعينين في الدولة يعتبرون انفسهم عاطلين عن العمل اي ان المواطن صاحب محلات تجارية وله وارد جيد ويركب سيارة فخمة حديثة وليس له راتب حكومي فانه بنظر الجميع عاطل عن العمل. واذا سالته عن عمله سيقول لك ليس لي عمل. لذا فان احصاء العاطلين عن العمل في العراق امر صعب للغاية.
تمعنت في الامر الغريب هذا وتحدثت مع الكثيرين من عامة الناس والمسؤولين. فوجدت ان سبب مطالبة الناس بالتعيين يكمن بالراتب التقاعدي. لان الانسان عندما يكبر ويعجز عن العمل فلا معين له ودخله معدوم فانه سوف يهلك. لذا فان الناس تتقاتل في سبيل التعلق بوظيفة حكومية كي تؤمن منها راتبا تقاعديا لسني الشيخوخة.
و مع مقارنة الامر مع الدول الاخرى، وجدت ان الامر مختلف تماما عما في العراق. فالقصاب والخياط في الدول الاخرى لا يبحث عن التعيين في الدولة. و ليس لديهم مشكلة اسمها التعيين. والكل يعيش ويبدع وينتج وبكل رحابة صدر ونظرة متفائلة الى المستقبل. الامر يتطلب الوقوف بعض الشيء والتمعن فيه.
بعد السؤال وجدت ان الفرق بين الاثنين يمكن هو في موضوع الضمان الاجتماعي. حيث ان المواطنين في الدول الاخرى مسجلين لدى دوائر الضمان الاجتماعي ومكفولين بقوانين هذه الدائرة. ولهم حق في راتب تقاعدي للمرحلة الاخيرة من الحياة تؤمن لهم العيش كما هو للعاملين في القطاع الحكومي.
هذا الامر دفعني هذه المرة للبحث في اوراق دوائر الضمان الاجتماعي في العراق. فوجدت ان في العراق كذلك صدرت قوانين مهمة جدا تعطي الحق للمواطنين العاملين في القطاع الخاص من ان يكون لهم راتبا تقاعديا. وقد اطلعت على هذه القوانين ووجدتها تضمن الكثير من الحقوق ومن الضروري ان يهتم المواطنون العراقيين بهذا الامر.
ففي العراق دائرة التقاعد والضمان الاجتماعي الذي يضمن للعاملين حق الحصول على راتب التقاعد. ليس هذا فحسب بل يتكفل القانون ايضا مصاريف العلاج الطبي للمواطنين المسجلين لديها ويضمن كذلك حق العامل في المكان الذي يعمل فيه اضافة الى ان سنوات الضمان الاجتماعي يضاف الى الخدمة الحكومية حال تعين المواطن المسجل في الضمان.
وفي حال تفعيل الدولة لقوانين الضمان الاجتماعي والاهتمام به فان الدولة سوف تزدهر اكثر فاكثر لان العاملون في القطاع الخاص سوف ينصرفون تماما الى العمل والانتاج دون ان تفسد عليهم خوفهم من المستقبل المجهول عملهم في الانتاج. وستجد المعامل الخاصة تنتج ولديها عمال كفوئيين مضمونين محميين بالقانون والنظام بعكس ما نجده اليوم من تشرذم.
ان المسؤولية الكبيرة التي اجدها ملقاة على عاتق الدولة هي تعريف المواطنين على قوانين الضمان الاجتماعي والعمل كذلك على اجبار مؤسسات القطاع الخاص على تسجيل وضمان موظفيها والاصرار على دعم وتطوير قوانين الضمان الاجتماعي. وادعو هنا كافة المواطنين الى مراجعة دوائر الضمان الاجتمعاعي للتعرف على شروطها والعمل بها لضمان حياة اكثر رفاهية ومحصة بالقوانين محمية من جور اصحاب العمل وتسلطهم على العاملين.
محمد هاشم صالحي
أفكار حرّة |